تؤكد الأحداث الراهنة في المنطقة صواب نظرة الرئيس مسعود بارزاني، حين دعا قبل شهور لعقد مؤتمر قومي لأبناء أمته، لبحث وضعها الراهن ومستقبلها المأمول، وكيفية مواجهة الأخطار المحدقة التي رآها بعين السياسي الذي يتقن فن قراءة التحولات قبل حدوثها، معتمداً على إرهاصاتها وعلى فهم شديد الوعي للتاريخ والجغرافيا السياسية ومصالح الدول وتقاطعاتها، وإدراك لنبض شعبه وتطلعاته أمته التي منع عنها الاستعمار بعد سقوط الدولة العثمانية حقها في بناء دولتها الوطنية، وقسمها بين أربع دول ليكون أبناؤها في الدرجة الثانية من سلم المواطنة، وليتعرضوا للاضطهاد على يد الأنظمة الفاشية التي حكمت الدول الناشئة بحسب اتفاقية سايكس بيكو، التي تتعرض اليوم للتفكيك وإعادة البناء على أسس جديدة، كان المأمول أن تأخذ بعين الاعتبار رفع الظلم عن الكرد في كل الدول التي تقاسمت السيادة على أرض وطنهم.
لو كان المؤتمر القومي انعقد في أربيل، متجاوزا الخلافات التافهة، لما كان ممكناً لأردوغان العمل على منع سيطرة كرد سوريا على الشريط الحدودي مع تركيا، ولكان سمح لكرد تركيا وسوريا بمقاتلة الدواعش حول عين العرب "كوباني"، بعد أن فتح هؤلاء ثغرة في الأسلاك الشائكة التي تفصل بين تركيا وسوريا، ولما عارضت تركيا بشدة دخول الكرد غير السوريين الأراضي السورية، واصطدمت مراراً معهم ومنعتهم من نجدة أبناء قوميتهم المحاصرين، ما يهدد اليوم عملية السلام الهشة بين الكرد والأتراك، مع أن السياسيين الكرد المنخرطين في مساعي السلام يبدون قدرا أكبر من الحرص، مع اقتناع الكرد السوريين والأتراك بصدق ما يتردد عن التأييد التركي للدواعش رغم نفي أنقرة بقوة.
لاينكر إلاّ الجاحد نجدة الحكومة الإيرانية لكرد العراق عسكرياً، بعد أن وجدوا أنفسهم أمام خطر داعش ودولة الخلافة، ليس حباً بالكرد وانما تعبيراً عن استراتيجية إيران حيال العراق وسوريا وتركيا، لحماية نفوذها في بغداد، وللسيطرة على شرق سوريا، والتأثير على العلاقة الكردية مع تركيا، وهي بنجدتها قدمت نفسها كحامية للكرد السنة والعرب الشيعة، مع غياب الاهتمام العربي بما يحدث في العراق بشكل عام وفي إقليم كردستان على وجه الخصوص، ما أعطى الكرد حق الشعور بالامتنان للإيرانيين دون اهتمام بطبيعة أهدافهم، هذه النجدة رافقها تهديد للزعماء الكرد من نتائج الانفصال عن العراق، وتلميح إلى معاقبتهم بإقفال كل المعابر بين البلدين، وبدعم أي فريق يواجه هذا المشروع الذي اعتبرت أنه يهدد أمنها القومي، والسؤال المطروح هل كانت ايران ستتخذ نفس الموقف لو انعقد المؤتمر القومي، ووحد أهداف الكرد جميعا تحت مظلة قومية واحده.
يقف المجتمع الدولي اليوم بجانب حقوق الأمة الكردية، وهو موقف يحتاجه الكرد في أي موقف يتخذونه مستقبلا لإنجاز حلمهم القومي، وبديهي أن حلمهم لن يتحقق بناء على رغبتهم وحدها، وتجربة جمهوريتهم قبل حوالي 100 عام دليل على ذلك، فهي بنيت على توافق أميركي سوفيتي وانهدمت حين تبدلت علاقات البلدين، ذلك ما يدركه مسعود البرزاني وهو ينادي باستغلال الظرف الدولي لتحقيق الحلم القومي، فيما يناور "قادة" آخرون في حدود ضيقة لضمان مصالحهم الشخصية والحزبية، ويخوض آخرون مغامرات تنم عن قصر النظر يعرضون فيها أبناء قوميتهم لمخاطر وجودية خدمة لأهداف أنقره التوسعية، كما يجري في كوباني، التي تتعرض لحرب إبادة، بينما تبتعد فرصة تحقيق حلم الأمة الكردية الذي يسعى البرزاني لتحقيقه.
حلم الأمة الكردية وتعدد الولاءات
[post-views]
نشر في: 14 أكتوبر, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
د عادل على
تركيا كانت وما زالت القاتله رقم واحد للشعب الكوردستانى-----بعد مدبحه الارمن التى كلفت حياة ميليونين برىء من قبل اتاتورك وبعدها جاءت مدبحه الكورد التى كلفت ميليون انسان حياتهم لمجرد كونهم كوردا----والترك كلهم يقدسون اتاترك-----------ولم تقصر القوة الجوي