اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الحوار مع سنة العراق

الحوار مع سنة العراق

نشر في: 27 أكتوبر, 2014: 09:01 م

شعرت بشيء من الحماس وانا اطلع على معلومات ناقصة حول لقاء حيدر العبادي بزعامات عراقية سنية خلال زيارته للاردن، كما يتملك المرء شعور جيد حين يتابع حوارا جمع وجهاء وناشطين سياسيين من الانبار، بفالح الفياض مستشار الامن الوطني. وهناك حوارات عديدة حصلت ولم يتسرب عنها الكثير، بين ممثلي مراكز القوى الاجتماعية في مناطق النزاع المنكوبة، وممثلين عن"التحالف الوطني".
وتبدو الاجواء مواتية اكثر لهذا النوع من التواصل الذي يجب ان يكون مثل لقاء ازمة دائم الانعقاد، فاختيار وزير الدفاع خالد العبيدي يشجع على شعور ايجابي لدى جمهور الموصل، لانه عسكري مسلكي من المدينة وعمل قريبا من المحافظ اثيل النجيفي في فترة حساسة ويدرك خلفية الفجوة بين جيش الحكومة وجمهور يختلط فيه المتشدد بالمعتدل الذي يتملكه احساس بالاضطهاد. ولاول مرة يكون هناك وزير دفاع من مناطق الغرب والشمال الغربي، يحمل تمثيلا سياسيا حقيقيا وليس مجرد"سني تابع لرئيس الوزراء"يفشل في التواصل مع بيئته الاجتماعية، ويتورط بنقل معلومات مليئة بالخطأ ثم يغادر منصبه دون ان يوضح لنا حقيقة ما حصل في مجزرة الحويجة ربيع العام الماضي، والتي استغل الدواعش دماء ابريائها ليحشدوا ضد الدولة والنظام، ايما حشد.
ان التاخر في التواصل مع الناس هناك شجع داعش واشباهها على التواصل مع شرائح كثيرة واستغلال ضعفائها ومظلوميها، ومجرميها ايضا. كما ان تاخر السلطة في الحوار مع المعارضين فتح ابواب التقرب من دول ومخابرات اقليمية واجنبية، تلقي بغداد باللائمة عليها في سوء كثير من الاوضاع.
الطبقة السياسية الممثلة لتلك المحافظات تجد ايضا صعوبات في اقناع جمهورها بان الحل السياسي ممكن، خاصة وهي تعجز عن مساعدة مليوني نازح على اتقاء برد الشتاء، ومن مصلحة النظام السياسي ان يتواصل مع ذلك الجمهور بنحو مكثف ليرمم هذه الثقة بصانعي القرار وبالائتلاف الحكومي الذي يشترك الساسة السنة فيه بنحو اساسي.
وليس مجرد اللقاءات عاملا نهائيا في بناء الثقة، التي تعرضت لاهتزاز غير عادي، وكثير من شيوخ العشائر السنية يتحدثون بفخر اليوم عن حواراتهم مع جون آلن الجنرال الاميركي الذي كلفته واشنطن بملف العراق، وهو امر حاسم نتمنى ان ينجح في تطويق داعش التي نالت من كل العراقيين، ولعلنا نسمع خلال الاسابيع المقبلة اخبارا في هذا الاطار، تصنع فخرنا الوطني، من جرف الصخر حتى بلدات الانبار التي سقط العديد منها بيد"الخليفة"رغم مقاومة باسلة ابداها مسلحو العشائر دون دعم تقريبا.
لكن الامور لاتزال تسير ببطء، والشكوك المتبادلة تمنع ظهور مناخ لتوحيد الجهود يتلمسه الرأي العام بوضوح، عبر خطوات فعالة، تتعلق بقانون الحرس الوطني، وبدفع مرتبات الشرطة الذين تركوا مدنهم ويريدون اليوم الالتحاق بوظائفهم ثانية ضمن تشكيلات تديرها الحكومات المحلية لنينوى وصلاح الدين والانبار، مع ان الحكومة وكما جاء على لسان فالح الفياض صباح الاثنين، نجحت في استيعاب ٦٠ الف مقاتل خلال اسابيع، داخل تشكيلات الحشد الشعبي الذي تتحدث كل دوائر الرصد الغربي اليوم عن دوره المهم.
وليس الامر مقتصرا على نقص الحوار مع السنة، ويمكننا ادراك درجة سوء علاقاتنا الداخلية، بمجرد ان نتذكر ان تاخر دفع موازنة كردستان، ترك جنود البيشمركة يقاتلون بلا مرتبات، شمال الموصل وفي سهل نينوى، وفي المسافات الحرجة بين مرتفعات حمرين وبوابات بغداد من جهة ديالى.
الاميركان يتوقعون ان يعرقل فصل الشتاء، حصول عمل عسكري شامل ينهي سيطرة داعش على المدن الكبيرة، وهذا يعني ان امامنا استغلال الوقت لبناء تفاهمات اكثر تماسكا حتى تحين لحظة العمل الكبير الاتي لا محالة، كي نؤديه بتضحيات اقل ونأمل نتائج سياسية افضل.
واذ نعجز عن وضع حد لشكوكنا المتبادلة، فان في وسع الحكماء دوما ان يعيدوا الشكوك الى حجمها الطبيعي، وينتهزوا الفصول السيئة لاعادة الاعتبار للاساليب الصحيحة التي جرى اختبارها وتمحيصها، بعيدا عن الغلو والاندفاع الانفعالي لدى الجانبين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram