بات واضحاً أن الانقسام النهائي، هو المآل المنتظر لخلافات قياديي الإخوان المسلمين في الأردن، نتيجة تناحر قيادات الجماعة وعدم اتفاقهم وتبادل الاتهامات بينهم، وصولاً إلى اتهام بعض القيادات باللجوء إلى المال السياسي، لضمان النجاح في الهيئات القيادية التي تتمتع بالامتيازات، ولم تكن مجدية مبادرة الأمين العام الأخيرة الرامية لإنهاء الخلاف، بعد انسحاب عدد من القيادات البارزة من الجلسة الطارئة السرية التي عقدها مجلس شورى الجماعة قبل أيام، نتيجة عدم تلبية المبادرة لمطالبهم بإقالة المراقب ومساعديه، واقتصارها على التعهد بإجراء انتخابات مبكرة.
في تعبير عن "أمانة المسلم" ورغم أن الجلسة كانت سرية، فقد سرب قادة من الإخوان بعض تفاصيلها، ومنها أن مبادرة المراقب تضمنت نقاطاً من أبرزها الفصل بين السلطات، وانتخاب المراقب من الهيئة العامة، وتقليص صلاحيات المكتب التنفيذي، وتعزيز دور القضاء والرقابة، وتمكين الشباب والمرأة، وتعديل اللوائح الانتخابية بما يضمن إلزامية التداول على المواقع القيادية، وإسقاط شرط دفع الاشتراكات المالية للناخبين، غير أن المنسحبين وهم من الحمائم، كانوا على ثقة بأنها ليست أكثر من محاولة التفاف على مطالبهم، خصوصاً وأن بعض الصقور سرّبوا أن الخلاف الذي شهدته الجلسة كان في أدنى حدوده، وأن سقف مطالب الحمائم تغير إلى حد كبير، حيث تنازلوا عن مطلبهم باستقالة المكتب التنفيذي مكتفين بطلب تعديله، غير أن قيادات بارزة في الحمائم نفت ذلك جملة وتفصيلاً.
واضح أن زعيم الصقور المراقب العام، يناور وهو يلتزم بجدولة مطالب الطرف الآخر في مدة أقصاها نهاية العام، لكن الحمائم يدركون حدود هذه المناورة، وهم الخبراء بمؤامرات الصقور، الذين يقودهم المراقب الذي تبنى قراراً بفصل ثلاثة قياديين طرحوا مبادرة إصلاحية حملت اسم زمزم، وهم يعرفون أن تنظيمهم لم يقدم شيئا لمجتمعهم، وأن أكبر طموح لدى قياداته هو الوصول إلى المراكز النيابية، أو الحصول على بعض الحقائب الوزارية، وأن وصولهم للحكومة المقبلة سيشكل معضلة كبيرة، لأنهم يفتقرون لبرامج سياسية واضحة لأنفسهم، ولا يحملون برامج سياسية يقدموها للشعب، وبالتالي من لا يملك كيف يحقق إصلاحاً، وأنه نتيجة لذلك يلجأ الصقور لهذه الضوضاء الناجمة عن خطابات ومسيرات لا تسمن ولا تغني من جوع، ويعتبرونها بديلاً عن الخطاب السياسي الواعي والناضج.
يفترض المنتسبون للجماعة أو يظنون، أن قيادتهم تقتدي بنبيهم وتمتثل لأسس منهجه، ومنها الابتعاد عن مواطن الخلاف، ولكن واقع القيادة المخفي عن الأعضاء هو سيادة الخلافات المخزية والمذلة في التنافس على أدنى المناصب، والاستعداد لتجاوز كل الأعراف والقيم، لتحقيق مآرب صغيرة كرئاسة فرع، أو ما شابه، دون أي تفكير مسؤول بوضع برامج إصلاحية، ضمن الشعار الذي ما يزال فارغا "الاسلام هو الحل"، فيما يقتصر نشاطهم على مشاركة الجمعيات الخيرية في رعاية الفقراء والأرامل ،وتنظيم حفلات الزفاف الجماعي، ما يؤكد أن هذه الجماعة صاحبة الفكر المغلق، والتي يتنازع قادتها على جلد الدب قبل اصطياده، ستلحق بالفرع المصري، حتى قبل أن تتاح لها فرصة تكرار تجربته الفاشلة، والتي كادت تهدم أسس الدولة المصرية.
بالطبع لا تعني هذه المتابعة أي قناعة بقدرة الإسلام السياسي على الحكم لكنها تطرح سؤالاً هو هل يمكن لمثل هؤلاء حُكم الأردن؟ سؤال يقول منطق الأمور أنه لن يكون لهم حظ بذلك، إلاّ إن افتقد الأردنيون نعمة التدبر والتفكير السليم، والحس السياسي الواضح.
هل يحكم الإخوان الأردن؟
[post-views]
نشر في: 19 أكتوبر, 2014: 09:01 م