اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الطائفية السياسية وصراع الدول

الطائفية السياسية وصراع الدول

نشر في: 17 أكتوبر, 2014: 09:01 م

بات واضحاً أن الحكم بإعدام المواطن السعودي الشيعي نمر النمر، سيتحول إلى أزمة كراهية طائفية عابرة للحدود، رغم أن المحكمة التي أصدرت الحكم تقول إنه جاء بعد اعترافه بالتهم الموجهة إليه، وأبرزها التحريض على إسقاط نظام الحكم في السعودية والبحرين، واعتباره أن حكومة بلاده غير شرعية، والمطالبة بإسقاطها وتحكيم ولاية الفقيه، لكن الواضح أيضاً أن هناك حملة ضد معتنقي المذهب الشيعي، " اسمه الرسمي في السعودية الفكر المنحرف أو المنهج التكفيري"، ويتعرض الناشطون من هذا المذهب للقمع، بتهم الافتراءات على ولي الأمر والقدح في العلماء السُنًة والسلفيين، وإنشاء معسكرات تدريب بهدف الإخلال بالأمن، وهي تهم تقود إلى الإعدام أو السجن لفترات طويلة، أو طرد غير السعوديين إلى أوطانهم، ما يؤشر إلى توجس حقيقي في صفوف النظام السعودي من هؤلاء، ويلاحظ أن وتيرة ملاحقتهم ارتفعت مؤخراً، والسبب الحقيقي لذلك طائفي بامتياز.
المثير في الأمر أن تتصدى طهران،وهي تعتبر نفسها حامية للمذهب الشيعي، للطعن في حكم سلطات دولة أخرى ضد مواطن يحمل جنسيتها، وتحذر على لسان نائب وزير خارجيتها من خطر تأجيج التوتر في العالم الإسلامي، وتؤكد أن الحكم سيهين مشاعر المسلمين ويثير ردود فعل دولية، وأن مثل هذه القرارات لا تساهم في عودة السلام والهدوء إلى المنطقة، كما شددت جمعية الوفاق البحرينية المعارضة على أن الحكم الصادر بحق الشيخ النمر، قد يؤدي إلى تداعيات تزيد من تعقيد الأمور وتصب الزيت على النار، وواضح النفس الطائفي الفاقع في قرار المحكمة أولاً، وفي موقف إيران والمعارضة البحرينية، الذي يمكن بمنتهى البساطة اعتباره تدخلاً في شؤون دولة أخرى، ليس له ما يبرره، إلا إن وافقت إيران على تفسير يقول إن الشيخ النمر وأي معتنق للمذهب الشيعي، يدين بالولاء الطائفي السياسي لنظامها، ويعادي نظام الدولة التي يحمل جنسيتها.
لسنا بصدد الدفاع عن السعودية ولا إدانة إيران، فموقف كليهما طائفي مرفوض، ونحن نعتبر الإسلام واحداً لانفرق بين شيعته وسنته، ولا نمنح أنفسنا حقاً ليس لها، بتكفير من يعلن أيمانه بوحدانية الخالق ورسالة الإسلام، لكن من واجبنا التحذير من فكرة حماية دولة لمواطني دولة أخرى، والدفاع عنهم لمجرد اعتناقهم مذهبها، وإلا لبات من حق أي دولة تعتنق المذهب السني، الدفاع عن معتنقي هذا المذهب في ايران التي لن تقبل ذلك طبعاً، ولكان من حق فرنسا أو بريطانيا الدفاع عن المسيحيين المضطهدين في منطقتنا، ومن حق إسرائيل الدفاع عن أي يهودي في العالم، وهكذا تتأسس حدود جديدة لنفوذ الدول، على أساس الانتماء الطائفي بعيداً عن الهوية الوطنية وإلغاءً لها.
قصارى القول إن الطّائفية وباء لا تحتكره الأديان والمذاهب، فهي تشمل كل أشكال التعصب، غير أن الطّائفية الدّينية والمذهبية هي الأخطر، وهي اليوم تجد متنفسها مع تصاعد حضور الإسلام السياسي، وهو تصاعد "سلبي" لعدم تمكنه أو رغبته في احتواء أبناء الطائفتين في حزب أو كيان واحد، كما أن أوضاع المنطقة المتفجرة والملتهبة تفرض على الرياض وطهران اللجوء إلى الحنكة والهدوء، في التعاطي مع القضايا الحساسة، وأن تنتبها إلى توسع نفوذ الدواعش، وهم يهددون جميع المسلمين بغض النظر عن مذاهبهم، ويستهدفون أتباع الديانات الأخرى، ويهددون أمن واستقرار المنطقة، ما يوجب على قياداتها وقف انحدارها إلى مستنقع طائفي، يصعب الخروج منه على مدى أجيال.
لا نُجرّم الشيخ النمر، ولا نُقر بقمع أي معارض لنظام الحكم في بلاده، باستثناء المعارضين على أسس طائفية، لكننا نرفض الفزعة المفتعلة، خاصة إن أتت من دولة أخرى، وعلى أساس سياسي يلبس عباءة الطائفية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

العراق الثاني عربياً باستيراد الشاي الهندي

ريال مدريد يجدد عقد مودريتش بعد تخفيض راتبه

العثور على جرة أثرية يعود تاريخها لعصور قديمة في السليمانية

"وسط إهمال حكومي".. الأنبار تفتقر إلى المسارح الفنية

تحذيرات من ممارسة شائعة تضر بالاطفال

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

 علي حسين ما زلت أتذكر المرة الأولى التي سمعت فيها اسم فولتير.. ففي المتوسطة كان أستاذ لنا يهوى الفلسفة، يخصص جزءاً من درس اللغة العربية للحديث عن هوايته هذه ، وأتذكر أن أستاذي...
علي حسين

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (1-2)عطلة نهاية العام نقضيها عادة في بيت خوالي في بغداد. عام ١٩٥٨ كنا نسكن ملحقاً في معمل خياطة قمصان (أيرمن) في منتصف شارع النواب في الكاظمية. أسرّتنا فرشت في الحديقة في حر...
زهير الجزائري

دائماً محنة البطل

ياسين طه حافظ هذه سطور ملأى بأكثر مما تظهره.قلت اعيدها لنقرأها جميعاً مرة ثانية وربما ثالثة او اكثر. السطور لنيتشه وفي عمله الفخم "هكذا تكلم زارادشت" او هكذا تكلم زارا.لسنا معنيين الان بصفة نيتشه...
ياسين طه حافظ

آفاق علاقات إيران مع دول الجوار في عهد الرئيس الجديد مسعود پزشكیان

د. فالح الحمراني يدور نقاش حيوي في إيران، حول أولويات السياسة الخارجية للرئيس المنتخب مسعود بيزشكيان، الذي ألحق في الجولة الثانية من الانتخابات هزيمة "غير متوقعة"، بحسب بوابة "الدبلوماسية الإيرانية" على الإنترنت. والواقع أنه...
د. فالح الحمراني
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram