رسائل مفعمة بالحيوية والقوة، كتبها المخرج الأميركي الراحل إلياكازان، تنقل القارئ الى حياة المخرج ومظاهر الثقافة الأميركية.ان مراسلاته تهتم ببداية عرض مسرحيات (عربة تدعى الرغبة) و (موت بائع متجول) ثم إخراج (في الميناء) و (شرق عدن)، وايضاً الصعوبات ا
رسائل مفعمة بالحيوية والقوة، كتبها المخرج الأميركي الراحل إلياكازان، تنقل القارئ الى حياة المخرج ومظاهر الثقافة الأميركية.
ان مراسلاته تهتم ببداية عرض مسرحيات (عربة تدعى الرغبة) و (موت بائع متجول) ثم إخراج (في الميناء) و (شرق عدن)، وايضاً الصعوبات التي وجدها في ايجاد مسرح في مركز لنكولن، وفي الكتاب الذي صدر اخيراً تحت عنوان (الرسائل المختارة لإلياكازان، اختار محرروها بعد تفكير عميق، مجموعة من 300 رسالة تركز حياة كازان العملية والخاصة، ورحلته في الحياة والتي لا علاقة كبيرة فيها مع الشؤون السياسية، وقراره بالكشف عن أسماء رفاقه الشيوعيين في (مجموعة المسرح) وايضاً في لجنة "ناشطون غير أميركيين"، مع التعبير عن شكره للأصدقاء الذين وقفوا معه ومنهم روبرت شيروود و بود شوبيرغ.
وتتضمن رسائله (لمجموعة المسرح) تلك التي كتبها لصديقته قبل زواجها، وهي مولي داي، وكان كازان آنذاك شاباً في العشرينات من عمره وكان آنذاك يتابع التغيرات في المجتمع والناس وايضاً تحليل شخصيته.
ويقول كازان: (قررت منذ البداية ان لا أتقبل أي شخص يبالغ في تقييمي) وكان ذلك في عام 1934، مستجيباً بذلك لحكم (المجموعة) من انه كان ممثلاً متواضعاً، وانه كان يمهد لنفسه المجال ليكون مخرجاً جيداً.
وعندما اخبر ثاجر، (انا لا اريد ما أنا عليه حالياً، ان افعل شيئاً وأتمنى من الله ان افعل شيئاً آخراً)، ولكن الرسائل التي كتبها في الاربعينات والخمسينات، يحس القارئ ان ما قاله تواصل معه طوال حياته.
وفي مذكراته التي كتبها عام 1988، يعنوان ((ايليا كازان: حياة)) ذكر انه كان شقياً في خلال الأعوام التي حقق فيها نجاحاً عظيماً، وانه كان يريد ان يكون شخصاً لطيفاً، كي يحبه الناس. وكتب ايضاً ان القناع الذي كان يرتديه من اجل اخفاء مشاعره الحقيقية، ويكتب ايضاً ان ذلك القناع جعله يسيء الى مشاعره بالفرح، والعمل باخلاص مع زملائه، ومن الصعب جداً ان نصدق رسائله الطويلة للكاتب تينيسي ويليامز، حيث يبسط له كافة المشاكل التي وجدها في فيلميه ((كامينو الحقيقي)) و ((قطة فوق سقف ساخن))، وهو في كتاباته تلك يكشف عن شخصية قوية وفنان واثق بنفسه.
وتعهدات كازان وامانته، تبدوان اكثر وضوحاً في مراسلاته مع مسؤول الاستديو حول الرقابة ومشاكلها مع نسخ أفلامه (عربة اسمها اللذة) و (شرق عدن) و (بيبي دول) .
وكان كازان واحداً من المخرجين الذين اسهموا في إرساء قواعد السينما الأميركية. وقد الح كازان على جاك وارنر عام 1900، على تقديم كل شيء بدون رقابة، كي يكون مختلفاً عما يقدمه التلفزيون .. وعلينا ان نكون جريئين فيما نقدمه للمشاهد، وفي مراسلاته في اواخر حياته، كتب عن عدم إحساسه بالسعادة وانه غير راضٍ عن نفسه لأنه لم يحقق ما كان يصبو اليه.
عمل إليّاكازان في المسرح، وكتب آنذاك أي في عام 1934 (انه يتعلم من تجربته) وكان يعمل بنشاط اكبر عندما يجد في الفيلم الذي يقوم بإخراجه شيئاً من أفكاره ومشاعره، وبالتأكيد فان تعليقاته على ((النص)) تختلف عما يقوله تينيسي ويليامز في فيلم (وشم الوردة) ولكنه كمخرج يرى ان مهمته خدمة النص لأنه ليس مخرجاً لأحاسيسه وكتاباته فقط.
ومتطلبات المسرح كانت صعبة بالنسبة لكازان، ولكنه كان يتقبلها برحابة صدر، وهذا ما تؤكد رسائله الى فريق العمل ومصصمي الأزياء، وتعاونه الأسطوري مع الممثلين في خلال التمرينات على المسرحية، والتي يتحدث عنها في عدد من رسائله معبراً عن سعادته آنذاك، وهو حتى في إخراجه نصاً كتبه شخصياً كما في فيلم (أميركا .. أميركا) كان عليه التعامل مع رؤساء الاستديو الذين يمتلكون القوة الأعظم، ولكنه عندما انصرف الى كتابة الروايات في أعوام الستينات، كان بإمكانه ان يقول مايريد، والمرارة التي يجدها القارئ في مذكراته الشخصية منبثقة من حقيقة عدم نجاح (التسوية) وكتب اخرى جاءت بعدها، كما نجحت مسرحياته وأفلامه.ان (الرسائل المختارة لإلياكازان) نالت المديح لكونها حقيقية ودون تضخيم الذات والكتابة عن مشاعره الحقيقية وأفكاره الصادقة، وهذه الرسائل تجعل القارئ يحس بمشاعر كازان وفهم أفكاره.
عن: الاوبزرفر