بعد إنجازه لفيلم (JFK) شعر اوليفر ستون انه لم يستكمل تصفية حسابه مع سلفه المؤسسة الأميركية كما يقول الناقد الكبير ابراهيم العريس .. فكان ان وجد في شخصية الرئيس نيكسون ضالته، لاشكالية شخصيته، اولاً وتاريخه خصوصاً من جهة ارتباطه بالمكارثية بوصفه احد رموزها .. وايضاً – وهذا هو الأهم – اقتران اسمه وحكمه بواحدة من اشهر الفضائح في التاريخ الأميركي المعاصر، واعني بها فضيحة ووتر غيت .. التي سرعان ما أطاحت به وأنهت مسيرته السياسية..
مع فيلم نيسكون، يكمل ستون ما بدأه في فيلمه عن كينيدي بالخوض في خفايا ودهاليز صناعة القرار الأميركي في اعلى مستوياته والسعي لكشف التواطؤات والصفقات غير المعلنة، وكذلك طريقة التعاطي مع كبرى المشكلات التي لايهم معها إسقاط البعض، والتشويه المتصدر، وايضاً صياغة الذرائع بالطريقة التي تكون بها النتائج مبررة.
وبالطبع مع شخصية إشكالية مثل نيكسون، وفترة ملتبسة من تاريخ أميركا، يتجمع الكثير من الأسباب التي تناسب أسلوب تفكير مخرج من طراز ستون .. وباعتبار ان ((ووترغيت)) هي المفصل الأهم في مسيرة الرجل، وأميركا على حد سواء، فإنها كانت البوابة التي يلج منها ستون ليطمئن لقناعاته الفكرية في معاداة الايديولوجية الأميركية.
لكنه ، وكما عادته في أفلامه التي تنتهج السيرة في موضوعاتها ، فانه يفاجئ المتلقي بالطريقة المغايرة التي يتناول بها سيرة الرئيس الـسابع والثلاثين ، في فترة تاريخية محتدمة.
ومثلما لم يكن الاغتيال بحد ذاته، بل أسبابه وحيثيات تنفيذه بعيداً عن الروايات الرسمية، هو قضية ستون في فيلم (JFK) فانه في فيلم نيكسون .. لم تكن ((ووترغيت)) وبشكلها المجرد هي قضيته، بل في افتعالها وطريقة عرضها ثم الصاقها بالرجل، والاهم السعي لوضعها في سياقها التاريخي بوصفها نموذج للدسائس والمؤامرات التي يعج بها البيت الأبيض كما يرى ستون..
المفاجأة في فيلم نيكسون انه قدم الرجل كضحية لمؤامرة اكبر تتجاوز حدود الصورة النمطية عنه والتي ترسخت في قناعات الكثير من معادي ايديولوجية المؤسسة الأميركية ومنهم اوليفر ستون نفسه والتي تجلت في كثير من أعماله السينمائية ...
واذا كان ستون قد نجح في جعلنا نتعاطف مع نيكسون الرئيس الضحية بانصرافه عنه وهو يستعرض مراحل من حياته، فانه في الوقت نفسه لم يتوان عن تشريح سلطة المؤسسة وابرز مساوئها.
يقدم ستون هذه الشخصية وبخلاف ما فعله مع بوش الابن بعد اكثر من عقد من الزمن، حيث اسقط قناعاته وتصوراته بشكل مباشر على هذه الشخصية حد مسخها بل والسخرية منها ..
فانه مع شخصية نيكسون يعمد الى تحييد الجانب الانساني من سيرته ليبدو منفصلا عن نيكسون السياسي المنخرط في لعبة المؤسسة الأكبر، والمؤسسة التي تمسك بكل خيوط اللعبة، ثم ليخرج خاسراً خالي الوفاض .. منهياً حياة سياسية عاصفة..
ففي الوقت الذي يقدم دراما مكثفة عن حياة الأميركي الذي اصبح رئيساً، فانه يفرد جانباً مهما من معالجته لموضوع ووترغيت في كونه فضحا لمكر المؤسسة ودناءة ألاعيبها.
في أفلامه الثلاثة التي تناولت سيرة رؤساء أميركا ، وفي مراحل تاريخية متباينة ، كانت لستون قراءته الخاصة لسيرهم وهي قراءة لاتنفصل عن السياق التاريخي لها، بل وحتى عن أفكاره ومواقفه المعلنة.
السيرة وأفلام ستون-5-
نشر في: 15 أكتوبر, 2014: 09:01 م
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/almada-ad.jpeg)
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/almada-ad.jpeg)
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/Almada-logo.png)