بحسب نواب عن الموصل فان المحافظ اثيل النجيفي يحاول تأسيس نواة قتالية تكون في طليعة اي جهد عسكري لتحرير الموصل من داعش. لكن الخطوات تجري ببطء، بينما نسمع ان داعش امتلك مؤخرا صواريخ مضادة للطائرات. التنظيم سريع جدا ونحن بطيئون. والامر يثير تساؤلات قاسية عن شكوكنا ببعضنا وشكوك الدنيا بنا.
والامر ايضا يجعلني اقول وانا اقرأ تصريحات النواب: ياه.. تحرير الموصل. انها محتلة منذ اربع شهور بالضبط ونحن نسينا كل شيء عن ذلك وباتت احلامنا منحصرة في ان نمنع سقوط الضلوعية ونحمي بوابات بغداد وبعض بلدات الانبار.
الخبراء يتحدثون بجدية عن امتلاك التنظيم صواريخ مضادة للطائرات. ولا يعنيني مدى صدق الخبر، لكنني افكر وحسب ان تنظيمات كثيرة يمكنها ان تنشأ وتعثر على حكومة فاشلة وتبذل جهدا بسيطا لدحرها فتمتلك ترسانة صواريخ ودروع وربما هليكوبترات. ان مجرد خطور هذا الاحتمال في رؤوسنا هو امر فظيع، يساعدنا على ادراك مدى خطورة ان يكون هناك طاقم فاشل مغرور لا ينصت لنصيحة، ويدير امور العباد والبلاد.
لماذا اصبح التنظيم اسرع خطى منا؟ انه مجموعة مؤمنة بضرورة تماسكها، اما نحن فغارقون في الشك ببعضنا، واذا لم نقم بمعالجة مناخ الريبة القاتل فاننا وشكوكنا هذه سننام في خيام اللاجئين تحت مطر الشتاء، بينما يسخر الخليفة منا.
اثيل النجيفي لم ينجح منذ اربعة شهور في تأسيس قوة قتالية لمحافظته، وهو بالطبع لا يمثل محاولة فردية بل معه معظم اعضاء مجلس محافظة نينوى المنتخب والشرعي. وجميعهم ينتظرون التسليح والدعم من الدولة. وقد منحتهم اربيل معسكرا في سهل نينوى لاستقبال عناصر الشرطة الذين فروا من الموصل، ولديهم عدد اولي في حدود ١٢ الف متطوع. وبينما يتحركون ببطء يتقدم الشتاء بسرعة ليحيط خيام النازحين بالصقيع قرب جبال دهوك وشقلاوة، ولكن لا نحتاج دليلا كي نقول ان الشكوك والارتيابات هي التي تعطل دعم هؤلاء.
ولذلك لم نر لقاءات او حوارات جادة بين القادة في بغداد وحكومة نينوى المحلية، لمناقشة الكارثة والتفكير بخطوات حقيقية للتعامل معها. فالانقسام السياسي يعرقل ويعقد.
ان البطء الحالي ليس مؤشرا جيدا، وهو يحيط بالتساؤلات كل ما نقوله بشأن التغيير وبناء الثقة وفتح صفحة جديدة. وعلينا ان نتذكر فقط ان جزءا من هذا التباطؤ سببه ان الدنيا هي الاخرى تشك في نوايانا وفي قدرتنا على العمل معا بوجه داعش. فنحن داخل طبقتين من الارتياب، مرة نكون محتجزين في مخاوفنا، واخرى مرتهنين بمخاوف الدنيا من نقص حكمتنا وتدبيرنا، اذ ينتظر العالم ان تخرج اشارات اكثر وضوحا بشأن الحوار الداخلي، واوضح اختبار لقدرتنا على امتلاك وجهات نظر متقاربة في الملف الحساس، هو تعاملنا مع متطوعي الموصل، ومع المقاتلين من ابناء صلاح الدين والانبار، وهذا بحاجة الى حوار حقيقي لم نلمسه اثره بعد. والمسؤولية تقع على عاتق النجيفي وفريقه ايضا، اذ ان عليه ان يبادر ويفتح قنوات حوار مع مراكز القوى الاخرى ليذيب الجليد المتصلب.
لقد كتبت هذه السطور بعد حديثي عبر فيسبوك، مع نائب موصلي واخر من النجف، (خلال سفر تم بدعوة كريمة سأكتب عنها لاحقا) بينما كنت احضر حفلا فنيا على ضفة الدانوب، وحين انتبهت الى العزف والالحان رحت افكر كيف ان العراقي المحاط بالبلوى يعجز عن الانخراط الطبيعي في هذا الجو الساحر. وحين يلمح الاف الشباب من متذوقي الالحان عند ضفاف بلغراد، لا يتذكر سوى شباب يحملون الكلاشنكوف هذه اللحظة، ويتبادلون اطلاق النار في كل قواطع العمليات العراقية. شباب نشأوا في رحم القلق، وهم منذ ثلاثة اجيال يحاربون في كل اتجاه، ولم يتذوقوا طعم الحياة الطبيعية المتاحة لشعب بسيط وفقير مثل اهل بلغراد. ان وقوعنا في سجن الشك القاتل لن يمنح لاولادنا سوى رفقة رصاص نشتريه بفلوس النفط الوفير، وبدل ان يتيح لنا البترول تذوق طعم الحياة العادية، فانه يذيقنا طعم الموت الف مرة قبل ان نموت.
النجيفي وداعش وشكوك الدنيا
[post-views]
نشر في: 11 أكتوبر, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
عبد الكعبي
ياه انك تحلم سيد سرمد ، تحرر الموصل من من ، من داعش ، انك والله لبيب جدا ما شاء الله عليك ، كيف دخلت داعش وهل تنمو شجرة ان لم تجد ارضا خصبة ، ام ان يعيش انسان في ارض قاحلة ، استيقض يا سيد سرمد ومعك الحالمون ، انهم قالوها صراحة نار داعش و لا جنة الصفوين اي