TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الى اخمص القدم!

الى اخمص القدم!

نشر في: 9 نوفمبر, 2014: 09:01 م

إبان الحكم الملكي في العراق، وفي عهد المرحوم نوري سعيد، بالذات، رويت هذه الحكاية الحقيقية. دون رتوش او مبالغة....
في سوق شعبي للسمك بالبصرة، شوهد رجل جلل الشيب شعر رأسه، يتلمس ذيل سمكة، ثم ينحني ويتشمم رائحته، قبل ان يضرب كفا بكف، ويهم بمغادرة المكان، زجره البائع. وسخر من فعلته المشترون، قبل ان يبادره احدهم: ايها الشيخ المغفل.. تعودنا فحص السمكة من رأسها! والحكم على جودتها من حمرة غلاصيمها القانية، وما الفنا فحص السمكة من جانب الذيل!؟
اجاب الرجل الوقور: يا جماعة، انا متأكد من فساد الرأس، وما إقدامي على تلمس وتشمم الذيل الا للتأكد من ان الفساد والعطن لم يبلغ (يصل) موضع الذيل بعد.
تذكرت هذي الحكاية التي كثيرا ما تروى للإشارة على فساد الأمور ابتداء من سمت الرأس حتى اخمص القدم، وتتجسد الصورة مكبرة وبالالوان، كلما شهدت ورأيت وسمعت عن فواجع الفساد، وتفشي الرشى، وفرض الإتاوات، سيما في الدوائر الخدمية، الإلزامية (الكوميشينات) في المؤسسات التجارية ومديريات العقود في الوزارات –لا يستثني منها احدا –
اذا تخاصم اللصوص وتنازعوا حول اقتسام الغنيمة، ظهر المسروق،
الاتهامات وشبهات الفساد التي تظهر على القنوات الفضائية، بين هذا وذاك، وهذي وتلك، الاتهامات المضادة علامة من علامات السقوط الوشيك، ولا يشفع للدولة بالنجاة من المرتع الوخيم، الا بإرادة وطنية عليا، حكيمة حازمة، جازمة بتفعيل القوانين الجزائية – المعطلة- ورد الاعتبار لهيبتها وسطوتها وسريانها على الجميع دون استثناء او شفاعة، وتدارك نزاهة القضاء بدرجاته البداءة والاستئناف والتمييز وتصحيح القرار.
وبغير هذا.. سنظل نلوك مآسينا واحزاننا كما نلوك (العلكة) ونظل كذاك الرجل الأشيب نتلمس ونتشمم السمكة من ذيلها، لنتأكد ان العطن والفساد الذي أصاب الرأس، لم يتفش (ى) في عموم جسم السمكة ويبلغ حد الذيل.
السطور ليست شخصية، فالكل متهم، والكل بريء حتى تثبت إدانته.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram