TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > "دعاديش" بازة مقلمة 

"دعاديش" بازة مقلمة 

نشر في: 26 أكتوبر, 2014: 09:01 م

حلول فصل الشتاء كان يضع  فقراء العراق في حرج شديد ، فاغلبهم لم يكن دخله المحدود قادرا على  تلبية مطالب توفير ملابس تقي الأبناء والبنات برد الشتاء ، والحصول على  قماش البازة المقلمة وتفصيلها دشاديش وبجامات ، يمنح رب الأسرة امتيازا لا يمتلكه  الآخرون ، فيتعرض لنظرات الحسد ، وسيل من الأسئلة عن مصدر البازة وسعر المتر  الواحد ،   وهناك من يوجه الأسئلة  والاستفسارات عن اسم الخياط او الخياطة ،   ومجاملات "يكطعوها بالخير والعافية" ، وللاستفسار  أسباب فليس بإمكان اي شخص الحصول على البازة ،في سنوات فرض العقوبات الاقتصادية على العراق بعد غزو الكويت ،  ومن امتلك هذا الامتياز لابد ان يكون صاحب رأس كبير   وله نفوذ  ويمتلك علاقات  مع مسؤولين عن الأسواق المركزية الأورزدي.
يوم توقف استيراد البضائع من الخارج  فقد العراقيون  "البازة الصينية " ، وارتفاع أسعارها في الأسواق التجارية جعل الكثيرين وخاصة الموظفين  يطلبون إجازات زمنية للوقوف في طوابير أورزدي ، وسعيد الحظ من يحقق أمنيته ، وبعضهم يبيعها لام ستوري الدلالة الشهيرة الواردة في  تخطيطات رسامي الكاريكاتير في الصحف الرسمية ، فانصب الغضب على "ام ستوري" وزميلاتها المقيمات قرب سياج الاسواق المركزية ، لشراء البضائع من الموظفين بمبالغ مضاعفة قد تساعدهم على شراء دجاجة او كيلو لحم لاعداد  وجبة غذاء تكون لمدة شهر كامل محور حديث الاسرة ، فيتناسون الحاجة  الضرورية الى  "البازة " ويصدر قرار عائلي يقضي باعتماد القديم وتحويره بان تصبح ملابس الكبار للصغار ، وقلب بعضها على "البطانة "  واحيانا تأخذ "الركعة "  حيزها في ملابس يقتصر استخدامها داخل المنزل ، ولاضير ان شاهدها احد الاقارب او المعارف ،  واحتفظ بسخريته لضرورات اللياقة والمجاملة والابتعاد عما يثير استياء الاخر بالاشارة الى عوزه وفقره و"دشداشته المركوعة"من الخلف .
في ذلك الزمن تحولت البطانيات وبخبرة الخياطين في منطقة الباب الشرقي الى قماصل ، اما الأحذية أجلكم الله فهي الاخرى في كل موسم تخضع لعمليات ترميم وتحديث ، وهناك من  وظف خبرته فحول "البساطيل العسكرية " الى احذية خفيفة ، بقصها من الأعلى ، واستخدام أصباغ ثابتة لتغيير لونها الأسود الى اخر حسب الطلب ، والذوق العام استقبلها مضطرا  لان الجميع يشتركون بصفة العوز وأمنية الحلم للحصول على قماش  البازة للخروج بزي عائلي موحد بدشاديش مقلمة ، المتبقي منها  يتحول الى مناشف صغيرة ، بعد غسل الأيدي من تناول  المرق الخالي من اللحوم .
احتلت مفردة "داعش " نشرات  الأخبار ، وتكرارها يتجاوز العشرات في الدقيقة الواحدة ، ولا يقتصر ذلك على الساحة المحلية ، فمع حلول فصل الشتاء وسط توقعات بان يكون قاسيا  على المشردين والنازحين ، ارتفعت الأصوات المطالبة باستيراد الكرفانات ، بدل الخيم ، وتوزيع المساعدات الإنسانية  والأدوية ، ومنها الدشاديش البازة المقلمة . 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: براءة نور وتابعه هيثم !!

جامعة بغداد، منارة العلم والمعرفة في قلب العراق

العمود الثامن: من أين لك هذا ؟

قناطر: حوارٌ غيرُ هادئ

العمود الثامن: غابات السامرائي

العمود الثامن: عبعوبه وعقدة دبي

 علي حسين ليس أمامك عزيزي المواطن العراقي ، سوى أن تصدّق تغريدات النائبة عالية نصيف ، خصوصاً عندما تقرر الجلوس مكان امين بغداد الاسبق نعيم عبعوب الذي اختفى منذ سنوات بعد ان حول...
علي حسين

الإدارة العامة ووطنية الأداء

ثامر الهيمص عادة ان تكون الزراعة هي القطاع الاول في الاقتصادات، ما قبل الدولة وما بعدها، اي بعد ان تزدهر الزراعة والثروة الحيوانية، هنا تحتاج الى ادارة، محددة الاهداف من خلال قوانين واعراف. وتتطور...
ثامر الهيمص

عن المصلحة وأصولها

عبد الكريم البليخ ماذا نفهم عندما نقول إنَّ زيداً أو عمراً من الناس لا يَعرفكَ أو يأتيك إلّا عند حاجته؟ هذه "المصلحة" قد تدوم فترةً من الوقت، وقد تكون قصيرة، بل قد لا تتجاوز...
عبد الكريم البليخ

سوريا العادلة أفضل بيت لمكوناتها

غسان شربل يزورك الخوفُ حين تتابع من بيروتَ ما يجري في سوريا. محاولةُ إعادة عقاربِ الساعة إلى الوراء بالغة الخطورة. كان سقوط نظام بشار الأسد مفاجأةً مدويةً باغتت حلفاءَه وخصومه معاً. في الداخل هناك...
غسان شربل
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram