الدكتور رفعت السعيد ( 1932 - ...) سياسي ومفكر مصري مرموق، أغنى الحياة السياسية والفكرية في بلاده منذ الاربعينيات من القرن الماضي، بنشاطه السياسي في إطار الحزب الشيوعي المصري ثم التجمع الوحدوي الناصري. وبسبب ذلك تعرض للاعتقال مرات عدة، وعرف بمعارضته ج
ونواصل مع غالي شكري في كتابه "الثورة المضادة في مصر" ونقرأ "لقد برهنت الاحداث على ضراوة النتائج المأساوية التي لحقت بالتجربة الناصرية كثمرة مريرة لانفصام العروة الوثقى بين الديمقراطية وكل من التغيير الاجتماعي والتحرير الوطني فقد أتت الهزيمة العسكرية (1967) والهزيمة السياسية في انقلاب 70-1971 دليلا حاسما على أن هذا الفصل بين الديمقراطية وغيرها من عناصر التغيير أدى إلى نتائج مريرة (ص297). ونبدأ مع واحدة من النتائج "المستشار جمال صادق المرصفاوي رئيس محكمة النقض في مصر خرج عن صمته منذ تولي منصبه في 1972 ليعلن في 1977 أن اللجنة العليا لتطوير القوانين قد انتهت من مشروعات القوانين وارسالها إلى وزارة العدل لتطبيقها على كل السكان من المصريين وغير المصريين والمسلمين وغير المسلمين عملا بإقليمية القوانين" ومن هذه القوانين قانون الردة "وهو تحديدا قانون الخروج عن الديانة الإسلامية واشترط مشروع القانون أن يطلب إلى المرتد التوبة فإذا انقضت مدة ثلاثين يوما دون العودة إلى الإسلام والاصرار على الردة عوقب المرتد بالإعدام شنقا" ونص المشروع على أنه يكفي أن يكون هناك شاهدان على الارتداد" وعقب مصطفى أمين في جريدة الاخبار (15-7-1977) قائلا "عمدت الله أن القانون الذي وافق عليه مجلس الدولة بإعدام المرتد عن الإسلام لم يصدر من سبعين عاما، فعندما أصدر قاسم أمين كتابه "تحرير المرأة" وعلي عبد الرازق كتابه "الإسلام وأصول الحكم" وطه حسين كتابه في الشعر الجاهلي" اتهم كل منهم بالارتداد عن الإسلام. وقد يجيء إلى مصر بعد عشر سنوات طاغية يعتبر من يعارضه في الرأي مرتدا أو من يطالب بالحرية كافرا، أو من ينقد تصرفاته زنديقا يستباح دمه ويجب رجمه". وقد استقبلت الكنيسة القبطية هذا القانون بالرفض معتبرة أنها المستهدفة به أولا وأخيرا" (ص313). وفي 17 يناير عقد أخطر مؤتمر ديني مسيحي. وكان الجو ملتهبا وصدر عن المؤتمر الذي أعلن أنه ضم ممثلي الشعب القبطي مع الآباء الكهنة والرعاة وأن جلسته الأولى عقدت في 17 ديسمبر 1976 بمقر الكاتدرائية المرقسية وحضرها قداسة البابا شنودة. وصدر عن المؤتمر بيان منعت السلطة نشره، وجاء في البيان "بحث المجتمعون الموضوعات المعروضة، كما استعرضوا ما سبق تقريره في اجتماع اللجنة التحضيرية لكهنة الكنائس القبطية في مصر الحاصل بتاريخ 5 -6 يوليو 1976 ووضع الجميع نصب أعينهم رعاة ورعية اعتبارين لا ينفصل احدهما عن الآخر أولهما الإيمان الراسخ بالكنيسة القبطية الخالدة في مصر والتي كرستها كرازة مرقس الرسول وتضحيات شهدائنا الابرار على مر الاجيال، والاعتبار الثاني الامانة للوطن المفدى الذي يمثل الاقباط أقدم وأعرق سلالاته حتى أنه قد لا يوجد شعب في العالم له ارتباط بتراب أرضه وقوميته مثل ارتباط القبط بمصر" ثم عرض البيان مسائل منها "حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية وحماية الاسرة والزواج المسيحي والمساواة وتكافؤ الفرص والتمثيل في البرلمان ومخاطر التيارات المتطرفة وإلغاء قانون الردة، كما طالب باستبعاد التفكير في تطبيق الشريعة الإسلامية على غير المسلمين وإلغاء قانون بناء الكنائس العثماني، والطائفية في تولي الوظائف العامة. وقرر المؤتمر صوم المسيحيين صوما انقطاعيا لثلاثة أيام" (ص314) وتلا ذلك عقد سلسلة من المؤتمرات المماثلة في أمريكا وكندا واستراليا. وهكذا تفجر ما أسمي "بالمسألة القبطية". وزاد الاحتقان الذي بدأته جماعة الأمة القبطية" التي يمكن مضاهاتها بجماعة الإخوان المسلمين. وكانت واقعة اختطاف البابا واحتجازه في الدير متهمين إياه بالضعف والخضوع للمحيطين به.