سوف أُعيد رواية حادثة قديمة على حضراتكم ، حادثة ربما لا يتذكرها كثيرون ، عام 2011 علـَّق البرلمان العراقي جلساته استنكاراً لما حدث في البحرين آنذاك ، وقبل هذا التعليق كانت هناك جلسة ساخنة ذُرفت بها الدموع وبُحَّت الأصوات لشرح الحالة المأسوية التي يمر بها أشقاؤنا في المنامة ، ولعلّ البعض منكم يتذكر التظاهرة التي قادتها النائبة سوزان السعد في ساحة الفردوس للتضامن مع نسوة البحرين " أيضا " ، ولا داعي لأن أُعيد على مسامع حضراتكم ، قصة السفينة التي قرر البرلمانيون إرسالها إلى البحرين " أيضا " ، وقبل أن يحاول البعض تفسير الموضوع باتجاهات أخرى فإنني مع كل الشعوب في دفاعها عن حقها بالحرية والمساواة .. سيقول البعض " يا رجل " صدَّعت رؤوسنا بتقليب الدفاتر العتيقة ، لماذا لا تدع الماضي وشأنه وتحدِّثنا عن الحاضر؟
سنتحدث عن الحاضر إذن ، قبل يومين شاهدت فيلما يُدمي القلب عن أحوال المهجرين العراقيين في الجارة تركيا.
يبدأ الفيلم بجولة في إحدى ضواحي مدينة أنقرة وداخل منزل مكوّن من غرفتين اسودّت جدرانه من الرطوبة والعفـن حيث تعيش أم ريام مع زوجها وطفلتيها إضافة إلى أخيها وزوجته.
تروي المرأة التي هُجِّرت من الموصل بصوت يملأه الحزن كيف أنهم أُجبروا على بيع كل ما يملكونه في مدينتهم ليوفروا تكاليف الهجرة لتركيا للنجاة من القتل بعد ان فجّر مسلحون محل الحلاقة الخاص بزوجها الذي كانوا يسترزقون منه .
وتضيف : إنها وعائلتها يعيشون ظروفا صعبة دفعت بعض المحسنين الأتراك إلى مساعدتهم على دفع إيجار مسكنهم ، أما عن الطعام والشراب فتضطر هذه المرأة وأسرتها لتناول وجبة غذائية واحدة فقط في اليوم. أتمنى عليك وأنت تقرأ هذه الشهادة ، ان تعرف أننا حصلنا على مراكز متقدمة في سجل الفساد المالي والإداري حسب تقرير منظمة الشفافية الدولية التي أثبتت بالأرقام ، أن هناك مئات المليارات من أموال النفط لا يعرف أحد أين اختفت !
كل شيء في بلاد الرافدين يسير على هوى الساسة لا الناس ، فهم يغضّون الطرْف عن إزالة مكوّن عراقي من الوجود ، يصدرون بيانات استنكار دعماً للمعارضة البحرينية ودفاعاً عن الشعوب " المضطهدة " في السعودية والكويت ، ولكنهم لا يخجلون حين تخرج امرأة مثل " أم ريام " تمدّ يدها إلى محسنين أترك !
رقمان في العراق ينافس أحدهما الآخر : الأول عدد الضحايا الذين يسقطون كل يوم بسبب التهريج الأمني ، والثاني أرقام المبالغ التي سُرقت من ثروات البلاد ، وحُوِّلت إلى مصارف عمان ودبي ولندن . هذه الأرقام المرعبة يصرّ البعض على أنها ليست مسؤولية رئيس مجلس الوزراء ، ولا مسؤولية الحكومة ، هذه تراكمات عهود مضت على حــد قول خطيب الأمة إبراهيم الجعفري .
هل تريدون أخباراً جديدة ؟ الوقفان الشيعي والسني يرفضان إيواء النازحين في المساجد والحسينيات ، مما دفع النائبة سميرة الموسوي إلى مناشدة المرجعيات الدينية إصدار فتوى تتيح سكن النازحين في دور العبادة ومقرّات الأحزاب لحمايتهم من فصل الشتاء الذي يهدد حياة الكثيرين منهم، وطالبت الموسوي "المصلّين بإقامة صلاتهم في بيوتهم حالياً، لأن الحفاظ على الدم العراقي من فروض العبادة أيضاً" .
ولأننا نعيش في صولات الدفاع عن الفاسدين والمفسدين ، فأتمنى عليك ان لا تقطّب حاجبيك وأنت تقرأ ، أن الأمم المتحدة تطلق نداء لجمع ملياري دولار لإغاثة النازحين في العراق .. ولا تسأل أين تذهب المليارات العشرة التي يحصل عليها العراق شهرياً من خلال تصدير النفط!
يهتمّ السادة في الوقفين الشيعي والسنّي بتقاسم الأوقاف ، لكنّ ذلك المواطن المُهجّر قسراً ، والمطارد في الطرقات ليس من اهتماماتهم ، ربما نقرأ تصريحاً خجولا هنا ، وشجباً بسيطاً هناك ، لكنّ عيون وأفئدة مسؤولينا " الأكارم " معلّقة بالمحاصصة والتوازن الطائفي ، ولا تقترب من فاجعة " أم ريام " ، ولا تُعقّب على ما جرى لإيزيديي العراق من عبودية وسبي وقتل على الهوية .
مع مَن يتعاطف الوقفانِ الشيعي والسنّي؟
[post-views]
نشر في: 25 أكتوبر, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 2
ابو اثير
تتزامن حلول السنة الهجرية المباركة على المسلمين مع أزمة النازحين في أنحاء العراق سنة وشيعة وباقي الديانات ألأخرى والجميع يعلم أنه في شهر محرم الحرام تصرف المليارات من خزينة الحكومة ومن خمس المسلمين والزكاة على الشعائر الحسينية من سرادقات وخيم منصوبة وتعد
مصطفى جواد
يجب الضغط على الاوقاف للقبول بايواء النازحين فهو المكان الوحيد المناسب لما يتوفر فيه من وسائل تدفئة وراحة كما ان الدراسة لا بد ان تستمر في المدارس التي يسكن فيها النازحين اما العبادات فيمكن اقامتها في رواق اي مسجد او حسينية وهي لا تاخذ من وقت دور العبادة