TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > طائفي بوزن الديك

طائفي بوزن الديك

نشر في: 2 نوفمبر, 2014: 09:01 م

على غرار  الأوزان  المعتمدة في المصارعة و الملاكمة ، نقل السياسيون أصحاب العلامة الفارقة بالدفاع عن المذهب والطائفة صراعهم الى شاشات الفضائيات ، وأمام المشاهدين  كشفوا مستواهم العقلي والمعرفي بل "انغلاقهم" ونعراتهم المريضة ، ومنهم من يتصور بأن  حكم النزال وبعد انتهاء المنازلة بجميع جولاتها سيحمل يد الفائز ويتوجه بطلا طائفيا بامتياز يحمل الحزام  الذهبي المذهبي العراقي ، ثم يستعرض صاحب الحزام في الحلبة ليمنح المصورين فرصة التقاط صور فوتوغرافية  لتوثيق الانتصار لتتحول في ما بعد الى وثائق ، تكشف للأجيال القادمة مستوى الانحطاط السياسي في "العراق الجديد" .
هواة ومحترفو لعبتي الملاكمة  والمصارعة ، يخوضون نزالاتهم طبقا لأوزانهم بدءا من الخفيف والمتوسط والثقيل ، وكانت الأوزان تعرف بأسماء أخرى الريشة والذبابة والديك والثقيل ، ومن شروط المنازلة في  الحلبة الاشتراك بوزن واحد ، فلا يجوز ان يصارع او يلاكم  ابو الديك خصمه من وزن الثقيل ، وفي الصراع السياسي ، حين تكون مساحة البلاد من الشمال الى الجنوب ومن الشرق الى الغرب، حلبة مصارعة او ملاكمة وفي بعض الأحيان ساحة سباق خيل ، تنتفي الحاجة الى الأوزان ،  فخوض الصراع والنزال،  يكون بواسطة اللسان، وقواعد اللعبة تسمح باستخدام الشتائم والألفاظ النابية ، بضربات مستقيمة للإطاحة بالخصم  بالضربة القاضية .
الشارع العراقي قبل الغزو الأميركي ، لم يكن طائفيا مقارنة بالصورة  الحالية ، وما شهدته البلاد من  أحداث ومظاهر كرست  الانقسام ، وجعلت  الدفاع عن المذهب والطائفة موقفا نضاليا ، على حساب الغاء المواطنة ،والنظر الى التنوع الاجتماعي من زاوية ضيقة بمزاعم الحصول على حقوق  المكونات ومشاركتها في إدارة البلاد ، وعلى هذا الوتر عزف الطائفيون من مختلف الأوزان  معزوفاتهم النشار ، فأججوا الشارع ، فعاش سنوات احتقان   أدت الى عنف متبادل ، وفي حمى الصراع الطائفي ، وصل الأمر الى حد المطالبة بموازنة الرعب ، والحلبة يوميا تشهد نزالات بين المتخاصمين ، لم يعلن الحكم الغالب والمغلوب ، بقدر إثارة الشارع، وجعل السلاح اللغة السائدة بين  اطراف النزاع  على الرغم من إعلان معظم القوى السياسية إيمانها بالديمقراطية ، واستعدادها  على إدارة البلاد "على حب الله" مادام الدستور بحاجة الى العديد من التعديلات ، وحالات اختراقه أصبحت قاعدة  بلا استثناء .
طائفي من وزن الديك بإمكانه ان يشعل فتيل حرب أهلية ، حين يظهر على شاشة فضائية ، من مقر إقامته في عاصمة عربية  ليشتم أبناء شعبه ويدافع عن الإرهابيين ،  ويتجاهل  جرائمهم بحق المسيحيين والشبك والإيزيديين وغيرهم ،  الطائفي كان عضوا في مجلس النواب ، شغل مقعده  في الدورة التشريعية قبل السابقة بالقائمة المغلقة ، وصدق انه يمثل الشعب ،  وحصل من الدولة على  امتيازات وراتب تقاعدي ضخم ،  واعتمدته فضائيات تابعة  لشخصيات سياسية معرفة محللا وخبيرا ومفكرا ،فانتقل من وزن الذبابة الى الديك ، واخذ "يعوعي" فحمل "الحزام المذهبي" لفوزه بمنازلة اطلاق شتائم" لا يلبس عليها عكال" .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: براءة نور وتابعه هيثم !!

جامعة بغداد، منارة العلم والمعرفة في قلب العراق

العمود الثامن: من أين لك هذا ؟

قناطر: حوارٌ غيرُ هادئ

العمود الثامن: غابات السامرائي

العمود الثامن: عبعوبه وعقدة دبي

 علي حسين ليس أمامك عزيزي المواطن العراقي ، سوى أن تصدّق تغريدات النائبة عالية نصيف ، خصوصاً عندما تقرر الجلوس مكان امين بغداد الاسبق نعيم عبعوب الذي اختفى منذ سنوات بعد ان حول...
علي حسين

الإدارة العامة ووطنية الأداء

ثامر الهيمص عادة ان تكون الزراعة هي القطاع الاول في الاقتصادات، ما قبل الدولة وما بعدها، اي بعد ان تزدهر الزراعة والثروة الحيوانية، هنا تحتاج الى ادارة، محددة الاهداف من خلال قوانين واعراف. وتتطور...
ثامر الهيمص

عن المصلحة وأصولها

عبد الكريم البليخ ماذا نفهم عندما نقول إنَّ زيداً أو عمراً من الناس لا يَعرفكَ أو يأتيك إلّا عند حاجته؟ هذه "المصلحة" قد تدوم فترةً من الوقت، وقد تكون قصيرة، بل قد لا تتجاوز...
عبد الكريم البليخ

سوريا العادلة أفضل بيت لمكوناتها

غسان شربل يزورك الخوفُ حين تتابع من بيروتَ ما يجري في سوريا. محاولةُ إعادة عقاربِ الساعة إلى الوراء بالغة الخطورة. كان سقوط نظام بشار الأسد مفاجأةً مدويةً باغتت حلفاءَه وخصومه معاً. في الداخل هناك...
غسان شربل
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram