كشفت المحاولة المتهافتة لسامي أبو زهري، الناطق باسم حماس، وأشار فيها أن حركته تمتلك معلومات عن خلافات كبيرة داخل حركة فتح، عن عقلية تآمرية بامتياز، تحاول بث الفتنة بين أبناء الحركة عشية تحضيرهم لإحياء ذكرى وفاة القائد الرمز ياسر عرفات في قطاع غزة، حيث تعرضت منصة الاحتفال للتفجير، المتزامن مع التفجيرات التي استهدفت منازل قيادات الحركة في القطاع، رغم أن قيادات فتحاوية أكدت امتلاكها معلومات استقتها من جهات مسلحة من حماس، تؤكد تورطها بارتكاب جريمة بعيدة عن أخلاق الشعب الفلسطيني، في وقت يتعرض فيه المسجد الأقصى لهجمة صهيونية مكثفة وممنهجة، يتصدى لها المقدسيون بصدورهم العارية، إلّا من الإيمان، وتحتاج لتضافر كل الجهود بدل افتعال معارك جانبية، لا تخدم غير مخططات حكومة نتنياهو.
سبقت التفجيرات تصريحات متشنجة من حماس ضد الرئيس محمود عباس وحركة فتح، وهدد الموظفون العسكريون لحركة حماس، بإفشال مهرجان إحياء الذكرى العاشرة لرحيل عرفات، فهل نحن بحاجة لدليل أقوى عن تورط الحماسيين، وهل نحن بحاجة لتذكير أبو زهري وهو الأشد حقداً وكراهية لحركة التحرر الوطني، بأن أي خلافات داخل فتح تظل في إطار البيت الواحد، وتستهدف في نهاية الأمر تصويب المعوج، وإصلاح أي خلل يعتور المسيرة النضالية، التي انطلقت قبل أن يولد أبو زهري.
بديهي أن الجريمة تستهدف نسف ركائز عملية المصالحة التي بدأت بعد إعلان غزة وتفاهمات القاهرة، وهي من الناحية الرمزية عملية اغتيال ثانية لروح أبو عمار، وللفكر والمنهج الوطني التحرري الذي تمثله، ويبدو استغفالاً وضحكاً على العقول أن تدين حماس العملية، وتصفها بالحادث الإجرامي، وتبدو مهزلة دعوتها للأجهزة الأمنية في القطاع للتحقيق في الحادثة وملاحقة المتورطين وتقديمهم للعدالة، وواضح من إدانة الجبهة الشعبية وهي ليست على وفاق تام مع فتح، للعملية المشبوهة، واعتبارها أن في هذه التفجيرات تطوراً خطيراً، يمكن أن يقود إلى انزلاق الوضع الداخلي في صراع بعيد من الصراع الرئيسي مع المحتل، أنها تدرك من قام بالعملية، وأهدافه الواضحة من ارتكابها.
حسناً فعلت الحكومة الفلسطينية، بامتناعها عن زيارة كانت مقررة لغزة، بعد العمل الإجرامي، وهو عندها خطير جداً على صورة القضية، ويتعارض بشكل مطلق مع جهود إعادة إعمار غزة، ودمج المؤسسات الوطنية، ضمن خطوات حثيثة اتُخذت لإنهاء الانقسام، وإزالة آثاره الكارثية، ويتناقض مع مشاريع الحكومة لإعادة إعمار القطاع على الأصعدة كافة وفي مختلف القطاعات التي تخدم أبناء غزة.
للإنصاف وحتى لانتهم بالتحيز الأعمى، لابد من التأكيد أن حماس ليست على رأي موحد، وعلى عكس تصريح أبو زهري المثقل بالحقد والأكاذيب، كان تأكيد القيادي في الحركة موسى أبو مرزوق، أن ما جرى ضد فتح مستنكر ومرفوض، أما محاولة إلصاق التهمة بداعش فتبدو شديدة السذاجة، صحيح أن هناك مؤيدين لهذا التنظيم الإرهابي في القطاع، ولكن قوتهم لاتصل إلى حد القيام بعملية بهذا الحجم، خصوصاً أن جهاز أمن حماس، فاعل وقوي وشديد التأثير والانتشار، بحيث لا يخلو أي موقع من حضور عناصره، فأين كان هؤلاء وداعش تنفذ جريمتها المزعومة.
سعى المتطرفون بغياب ضميرهم الوطني، للتشويش على إحياء ذكرى عرفات، لمنع تكريسه رمزاً وطنياً للنضال، لكن فألهم سيخيب وسترتد سهامهم إلى نحورهم، فالشعب يعرف أبو عمار، ويعرف أن الصهيونية اغتالته لأنه نقيضها، ولكونه الممثل الحقيقي والفاعل لطموحات شعبه.
ويظل أبو عمار رمزاً
[post-views]
نشر في: 10 نوفمبر, 2014: 09:01 م