TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > موسكو1 بدل جنيف3

موسكو1 بدل جنيف3

نشر في: 11 نوفمبر, 2014: 09:01 م

فشل جنيف الثاني في وضع أسس لحل الأزمة السورية، فاستمرت حروب الإخوة الأعداء، واستباح محترفو الإرهاب باسم الدين الجغرافيا السورية، واستنفر العالم كله محاولاً القضاء على هذه الظاهرة الهمجية، فيما تراجع الاهتمام بأصل المسألة، مع تراجع دور معارضي الأسد على الأرض، وانشغال قياداتهم السياسية والعسكرية بتقاسم المعونات التي تصل للثوار، وتحول كتائب الجيش الحر إلى مجرد مقاتلين "مرتزقة" يتبعون لأمراء حرب، استهوتهم لعبة الثورة والثروة، ومع ذلك ظل هناك من يراهن على ائتلاف المعارضة، حتى أن مؤتمراً لأصدقاء سوريا انعقد قبل يومين في لندن، دون أن يدري أحد لماذا انعقد وماذا بحث وإلى أي نتائج وصل.
يجري الحديث اليوم عن جهد روسي، لعقد مؤتمر جديد يؤسس لشكل من المصالحة بين النظام ومعارضة الداخل، ومعها الأكثر اعتدالاً من معارضة الخارج، حتى أن معاذ الخطيب رئيس الائتلاف السابق دعي إلى موسكو، للبحث عن آفاق للحل، وهو يعلن أن المهم التأكيد على أولوية إنقاذ سوريا شعباً وأرضاً ، وإيقاف القتل والدماء، صحيح أنه واصل هجومه على الأسد، باعتبار أن سوريا لا يمكن أن تتعافى بوجوده، وأنه لا يمكن قبول أي دور له في المستقبل، لكن الأصح أن هذا الكلام إنشائي، ولا يجد من يصرفه خصوصاً في الكرملين، المؤمن بضرورة استمرار الأسد رئيساً، بغض النظر عن الأثمان التي يدفعها السوريون بالدرجة الأولى، ومحيطهم الإقليمي بدرجة أقل.
يقال إن القاهرة ستلعب دوراً بارزاً في حل الأزمة السورية، معتمدة على علاقتها القديمة مع الرياض، والمتجددة مع طهران، وغير المنقطعة مع دمشق، وهو دور يسعى كثيرون لتفعيله في استعادة لدور مصر الإقليمي، غير أن المؤكد هو أن أي حل سياسي للأزمة السورية سيظل كالحراثة في الماء، مالم يسبقه قرار دولي ملزم، بطرد كل المقاتلين الأجانب من بلاد الشام، سواء كانوا ضد النظام أو معه، ويستبعد كل من تلوثت يداه بدم السوريين، مع تأكيد القوى الدولية والإقليمية على تنفيذه حتى وإن اقتضى الأمر استخدام القوة ضد من يحاول إعاقته.
السؤال هنا هل تستطيع موسكو المنحازة للأسد، أن تحل مكان جنيف 2 المنحاز لمعارضيه؟، وهل بمقدورها التوفيق بين الأطراف المتناقضة والتوفيق بينها ليكون الكرملين عراب الحل، الذي يبدو مستحيلاً ما دام أطراف المسألة يُكفّرون بعضهم، ويؤمنون بضرورة أو حتمية القضاء على الآخر، وليس التحاور معه، وليس مهماً أن يرحب كل طرف بالمشاركة في مؤتمر موسكو، فالمهم هو النوايا المعروفة عند الجميع، والتي يحاول الجميع التستر عليها بطرح شعارات رنانة عن الحرية والديمقراطية والممانعة والقومية ، ومسبقا ً تُسرّب دمشق أنها تنظر إلى مؤتمر موسكو باعتباره حاجة سياسية روسية، وهي مستعدة في إطار العلاقات الوثيقة بينهما، وكنوع من رد الجميل، للمشاركة فيه على مضض، وهي تعرف النتائج سلفاً.
المعارضة السورية، ولا نتحدث عن داعش ومن هم على شاكلتها، مدعوة للبحث عن حلول سياسية على طريقة "لا يموت الذيب ولا تفنى الغنم"، وطرح مشروع وطني قابل للتطبيق، وعدم التشبث بهدف تعرف قبل غيرها عدم قدرتها على بلوغه، والنظام مدعو أيضاً لاستثمار "انتصاراته" في وضع حلول جذرية تلبي مطالب المواطنين، بدل الإصرار على إخضاعهم، وهو يدرك بعد أربع سنوات من التطاحن استحالة ذلك، والقوى الإقليمية من تركيا إلى إيران والسعودية، مدعوة للمساهمة في جهد صادق للحفاظ على ما تبقى من سوريا، بدل السعي لهدمه وتدميره، وبمعنى أن على الجميع مواجهة لحظة الحقيقة، فهل يفعلون؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

التلوث البيئي في العراق على المحك: "المخاطر والتداعيات"

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

 علي حسين في السبعينيات سحرنا صوت مطرب ضرير اسمه الشيخ امام يغني قصائد شاعر العامية المصري احمد فؤاد نجم ولازالت هذه الاغاني تشكل جزءا من الذاكرة الوطنية للمثقفين العرب، كما أنها تعد وثيقة...
علي حسين

زيارة البابا لتركيا: مكاسب أردوغان السياسية وفرص العراق الضائعة

سعد سلوم بدأ البابا ليو الرابع عشر أول رحلة خارجية له منذ انتخابه بزيارة تركيا، في خطوة رمزية ودبلوماسية تهدف إلى تعزيز الحوار بين المسلمين والمسيحيين، وتعزيز التعاون مع الطوائف المسيحية المختلفة. جاءت الزيارة...
سعد سلّوم

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

احمد حسن تجربة الحكم في العراق ما بعد عام 2003 صارت تتكشف يوميا مأساة انتقال نموذج مؤسسات الدولة التي كانت تتغذى على فكرة العمومية والتشاركية ومركزية الخدمات إلى كيان سياسي هزيل وضيف يتماهى مع...
احمد حسن

الموسيقى والغناء… ذاكرة الشعوب وصوت تطوّرها

عصام الياسري تُعدّ الموسيقى واحدة من أقدم اللغات التي ابتكرها الإنسان للتعبير عن ذاته وعن الجماعة التي ينتمي إليها. فمنذ فجر التاريخ، كانت الإيقاعات الأولى تصاحب طقوس الحياة: في العمل، في الاحتفالات، في الحروب،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram