اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شعوذة سياسية

شعوذة سياسية

نشر في: 20 أكتوبر, 2014: 09:01 م

كانت الشعوذة فيما مضى تقترن فقط بمن يطلقون البخور في حجرات مظلمة تشبه زوايا النفق المرعب ويتمتمون بطلاسم ليس لها أي معنى ويخدعون الناس – النساء خصوصا – بقوة تأثيرهم لتسيير حياتهن وفق نصائحهم التي تقود غالبا الى (هجمان) بيوتهن.. في السنوات الاخيرة ، صار يمكننا ان نرى مشعوذين عديدين بوجوه زائفة ومنهم السياسيون الذين يعدون الشعب باحلام وردية لامجال الى تحقيقها او الذين يوهمون الناس انهم يقدمون انجازات كبيرة فيجعلون الابيض اسود والاسود ابيض ويزيفون الحقائق لخداع الناس ..الغريب انهم يقدمون للناس ابسط حقوقهم ويعتبرونها انجازات فتوفير الكهرباء ومجانية التعليم والخدمات الصحية والسكن والماء الصالح للشرب والقضاء على البطالة هي من ابسط حقوق المواطن العراقي الذي يعيش في بلد يفترض انه يطفو على آبار من الذهب الاسود لكن الاعلان عن محاولة توفير تلك الحقوق للمواطن – في فترة الانتخابات خصوصا – يعتبر انجازا للمسؤول او المرشح للانتخابات والاغرب من الغريب ان شعوذة هؤلاء المسؤولين او المرشحين تخدع المواطن ..ربما لأنه يفضل تصديق الكذب ليخدع نفسه بتحقيق احلامه عسى ان تتحقق فعلا على يد مسؤول نزيه !!
هذه الايام ، تقام احتفالات في مختلف الوزارات والدوائر باسبوع النزاهة يشارك فيها الموظفون والمدراء ليوزعوا الابتسامات هنا وهناك على اعتبار ان مصطلح ( النزاهة ) يشملهم.. بعضهم يلقي الكلمات الرنانة ليدين الخارجين على النزاهة او يصف باسهاب نزاهة المؤسسة التي يعمل فيها ومن يديرها فيستحق تصفيقا حارا من الحضور في القاعة وتجري احتفالات مماثلة في مختلف المؤسسات عملا بالمثل الشعبي المعروف (ياكل ويكول لروحه عوافي) ..انهم مشعوذون من الطراز الاول فهم يكذبون ويصدقون كذباتهم ويدعون المواطنين الى تصديقها بدورهم.
اذا كان الجميع نزيهين اذن في الدوائر والمؤسسات الحكومية فمن يعقد الصفقات المشبوهة وكيف تتسرب اموال الدولة من خزائنها بكل بساطة لتصل الى جيوب المسؤولين وارصدتهم في مصارف العالم ..كيف يجري تعيين موظفين في دوائر عديدة لقاء مبالغ محترمة او تنجز مشاريع كبيرة بمبالغ لاتصل الى اقل من ربع المبالغ المرصودة لها والتي تتجاوز احيانا المليارات وكيف يتم شراء مناصب وتزوير شهادات دراسية واختزال خدمات مخصصة للمواطن باقل كلفة لضمان بقاء ما يكفي لانعاش جيوب مخططي ومنفذي تلك المشاريع والخدمات ..
لا مكان للنزاهة في بلد يسعى فيه المسؤول لتثبيت اقدامه في المنصب او المؤسسة التي يعمل فيها بينما ينبغي عليه ان يسعى لتثبيت اقدامها ، ولا يحترم آدمية الموظف ولا يمنحه حق الاقتراح والمشاركة ولا يمنحه ايضا ترقية اذا تفانى في عمله بل يضاعفها له اذا تفانى في مدحه.. وقد يسرق المسؤول او المدير افكار الموظف وينسبها لنفسه ويهدده بتدمير مستقبله لأنه واثق من ان مستقبله في يده ...
في بلد تصبح النزاهة فيه مفردة يمكن الاحتفال بها باقامة الاحتفاليات والقاء الخطب لا بتأشير الاخطاء وفرز الفاسدين والمفسدين ومعاقبة السارقين والمرتشين ، لابد ان تصبح الحقوق المسلوبة اكبر بكثير من الانجازات وتعجز السلطة عن مداواة جروح المواطنين وسد ثغرات عجزها عن انقاذهم ، ولكي تثبت لهم انها قادرة على تنظيف المؤسسات من الفساد واعادة الروح الى مفردة (النزاهة) ينبغي عليها ان تثبت لهم اولا ان هدف السلطة ليس السلطة نفسها بل خدمة الخاضعين لها اولا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ابو اثير

    سيدتي الفاضلة... أن مكاتب النزاهة والمفتش العام حلقة من حلقات الفساد وسرقة المال العام وسأعطيك مثلا واحدا على سبيل التعريف لا غير فمفتش العام والنزاهة في وزارة الثقافة لو تعدين وتحسبين عدد السفرات وألأيفادالتي حصل عليها منذ تسنمه منصبه ولحد ألآن فهي تعد

يحدث الآن

ليفربول يخسر وديا أمام بريستون

مجلس الخدمة ينشر توزيع حملة الشهادات والاوائل المعينين حديثا

البرلمان يشكل لجنة إثر التجاوزات على اقتصاد العراق وأراضيه

بايدن يرفض دعوات الانسحاب من الانتخابات الامريكية : انتظروني الأسبوع المقبل

وفاة محافظ نينوى الأسبق دريد كشمولة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram