إذا كنت صحفياً في بغداد لن تفتقر إلى الأحداث الساخنة. كل يوم هناك من يقفز وسط الأبرياء بحزام ناسف، معلناً أنه قادم لإقامة دولة الخلافة . وإذا تبحث عن القصص المثيرة والغريبة، ففي هذه المدينة العجيبة الكثير ،فهناك معلومة جديدة: حنان الفتلاوي التي أخبرتنا أكثر من مرة أنها ابنة حزب الدعوة، قالت بالأمس إنها بدأت حياتها السياسية معارضة وستختمها كذلك، وهي تعارض كل من"ينبطح"، آسف لهذا التعبير فهو من قاموس النائبة المحترمة التي دائما ما تفاجئنا بالجديد والممتع !..صالح المطلك يستلهم أفكار خضير الخزاعي في صياغة نظرية للسلم الاجتماعي.. بالمناسبة أين أنت يا دكتور خضير ؟ فقط سؤال اطمئنان. أطللت في زمن التكليف الشرعي واختفيت في نعيم أوتاوا، أعطيت لنا خُطباً عن الرفاهية التي تنتظرنا، لكنك في النهاية تقاسمت الكعكة مع الأحباب الأصحاب.
أُدرك وأعي أنْ لا خضير الخزاعي سيقرأ ما أكتبه ، وأنّ السيدة الفتلاوي ستضعني في خانة"المنبطحين"، ولكن اسمحوا لي أن أواصل حكايتي، قبل أيام افتتحت هولندا أول طريق لتوليد الكهرباء في العالم، هذه البلاد التي لا تحمل سجلاً تاريخياً يضم حكايات ألف ليلة وليلة، وبيتاً للحكمة، وساعة شارلمان ، فقد دخلت التاريخ متعثرة، لكنها اليوم واحدة من أثرى البلدان، أتذكر أننا في بغداد لم نعرف هولندا إلا من ثلاثة أشياء:الرسام فان كوخ.. صاحب أشهر أُذن في التاريخ والتي دائما ما تثار حادثة قطعها، هل قدّمها الرسام هدية إلى محبوبته، أم أنها فقدت في معركة ليلية مع الرسام غوغان، وأتذكر أنني قرأت قبل سنوات مذكرات فان كوخ وهالني حالة العوز والحرمان التي كان يعيشها، وكيف أن شقيقه ظل يستعطف أحد المحسنين لكي يدفع خمسة دولارات في لوحة بيعت في ما بعد بـ82 مليون دولار عدّاً ونقداً.. والشخصية الهولندية الثانية لاعب كرة القدم يوهان كرويف.. وثالث مشاهير هذه البلاد السيد فيليبس مؤسس شركة للصناعات الكهربائية ، في كتاب أعظم 40 اختراعاً يقول مؤلفة إن الشاب جيرارد فيليبس سيطرت عليه عام 189 فكرة واحدة فقط هي كيف يحقق حلم أديسون في تصنيع مصباح كهربائي ، وهو الاختراع الذي أشاع البهجة والمعرفة والسرور في كل بيوت الكرة الأرضية بمختلف ديانات سكانها وألوانهم وقومياتهم. هل تعرفون الناتج الإجمالي لشركة فيليبس تجاوز العام الماضي الخمسين مليار دولار، من غير براميل نفط ، يشحذ الأشقاء سكاكينهم من أجلها، ولم يكتف السيد جيرار بذلك بل سحرنا بصندوق خشبي سمّي راديو"رمز الحرية الفكرية و ركناً من الديمقراطية وفاضحاً كل أسرار الدنيا"مثلما تغنّى به عزيز علي ذات يوم .
اليوم نسمع في نشرات الأخبار، لا في راديو فيلبيس، أن هولندا لم تعد تصدر الضوء والفن وبيرتها الشهيرة"أمستل"لهذه المنطقة ، وإنما أبو عبد الله الهولندي الذي يريد أن يعلّم أبناء أمستردام أن الحياة ليست تعبيد طرق تولّد الكهرباء، ولا إنتاج مصابيح تبدد العتمة، وأن العمل لا يتأتى من مساعدة الضعفاء ونصرة المساكين، وإنما بقطع الرؤوس والتباهي برفعها أمام الكاميرات.
بعد مئة وستة وعشرين عاماً، تعود أُذن فان كوخ من الحفرة إلى الواجهة حيث يتم العثور على ما تبقى منها ويتمكن العلماء تخليقها من جديد لتعرض في أهم متاحف العالم، باعتبارها من الأيقونات العظيمة للبشرية، وبعد عشرين عاماً على هجرته إلى هولندا، طلباً للأمان وهرباً من العوز يعود أبو عبد الله الهولندي ليفجّر نفسه في ساحة النسور ببغداد، متوهماً أنّ أشلاءه التي تناثرت ستجذب أكبر عدد ممكن من الحور العين! شكراً لـ"أبو عبد الله"الذي ذكّرنا أننا لانزال على العهد لعمّنا المتنبي..أُمّةً تضحك مِن جَهلِها الأُمَمُ!
أبو عبد الله الهولندي وأُذن فان كوخ
[post-views]
نشر في: 14 نوفمبر, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 4
محمد توفيق
ثقافة الهولنديين في حب الزهور والرسم وفان كوخ، وبدائل الطاقة جديرة أن تكون مواضيع حافزة تستهوي المسؤولين في العراق لأن يقدموا الى هولندا للإستفادة منها (لمصلخة) العراق لكن ليس عن طريق الإيفاد الرسمي ابو 300 دولار لليلة الواحدة ، وأتمنى أن تكون السيدة حن
داخل السومري
شكرا لك استاذ علي ان ذكرتنا بقول المتنبي قبل اكثر من الف عام-يا امة قد ضحكت من جهلها الامم- فماذا سيقول المتنبي لو اطل علينا اليوم،اني اتخيله سيقول ما معناه يا امة قد اقرفت بجهلها وارهابها سائر الامم .
علي
السيد كاتب المقال هل تستطيع ان تفسر لي كيف ان هذه الدوله الكبيره في تطورها وغيرها اكثر تطورا مثل المانيا وفرنسا استطاعت ان توفر ملاذات لنشؤ هكذا كائنات اتت اليها منذ عقود كلاجئين ووفرت لهم الدعم المالي واللوجستي داخليا وخارجيا من السعوديه مثلا ثم ارسلتهم
خليلو...
استاذ علي:اجبني اجاب الله كلما في قلبك: اجن هؤلاء ام انهم يعيدون تمثيل الاسلام في عهده الاول؟