يواصل الرئيس اليمني المُطاح علي عبد الله صالح "رقصة الأفاعي"، وهو الوصف الذي أطلقه على فترة حكمه لليمن، وهو يرفض ترك الساحة السياسية، على أمل أن يعود للحكم من الشباك بعد أن خرج من الباب، فيعقد تحالفات مع أعداء الأمس، وينقلب على حلفاء شاركوه الحكم سنوات طوال، ولا ينكر أحد عليه إتقانه ألاعيب السياسة والتحالفات العابرة للمواقف والقناعات، وهو اليوم يبني شراكة مع الحوثيين الذين خاض ضدهم عدة حروب، لمنع نائبه السابق وهو الرئيس الحالي من تشكيل حكومة تُخرج بالبلاد من أزمتها، ويتراجع معهم عن التزاماتهم الموقعة بقبول التشكيل الحكومي الجديد، بموجب التخويل الخطي للرئيس هادي ورئيس الحكومة خالد بحاح باختيار أعضاء الحكومة العتيدة.
سيؤدي تراجع حزب صالح والحوثيين، عن تأييد التشكيل الحكومي، إلى مزيد من الفوضى وانعدام الأمن، في بلد يتسلح شعبه حتى الأسنان، وتنذر كل المقدمات فيه بحرب أهلية طائفية، والتحول إلى ساحة صراع إقليمية معروفة أطرافها، وتهدد بتأثيرات سلبية على التجارة البحرية الدولية، ويتمدد فيه الحوثيون في العديد من المحافظات ويرفضون الانسحاب من العاصمة، وتنفيذ استحقاقات اتفاق السلم والشراكة الوطنية، بينما يقود صالح ضد نائبه السابق انقلاباً تنظيمياً، يمكن اعتباره خطوة في مخطط يستهدف إطاحة الرئيس الانتقالي المنتخب، والدفع بالأوضاع في البلاد صوب المزيد من التأزيم، وصولاً إلى تشكيل مجلس رئاسي مؤقت، تشارك فيه قيادات عسكرية موالية لصالح، وبحيث يتحكم في سير الأمور ولو من وراء ستار.
يواصل صالح اللعب على أكثر من صعيد، فقد دفع البرلمان الذي يتمتع حزبه فيه بالأغلبية، إلى إصدار بيان يطالب بوقف العقوبات الدولية والأمريكية ضده، ومعه اثنين من القيادات العسكرية للحوثيين، باعتبار أن الأوضاع القائمة وصلت إلى حد ينذر بالخطر، الأمر الذي يتطلب وقف مثل هذه العقوبات، والاتجاه نحو تنفيذ ما تبقى من بنود المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وتحقيق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، واستكمال تنفيذ نصوص اتفاق السلم والشراكة، مع أن المعروف والمؤكد أن العقوبات فرضت، نتيجة مناورات صالح لوأد اتفاق خليجي عربي دولي، يستهدف وضع اليمن على سكة الهدوء والأمان والبناء، عبر عملية سياسية انتقالية، بعد سنوات طوال عاشها يرقب رقصة الأفاعي، المسجلة رسمياً باسم صالح.
نحن إذن بانتظار الإعلان رسمياً عن تحالف صالح والحوثيين، بعد أن ظل تحالفهما سرياً لأكثر من عامين، وهو تحالف مصلحي يأتي بعد سنوات من الحروب شنها صالح ضدهم، وبعد مؤامرات خبيثة استهدفت تدمير حركتهم، إرضاءً لدول خليجية كانت تدعمه، وبانتظار انشقاقات من قادة في حزبه احتجاجاً على هذا التحالف، ورفضاً لفصله الرئيس هادي من المؤتمر، وإعاقته محاولات بسط سلطة الدولة، ويلفت النظر أن المنشقين حتى الآن ينتمون لجنوب اليمن، ولعل خطوتهم المقبلة تكون تأييد الحراك الجنوبي لفصم الوحدة، وإعادة بناء دولة اليمن الجنوبي، أمّا إن تجرّأ صالح على محاولة إعادة سيرته الأولى بقيادة انقلاب، فإن ذلك سيؤدي حتماً لانفصال الجنوب، ووضع اليمن فعلاً تحت الوصاية الدولية، وستتوسع العقوبات الدولية لتشمل الدولة بأسرها، وربما يكون ذلك وصفة سحرية لاندلاع حرب أهلية على أسس طائفية في الشمال.
رقص صالح كثيراً مع الأفاعي منذ تسلق سلم السلطة، من عريف في الجيش، وإلى أن منح نفسه أعلى الرتب العسكرية مع شهادة دكتوراه، مع أنه محى أُميته أثناء وظيفته، نجا كثيراً من لدغ الأفاعي، لكنه يتجاهل اليوم أنه "ليس كل مرّه بتسلم الجرّه".
صالح يواصل رقصة الأفاعي
[post-views]
نشر في: 12 نوفمبر, 2014: 09:01 م