اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العبادي بين التقشّف و"الفرهود"!

العبادي بين التقشّف و"الفرهود"!

نشر في: 8 نوفمبر, 2014: 09:01 م

هل تتابعون مثلي أخبار الموازنة؟ هناك بعض المشاكل أيها السادة، فنحن نريد أن نعيد الحياة إلى مصطلح"شدّ الأحزمة". لم تبق مليارات تصرف على مهرجانات المصالحة المستدامة، الحكومة تضيق صدراً بسبب انخفاض أسعار النفط، كما أخبرنا السيد حيدر العبادي، وليس بسبب نهب ثروات البلاد.. وزارة المالية لم تعد تتحمل مصروفات تشغيلية. ماذا تفهم عزيزي المواطن من ذلك؟ نفهم أنا وأنت أن الرفاهية التي وعدونا بها ستصبح من أحلام الماضي، وأن التقشف الذي كان حلماً، فخاطراً، فاحتمـــــــالاً ثم أضحى حقيقة لا خيــــــالاً مع الاعتذار للراحلة أم كلثوم التي دائما ما تنقذني روائعها في تصوير الحال التي وصلنا إليها.
لماذا لم ندخل مرحلة الرفاهية الاجتماعية؟ التفسير جاهز ياعزيزي: لأن أميركا لا تريد عراقاً قوياً، وبعد..لأنّ تركيا لا تريد أن نبني مجمعات سكنية ومستشفيات ومدارس.. أما السبب الحقيقي الذي هو أكثر بساطة وأثراً لكن لا يريد أن يعترف به السيد العبادي ومن معه: لأنّ مسؤولين فاسدين وظّفوا موازنة وزاراتهم لمنافعهم الشخصية، ولأن ممارسة السرقة أصبحت أمراً طبيعياً، ولأنّ وزراء سرقوا من مال البلد أكثر من ميزانيات دول الجوار مجتمعة!
كم هي بسيطة هموم العراقيين، أن يعرفوا مثلا، لماذا قال المالكي في تموز من عام 2010 إن العراق دخل مرحلة الازدهار، وهو يدشن أكبر ميزانية في تاريخه.. هل تعرفون كم بلغت الميزانية آنذاك"71"مليار دولار.. ماذا حدث بعد ذلك.. خرج المالكي ثانية عام2011 ليقول إن ازدهار تجارة النفط، رفع الميزانية إلى ما يقارب الـ"90"مليار دولار.. ولا تسألوا عن موازنة 2012، ولا إلى ما حصل عليه العراق عام 2013، فالأرقام تجاوزت حدود إدراكنا جميعا، فأين اختفت كل هذه الموازنات وفي العراق جوع، بينما الغربان تنهب ثرواته.
في عام 1928 يوم كانت ميزانية العراق لا تتجاوز عشرات الألوف من الدولارات، يكتب السياسي العراقي موسى الشابندر في صحيفة (العالم العربي) مقالا يذيّله باسم علوان أبو شرارة عن مصطلح الفرهود، أقتبس لجنابكم فقرات منه عسى أن نجد في دروس الماضي علاجا لدائنا المستعصي.. يكتب الشابندر بسخرية مؤلمة:
"جرت محاورة بين أحد المستشرقين وبيني على بعض الكلمات العامية ومنها مفردة الفرهود سألني: عندكم مثلا كلمة فرهود فالناس يستعملونها كثيرا فهي على رأس ألسُن الصغار والكبار، غير أنني ماقدرت حتى اليوم أن أعرف متى يصحّ استعمالها!
قلت: كلمة فرهود تحتوي على ألوان لغوية خاصة.. فالعراقي يعرف متى يقول"فرهد"ومتى يقول سرق، سلب، لفلف.
فسأل: ياسلام! ما أكثر السرقات وأسمائها! أرجوك أن تأتيني ببعض الأمثلة باستعمال"فرهد"
فأجبت:الفلاح الذي يكدّ والعشا خباز، والعامل الذي يبلع العجاج وغيره يأكل الدجاج، وكل أولئك المساكين الذين يقول البعض إنهم في رخاء، في حين أن السخاء الفياض يغمر غيرهم غمراً فتراهم يصرخون"فرهود يا أمة محمد فرهود"ولكن بعض الراسخين في العلم يجاوبون: إن هذا الفرهود مباح مستنداً إلى قوله تعالى (وسلّطنا بعضكم على بعض)".
انتهى الاقتباس من السيد علوان أبو شرارة..لكنّ أزمتنا مع مصطلح الفرهود مستمرة وبنجاح.. بعدنا كثيرا عن أحلام العيش الرغيد وأصبحنا نبحث عن العيش الآمن فقط.، كل ما نريد هو أن لا تعصف بنا عبوة غادرة ولا ميليشيا تسأل"الأخ منين"!
ومن يقدر من حضراتكم أن يعرف لماذا يجتمع المالكي والنجيفي الان، ولماذا يتعانقان، ولماذا يحضر واحد ساهما، والآخر متجهّماً على طول المدى، نرجو إفادتنا. أنا لم أعد أتابع التفاصيل وأكتفي بمشاهدة الصور التذكارية. أما البيانات فيوماً تهديد ويوماً وعيد، ويوماً شدّ الأحزمة على البطون، وأيام كلها"فرهوووود"!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. بغداد

    اي كاتب عندما يريد ان ينقل مثلا ما كتبه كاتب اخر من ابيات شعر او افكار كتبها في كتبه سواء كانت نظريات علمية او أدبية سوف يكون دقيق في نقلها لأنه يعرف انها أمانة ومسؤولية اليس كذلك؟ فكيف تكون مسؤوليتنا اذا ما نقلنا بعض من آيات القرآن الكريم الذي هو كلام ال

  2. علي الاحمد

    باسرع من البرق طبق التقشف على مستشفى التحسس في العطيفية فتوقفت جرعات التي تمنح لكل من يعاني من تحسس رئوي او امراض الرئة المختلفة وعجبت لماذا لم يبدأ التقشف بتسريح مئات اللاعبين المحترفين الامريكان والبرازيليين في القدم وكرة السلة ولماذا لا تقلص ايفادات ال

  3. عادل زينل

    يعرف المقيمون هنا في الولايات المتحدة من العرب والعراقيين ان منح رخصة قيادة السيارات تتطلب عدم الوقوع في احد الأخطاء الثمانية الحرجة وفقآ لتصنيف الدائرة المختصة والتي يصفها الامريكيون بالاخطاء الكارثية لخطورة اقتراف احداها ومع مقاربة هذا المثل مع تصريح ال

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

وظيفة القرن: مدير أعمال الشهرة والانتشار

العمودالثامن: يا طرطرا.."!

العمودالثامن: ماذا يريدون ؟

مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي.. في المنطق القانوني

العمودالثامن: درس تشرين ودرس بنغلاديش

 علي حسين ما هو الفارق بين ما جرى في تشرين عام 2019 في بغداد والمحافظات.. وما جرى في البلاد الفقيرة بنغلاديش خلال الأيام الماضية؟ في العراق جرى قتل أكثر من 700 شاب.. وجرح...
علي حسين

متى تتكلم الأغلبية الصامتة؟ وماذا بعد قانون الأحوال الشخصية؟

د.غادة العاملي يثار جدل واسع حول تعديل قانون الاحوال الشخصية وخطورة التداعيات الاجتماعية التي تسبب بها، ويبدو من السجالات والمناظرات والندوات التي ترافق النقاشات المرتبطة بقانون الاحوال الشخصية، ان حزمة قوانين اخرى تنتظر التمرير...
د.غادة العاملي

عشر أفكار حول تطييف قانون الأحوال الشخصية

علي المدن لا أحد يعلم على وجه الدقة انطباعات العراقيين حول مقترح تطييف قانون أحوالهم الشخصية، وأنا شخصيا لم أقرأ حتى الآن أي أستطلاع للرأي العام حول هذا الموضوع المعقد، وعليه؛ ستبقى مسألة مقاومتهم...
علي المدن

في مواكبة الـ (المدى)..

لاهاي عبد الحسين يوافق الاحتفال بالذكرى الحادية والعشرين لانطلاق "المدى" كمشروع ثقافي واعلامي وطني مسؤول مع الضجة التي أحدثها تقديم مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية المرقم 188 لسنة 1959 في مجلس النواب العراقي. هذا...
لاهاي عبد الحسين
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram