TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > استمعوا إلى محافظ بغداد

استمعوا إلى محافظ بغداد

نشر في: 12 أكتوبر, 2014: 09:01 م

في لقاء معه على مائدة إفطار في رمضان الفائت، كشف محافظ بغداد علي محسن التميمي عن انه كان قد قدّم الى الحكومة (السابقة) مشروعاً متكاملاً و"فعالاً" لحفظ الأمن في العاصمة وتعزيزه، بيد انه جوبه بالرفض لأسباب ليست واضحة له وغير مفهومة منه.
المشروع، كما تحدث عنه السيد التميمي بإيجاز، يستند الى التعويل على منجزات التكنولوجيا الحديثة في الرقابة والرصد والمتابعة والملاحقة للإرهابيين وسواهم من الخارجين على القانون. وهذا نظام سائد في معظم الدول المتطورة التي تنشر في شوارع مدنها وساحاتها الكاميرات وأجهزة الكشف الأخرى الالكترونية لضمان عدم إفلات مرتكبي الجرائم، أياً كان نوعها، من العقاب. وفي بريطانيا على سبيل المثال تنجح الشرطة في الكشف عن هويات المجرمين والقبض عليهم في ما يصل الى ثمانين بالمئة من الحوادث الإجرامية والعادية بفضل نظام المراقبة بالكاميرات وأجهزة التحسس.
أمس طرح السيد التميمي في صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" من جديد فكرته، ممهداً لها بالإشارة الى واقع ان نقاط التفتيش (السيطرات) المنصوبة في المدن لم تثبت فائدتها وجدواها "لأننا لم نسمع في يوم ما أن تمكنت إحدى السيطرات من المسك بإرهابي أو سيارة مفخخة، بل تحوّلت السيطرات الى أرض خصبة وجاذبة للإرهابيين بسبب الازدحامات الشديدة"، ودلّل على ذلك باستمرار عمليات التفجير الإرهابية في بغداد، وآخرها تلك التي وقعت في الأيام القليلة المنصرمة.
السيد التميمي يؤكد، في ما نشره للتو وقاله من قبل في ذلك اللقاء، ما نعرفه جميعاً وهو ان هذه السيطرات لا تعدو عن كونها "مصدر إزعاج للمواطن"، ولذا فانه يقترح "رفع كافة السيطرات من شوارع بغداد والاستعانة بالجهد الاستخباراتي وتطويره والسيطرات المتحركة وتجهيزها بمعدات تقنية متطورة في الكشف عن المتفجرات"، ويرى ان "الحل الأمثل للواقع الأمني هو الاستعانة بالشركات العالمية المتخصصة بالشؤون الأمنية من خلال نصب الكاميرات والسونارات وزيادة كفاءة القوات الأمنية".
أتذكر ان السيد التميمي أخبرنا في ذلك اللقاء بان النظام الإلكتروني الفعال الذي سعى لنصبه في العاصمة ومن أجله قابل ممثلي شركات عالمية رصينة، لا تتجاوز كلفته ربع كلفة سنة واحدة فقط من الخسائر المادية التي تتكبدها العاصمة من جراء التفجيرات الإرهابية فيها.
السيد التميمي يعبّر عن الأسف لأن الحكومة السابقة لم تستجب لمسعاه ويدعو الحكومة الجديدة لاتخاذ موقف مختلف، ويبدو مستغرباً من الموقف الحكومي. وإذا عُرف السبب بطل العجب، كما يقال، وأظن ان محافظ بغداد يعرف كما نعرف نحن ان هناك مصالح مادية لثلة من الفاسدين منزوعي الوطنية والإنسانية وراء عدم التجاوب مع مسعاه.. وهي نفسها المصالح التي دفعت للقبول بشراء جهاز زائف لكشف المتفجرات (!) بعشرات ملايين الدولارات، وهي نفسها المصالح التي تجعل القوات المسلحة تواصل استخدام هذا الجهاز المسخرة الذي يتسبب في إزهاق أرواح الآلاف من العراقيين.
من واجب محافظ بغداد، ومن واجبنا معه، الضغط بكل قوة من أجل إحداث تغييرات في القيادات الأمنية بما يسمح بحلول قيادات وطنية محل القيادات الفاسدة.. قيادات تضع نصب أعينها مصالح الشعب وليس مصالحها الذاتية القائمة على سفك الدم وإزهاق الأرواح.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram