المنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان، كمنظمة العفو الدولية "أمنستي إنترناشنال" ومراقبة حقوق الانسان "هيومن رايتس ووتش"، لا تنطق عن الهوى في تقاريرها الدورية أو تصريحات المسؤولين عنها. انها تقوم بعمل إنساني جبار في عالم لم يزل متوحشاً، مستندة الى شرعية حقوق الانسان وسائر الوثائق الدولية المصادق عليها من الأغلبية الساحقة من حكومات الأمم المتحدة.
نحن الذين كنّا في صفوف المعارضة العراقية السابقة واضطُررنا للعيش في المنافي، بما فيها بلدا المنظمتين بريطانيا والولايات المتحدة، نعرف أكثر من غيرنا الطريقة المُكترثة للغاية التي تعمل بها هاتان المنظمتان .. من النادر أن تُمرر من خلالهما معلومات غير صحيحة.. قد تكون ناقصة أو غير دقيقة تماماً، ولكن ليست مُلفقة. وفي أيام المعارضة كنا نحمل على نظام صدام لأنه يندد بتقارير المنظمتين عن انتهاكاته لحقوق الانسان وينكر الوقائع التي كنّا نساهم في تقديمها الى المنظمتين مدعمة بالوثائق، وكنا نرى ان ما تحمله تلك التقارير لم يكن يعكس الحقيقة كاملة عن الانتهاكات، وعند سؤال المسؤولين في المنظمتين عن سبب ما نراه قصوراً في معلوماتهم نُجاب بانهم لم يتوثقوا من تلك المعلومات وانهم عاملون على التوثق.
في آخر تقرير لها أصدرته أمس اتهمت المنظمة عناصر "ميليشيات شيعية" بارتكاب انتهاكات فظيعة لحقوق الانسان فيما تخوض البلاد حرباً ضد تنظيم "الدولة الاسلامية" الإرهابي. وتضمن التقرير وقائع دقيقة عن بعض هذه الانتهاكات ومنها الخطف والقتل على الهوية.
بالنسبة للعديدين منّا لم نكن نحتاج الى هذا التقرير وسواه لمعرفة حقيقة ما جاء فيه .. بعضنا شهود عيان على هذه الانتهاكات، فبعض عمليات الخطف تجري في النهار وسط الشوارع وداخل الأحياء السكنية أمام أنظار الناس وعناصر الجيش والشرطة، فيما تُترك جثث القتلى عادة في العراء.
الذين ينكرون وقائع الانتهاك هذه وينفون ما تقوله منظمة العفو الدولية و"هيومن رايتس ووتش"، انما يفعلون ذلك ليس جهلاً في الغالب وانما للتستر على هذه الجرائم. الميليشيات موجودة في حياتنا. ليس في وسع أحد الإنكار، وعلى هامش هذه المليشيات تتشكل وتنمو عصابات إجرامية تعمل الى جانب "داعش" في انتهاك أمن الوطن والمواطن.
"داعش" وسواه من المنظمات الإرهابية، مكروه لأنه يرتكب الانتهاكات الفظيعة، ولأنه يعمل خارج إطار الدولة وخارج حدود القانون، وهذا هو مرتكز الإدانة له والتنديد بممارساته الارهابية. والرد على إرهاب "داعش" لا يكون بالعمل بأسلوبه وطريقته في قمع المخالفين والمشتبه بهم وإزهاق أرواحهم وتعريضهم لممارسات الإهانة والأذى النفسي والجسدي. الاسلوب الناجع لمواجهة الارهاب هو بالتقيد بمبادئ ومعايير حقوق الانسان وحفظ كرامة الناس.
على مدى التاريخ لم يحدث أن بُنيت دولة أو تحقق الأمن والاستقرار بوجود الميليشيات المسلحة والعصابات الإجرامية، ولن نكون استثناءً من هذه القاعدة .. الدولة، الحكومة والبرلمان والقضاء، مطالبة بفرض القانون وعدم التهاون في ما يتعلق بحقوق الانسان.. والتغاضي عن أي انتهاك سيعني التفريط بهذه الحقوق وزيادة انتهاك القانون والحقوق، وسيؤلب المزيد من الناس على الدولة وسيقوي من جبهة "داعش". فهل هذا ما نريد؟ وهل بهذا نحقق النصر على "داعش"؟
العفو الدولية والميليشيات
[post-views]
نشر في: 14 أكتوبر, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 4
كاطع جواد
ان أكثرية الملتحقين بداعش خاصة من بسطاء الناس و بالذات من المكون السني هو بسبب ممارسات طائفية تقوم بها هذه المليشيات او من يساندها من القوات الأمنية في خرق فاضح لحقوق المواطن وكلها تحت مسمى الدفاع عن المواطن العراقي و الذي هو بالحقيقة تعزير لنفوذ المليشي
متابع
لن يكون هناك نصراً على داعش ما دام هناك دواعش مسكوت عنهم فكل جريمة او انتهاك لحقوق الانسان من قبل المليشيات الطائفية الرسمية او الخفية يولد بسببهاعشرات الناقمين وهم رصيدومورد بشري لداعش .العنف يولّد العنف والدم يؤدي الى الدم.منذ عام2003 ولحد الآن ارتكبت ا
د عادل على
الارهاب والميليشيات لم يكونوا موجودين لا فى زمن عبدالكريم قاسم ولا فى العهد الملكى--------والطائفيه لم تكن حادة فى العصرين الدهبيين-----لكى لا نخادع انفسنا يجب ان نكون صادقين مع انفسنا-----------الدوله والقيادات العسكريه والبنوك والسفارات والعيش الاحسن ف
د عادل على
توقعات الصحف البريطانيه بشان داعش وزحفه على بغداد تقول انه فى الايام القادمه سيهاجم داعش على بغداد وان 10000 داعشى منتظرون على بعد10 كم من بغداد----------الصحف تقول ايضا ان عمليات كوبانه كانت لابعاد نظر العراقيين عن الهجوم المرتقب على بغداد----ا