كتاب جديد عن سيمون دي بوفوار، هل تسمحون لي بأن أخصص له هذه الزاوية؟ الكتاب عنوانه"وجها لوجه" وهو يروي تفاصيل العلاقة الإنسانية والفكرية بين منظّر الوجودية الأول، والروائية الحائزة على جائزة غونكور
في الكتاب الذي يشبه السيرة الذاتية تروي لنا مؤلفته "هازل رولي "كيف دخلت سيمون دي بوفوار غرفتها ذات ليلة من ليالي الشتاء، لتجلس تدون ملاحظاتها وتتساءل أين المرأة من كل ما يجري في العالم؟، هل سيصبح بمقدورها أن تشارك الرجل في اتخاذ القرارات؟ كان ذلك عام .1949
اليوم أصبح العالم مسكونا بشيء اسمه المرأة، فلم يعد من الممكن تشكيل برلمان او حكومة في أي بقعة من العالم من دون النساء، وتتولى امرأة منصب الحاكم العام في كندا، وأصبحت بلدان أمريكا اللاتينية تستبدل رؤساءها العسكر بنساء أنيقات، ذهب العصر الذي كانت تشكو فيه سيمون دي بوفوار ظلم الرجل في كتابها المثير للجدل"الجنس الآخر"، الكتاب الذي تمردت فيه على سلطة رجل مثل سارتر ورفضت ان تصبح تابعة له مطلقة عبارتها الشهيرة:"الأنثى لا تولد امرأة، بل تصبح امرأة"
وقد أثار الكتاب في حينه ضجة كبرى في فرنسا وخارجها، وتتساءل فيه بوفوار إذا كان تاريخ النساء من صنع الرجال، فهل يعني ذلك أن المرأة هي التي سمحت للرجل بأن يعتبرها جنساً آخر، أم"إن المجتمع هو من صنعها لتكون جنساً آخر، ألغى شخصيتها وطمس إنسانيتها، واعتبرها أنثى بالمفهوم المطلق وجسداً كمتاع، حسب أهوائه"وتضيف دي بوفوار"لا يمكن للإنسان العاقل أن يختار العيش في قفص، إلا إذا حكمت عليه ظروف الحياة أن يعيش مقيداً بالأغلال"، قبل سيمون أطلق شاعرنا الزهاوي دعوته الشهيرة لمنح المرأة حقوقها:
وكل جنسٍ له نقصٌ بمفردِهِ أمّا الحياة فبالجنسين تكتملُ
تغيرت معالم وملامح السياسة والعدالة في العالم اليوم على نحو تجاوز كتاب سيمون دي بوفوار، الا في هذه البقعة من الأرض التي لا يزال القائمون عليها يعتبرون المرأة ناقصة عقل ودين.
دشن"القائد الضرورة"حملته الإيمانية بقطع رؤوس النساء بالسيوف، واليوم نجد من يقطع أجساد النساء بالفؤوس، ومن يسعى جاهداً لإقصائهن عن المشاركة في بناء المجتمع، ومن ينشر تعاليم داعش ومنهجها في المدارس والجامعات باسم الفضيلة والاخلاق .
بالأمس سألني زميل حول فيديو رجم عددا من"الدواعش" لامرأة، في حضور والدها، و"مباركته"بذريعة أنها"زانية"في بشاعة وانحطاط لم يعرفه حتى عالم الحيوان.. المرأة التي بدت حزينة ويائسة وسط عدد من الوحوش البشرية، قرروا في لحظة أن يتحولوا إلى وكلاء باسم الله... الرجال الملتحون الذين يريدون أن يثبتوا للعالم أننا خير أمة في فنون القتل والتنكيل، يعتقدون أن من يختلفون معهم لابد من اجتثاثهم من أجل صلاح الأمة، في مقابل فديوات داعش، علينا ان لا ننسى عمليات قتل لنساء وأطفال، في بغداد وعدد من المحافظات بحجج أخلاقية تحت سمع وبصر الأجهزة الأمنية التي دائما ما تكتفي بان تسجل هذه الجرائم تحت عبارة "الفاعل مجهول"، فيما الفاعل يتجول في سيارات الدفع الرباعي رافعا راية "الحق معي".
للأسف البعض يريد لنا ان نعيش في ظل شعارات يعتقد أصحابها انهم ظل الله على الأرض، من حقهم ان يشوهوا وجوه النسوة بدعوى أنهن لا يرتدين حجابا مناسبا، مثلما حدث قبل ايام عدد من المدن الإيرانية، او ان سياقتها للسيارة رجس من عمل الشيطان، حسب فتاوى" كبار" علماء السعودية.. جماعات"الاسلام السياسي" تعتقد أن طريق النصر يجب أن يُفرش بارتكاب المزيد من قوانين الرجم ضد النساء، وتشريع قوانين لزواج القاصرات والعودة بنا الى عصر الجواري.
سيمون دي بوفوار في "بلاد الرجم"
[post-views]
نشر في: 26 أكتوبر, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 2
بغداد
على شرط تكون المرأة مثل سيمون دي بوفوار مو مثل حنان الفتلاوي لو بقية النائحات والدلالات الدبابات في حكومة كوكب الخضراء ؟!!!!
رمزي الحيدر
داعش ليست إحتكار على البغدادي ،داعش موجودة في كل محافظات العراق ، داعش هو سلوك و فكر موجود لدى الاسلام السياسي بشكل عام ، لا تتوقعوا ان القضاء على البغدادي سوف ينتهي الفكر الداعشي ، أن ( فيروسات ) التخلف والجهل والبربرية تتخذ أشكال وأسماء مختلفة.