في خطبة الجمعة التي ألقاها في صحن مرقد الإمام الحسين أمس وامتدح فيها إنجازات القوات المسلحة وقوات الحشد الشعبي في الأيام الأخيرة في الحرب ضد داعش وسائر جماعات الإرهاب، حرص ممثل المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني على أن يتطرق الى موضوع معروف للجميع ومسكوت عنه.
ممثل المرجعية في كربلاء الشيخ عبد المهدي الكربلائي أوصى مقاتلي الحشد الشعبي الذين هم خليط من متطوعين منفردين وعناصر منضوية في عدد من المليشيات المسلحة، "بالحفاظ على أرواح الأبرياء وأموالهم وممتلكاتهم مهما كانت انتماءاتهم المذهبية لأنهم أمانة بأعناقهم، وعليهم إشعارهم بالأمان، وحذار حذار أن تمتدّ يد الى شيء من ممتلكاتهم أو تمتدّ لهم بسوء، فانه حرام حرام".
هذا الكلام لم يكن ثرثرة لتزجية الوقت .. إنه كلام مقصود ومختارة عباراته بعناية، ومحمّل برسالة متفق عليها، ومتفق على الحاجة لإبلاغها الى المعنيين بها في هذا الوقت بالذات. وما كان الشيخ الكربلائي ليقول كلامه هذا لولا شعور المرجعية الناطق باسمها بان الحاجة صارت ماسة لقول هذا الكلام قبل أن يفوت الأوان ويكبر الشقّ فلا ينفع الرتق.
جبهات القتال مع الإرهابيين، الأمامية منها والخلفية، مأهولة بالسكان.. إنها قرى وبلدات ومدن يقطنها سكان(عراقيون بالطبع)، وقد حدثت فيها تجاوزات على هؤلاء السكان وعلى حقوقهم الأساسية.. وأخبار هذه التجاوزات لم يتحدث بها وينقل صوراً عنها السكان وحدهم وإنما أيضاً عناصر في القوات المسلحة والحشد الشعبي ممن كان يسوؤهم أن يجري التعامل مع السكان جميعاً بوصفهم أعداء داعشيين يجوز قتلهم وإساءة معاملتهم وإذلالهم وسلب ممتلكاتهم المنقولة وإتلاف بساتينهم وحقولهم ومساكنهم.
هل هي حالات فردية محدودة؟
ليست كذلك في الواقع، بحسب تأكيدات ناقلي هذه المعلومات، وكلام ممثل المرجعية العليا أمس يشير الى أن الأمر قد تجاوز مرحلة الحالات الفردية المحدودة الى مرحلة الظاهرة ما استدعى الحديث عنها علناً في خطبة الجمعة للتحذير من مغبة استمرارها وتفاقمها.
وراء هذه الظاهرة يكمن ضعف تعريف أفراد القوات المسلحة بحقوق الانسان وبالقوانين الوطنية والدولية التي تعاقب على انتهاك هذه الحقوق.. وخلف الظاهرة أيضاً شحن طائفي مقيت بين بعض كتائب الحشد الشعبي خصوصاً. هذه الكتائب كثيراً ما نراها تتصرف بحرية مطلقة وتأخذ القانون بأيديها من دون وجه حق أو سند قانوني حتى داخل المدن الكبرى، ومنها العاصمة بغداد.
القوات المسلحة معنية بمقاتلة داعش وسائر الجماعات الإرهابية ورد عدوانها علينا وتحرير الأراضي والمناطق التي تحتلها. وتحقيق النصر في هذا القتال يتطلب في ما يتطلب ضمان حياة وكفالة حقوق سكان المناطق التي يجري تحريرها من الإرهابيين، حتى لا يكونوا أعداء للقوات المسلحة غصباً ورغماً عنهم. ومجاميع الحشد الشعبي واجبها دعم القوات المسلحة في قتالها والالتزام بقواعد الاشتباك نفسها المقررة للقوات المسلحة والخضوع لقيادة هذه القوات وليس العمل على هواها.
ثمة فرصة للَجم التعديات وضبط التجاوزات قبل فوات الأوان، وهذا في تقديري ما قصده كلام المرجعية أمس.
جميع التعليقات 1
محمد توفيق
سؤال يتردد الى الذهن بقوة مالذي جعل العراقيين في المناطق السنية يرفعون راية التمرد التي مهدت السبيل لتمدد داعش السريع؟ الإجابة تكمن في السياسة الطائفية التي مارستها الحكومة السابقة بهدف الإنتقام من السنة الذين كان يُنظر إليهم كبقايا قتلة الحسين في كربلاء،