في ساعة مبكرة من صباح تشرين الثاني واليوم الثاني منه، تم العثور في عام 1975 على المخرج الايطالي بيير باولو بازوليني (53 عاماً آنذاك)، ملقى على الأرض، وقد اشبع ضرباً، كما سارت عليه سيارته الخاصة (الالفا روميو)، وبعد 12 ساعة، اعترف شاب في السابعة عشرة

في ساعة مبكرة من صباح تشرين الثاني واليوم الثاني منه، تم العثور في عام 1975 على المخرج الايطالي بيير باولو بازوليني (53 عاماً آنذاك)، ملقى على الأرض، وقد اشبع ضرباً، كما سارت عليه سيارته الخاصة (الالفا روميو)، وبعد 12 ساعة، اعترف شاب في السابعة عشرة من عمره باقترافه الجريمة، ومع ذلك ، وبعد مرور – 40 عاماً – فأن الحقائق المعروفة للجريمة ما تزال غامضة، والقضية مفتوحة حتى اليوم.
وفيلم آبيل فيرارا الجديد (بازوليني) بطولة ويليام دافو في الدور الرئيسي، يتضمن اليومين الاخيرين من حياة المخرج الإيطالي، والفيلم يشدك اليه، كما لو كان من أفلام الإثارة وشد الأعصاب، ومع ذلك فهو يترك النهاية ضبابية، كما هي في الحقيقة.
ويقول المخرج (انا لا اهتم بمن قتل بازوليني، ما يهمني انه قُتل) ويستطرد فيرارا قائلاً: (من كان خلف مقود سيارة (الفاروميو) لايمكننا معرفة ان كان قد سار على جسد بازوليني عمداً! من يدري؟ كان ذلك الرجل اسمر اللون، وكانت أضواء السيارة مطفأة . ويواصل فيرارا حديثه: "لايعقل ان يقوم مخرج أميركي مثلي بكشف حقيقة ما حدث قبل 40 عاماً، فانا لست محققاً في الشرطة".
جوزيب بيلوسي، كان معروفاً لاصدقائه باسم (ضفدع الطين)، وكان يجوب شوارع روما، وحول محطة القطار في روما. بازوليني، الشاذ جنسياً، التقطه من هناك بسيارته، وتوجه بعدئذ نحو اوستيا، بعد قيامه بشراء صحن من السباغيتي، من مطعم في الطريق، وما حصل بعدئذ يبدو غامضاً ويبقى غير واضح، وعلى قوته ، فان (بيلوسي) لايقدر وحده على توجيه تلك الضربات وبتلك الطريقة العنيفة، كما ان ملابسه كانت نظيفة، بدون وجود نقطة من الدم عليها، وقد سجن بيلوسي تسعة أعوام عن الجريمة، وهو اليوم يدعى ان ثلاثة مهاجمين – على الأقل – كانوا موجودين في ادروسكالو، وهوياتهم لم تزل غير معروفة، حتى بالنسبة لبيلوسي والذي يقول بلهجة هادئة "كانوا يتحدثون بلهجة صقلية، وربما كانوا معروفين بالنسبة لبازوليني، الذي استخدم المدينة الصقلية (كاتاينا) والمنحدرات البركانية بجبل (اتنا)، مواقع لتصوير فيلمه."
وطوال أربعة عقود من الزمن، كان (بيلوسي) خائفاً من قول الحقيقة، او هذا ما يقوله المخرج فيرارا، الذي قابله مع عدد من الناس الذين كانوا يعرفون بازوليني، ويقول فيرارا: "بيلوسي كان خشناً، وقد دخل وخرج من السجن طوال حياته، وهو يغير قصته باستمرار، ولم يمكن الحصول منه على الحقيقة مباشرة."
المنطقة السكنية التي كان يسكن فيها بيلوسي لم تتغير قط منذ ارتكاب الجريمة، ويقول فيرارا الذي صور عددا من مشاهد فيلمه فيها: "مثل هذه المناطق لا تشهد تغييراً، كما انه صور مشاهد اخرى في شقة بازوليني حيث عاش مع والدته سوزانا).
دافو، الذي يشير الى بازوليني"مفكر أصيل ومتنبئ، ارتدى الملابس العائدة للمخرج والتي أخذها من أصدقاء بازوليني وأفراد عائلته، ويقول ان هذه التذكارات لها قوة خاصة وسحر، وقد جعلتني اتواصل مع الماضي."
وفيرارا الذي ولد عام 1951، في برونكس، وكان في الـ17 من عمره، عندما اكتشف ان بازوليني يقول "بالنسبة لشخص ايطالي مثلي، كان بازوليني وحياً، وقد نشأت احب السينما، اشاهد الأفلام وافضل روبن هود ، سبارتكوس، و (السيد)، لكن بازوليني يختلف عنهم، فهو يختار الممثلين من الشارع مباشرة، ولايوجد من يشبه بازوليني الان، وقد يكون (الدلاي لاما)، كان بازوليني ناشطاً سياسياً ومتنبئاً."
ومن افضل أفلام بازوليني في رأيه (الانجيل) 1967 ويقول عنه، (كان شجاعاً، هاجم الديمقراطية المسيحية والفاشية الجديدة).
وعلى الرغم من ان بازوليني ولد في بولونيا عام 1922، فانه اصبح كاتباً في روما، واصدر روايته (راغازي) عام 1955.
وبالنسبة للروائي ايتالو كالفينو، فان وفاة المخرج عائدة للعنف والايديولوجيات الخاطئة، وفي اواخر ايامه، كان بازوليني مستاء من الاقتصاد الرأسمالي الحديث، ومظاهره على الطريقة الاميركية الجديدة للاستهلاك.
وكان (سالو) أو (الأيام 120 لسدوم) آخر أفلام بازوليني عام 1973 بأسلوب اقرب الى الواقعية الجديدة، ويتناول ايطاليا في زمن موسوليني.
 عن: الغارديان