أنا خجول مما يدور داخل قبة البرلمان.. أو بما يقال إنه يحدث كل يوم في مجلس النواب. فما معنى أن يتذكر السادة النواب الآن..الآن.. وليس قبل شهر أو شهرين أن هناك فضيحة أمنية تسببت بضياع عدد من المدن وتهجير مئات الآلاف وسبي النساء وذبح الأبرياء.. هناك اليوم في الأنباء حدث ينتمي إلى عالم الغرائب، فقد صوّت مجلس النواب أخيراً على تشكيل لجنة نيابية للتحقيق في أسباب سقوط محافظة نينوى والمتسببين به.
ما هذا المناخ الكوميدي ايها السادة؟ سامحوني أن عدت قليلا إلى الوراء لأذكّركم أنني ومثل العديد من زملاء هذه المهنة، كنّا نكرر نفس الأسئلة، لكن لا شيء تغير سوى إجابات ناطقي الداخلية والدفاع، وهي بيانات لم تكن ولن تكون صالحة للاستخدام البشري، لا رهان على الحكومة ومؤسساتها، ولا استقرار مع برلمان يتناحر أعضاؤه من أجل عيون كتلهم السياسية، ولا شيء سوى الانسجام مع الفوضى والخراب.
سنوات والعنوان في صحفنا الرسمية وشبه الرسمية هو واحد لا يتغيّر"نجاح الخطة الأمنية"، فلتحيا الحكومة إذاً.. وليسعد السادة النواب الذين اكتشفوا مؤخرا أن هناك مواطنين مسيحيين يجب أن نطالبهم بالتمسك بالأرض! أما كيف ومن يقف معهم، فهذه أسئلة لا مكان لطرحها تحت قبّة البرلمان، ونحن نخوض معركة الدفاع عن منافع السلطة، لا منافع المستضعفين.
يقول المؤرخ هوارد زن في كتابه التاريخ الشعبي لأمريكا، إن العناصر الحاسمة لنجاح عمل المؤسسات التشريعية هي ثلاثة: تفوّق في خدمة الناس.. مقدرة على اكتشاف مواقع الخلل.. قدرة على التحرك السريع لمعالجة الخطأ في أماكن وجوده.
أتمنى عليكم أن ترجعوا بالذاكرة إلى الأيام الأولى من معارك الأنبار، في ذلك الوقت خرج علينا العديد من السادة النواب ليعلنوا بالحرف الواحد أن القاعدة منيت بهزيمة وأنها تلفظ أنفاسها الأخيرة، بعدها بأيام شاهدنا من على الفضائيات النائب"فلان"والنائبة"علانة"يبتسمون وهم يُخبرون المشاهد"العزيز" بأن القوات الأمنية وجّهت ضربات قاصمة للإرهابيين، و أنّ القاعدة أصبحت ملاحقة كالجرذان، لا أريد أن اعود بكم الى أيام كان فيها الزعيم"العالمي"معمر القذافي يحذر من أسماهم بالجرذان والفقاعات، بمصير مثل لون الدم، لأنهم تجرّأوا وطالبوا بجرعة من الاطمئنان وقليل من الرفاهية.
ولهذا سأعيد نفس السؤال الذي طرحته أكثر من مرة في هذا المكان: أليس من حق العراقيين أن يخرج عليهم مسؤول ليقول جملة واحدة وصريحة وواضحة وصريح: هؤلاء من تسببوا الخراب.
يُخطئ من يتصوّر أنّ المشهد في الموصل سيكون الأخير في سجلّ فشل الدولة العراقية، أو أن الذين قاموا بها هم نفر ضال من الضباط، ومن المضحك أن ننظر للأمر من زاوية ضيقة تقول إن مجلس النواب بصدد إجراء تحقيق في ما جرى من أحداث أدّت إلى انسحاب الجيش،، ذلك أن القصة تعبّر بشكل مخيف عن غياب الشعور بالمسؤولية، وتغيّب الضمير والقانون.
قصة الموصل أيها السادة فيها الكثير من المستور، لكن فيها حقيقة واحدة، أن البعض من مسؤولينا الأشاوس، أغمضوا جفوناً ناعسة على الأسى والفشل الذي تنوء به مدن العراق، وكانت أقسى وأسوأ أنواع الإهانات ما قاله البعض من السادة النواب من أن هناك مؤامرة على العملية السياسية بسبب الانتصارات والإنجازات الكبيرة التي تحققت.
هذه هي الحقيقة التي يصرّ البعض على حجبها ولفلفتها من خلال عروض ساذجة من خدع السيرك القديمة، وكلام من عيّنة أنّ الأمور تسير في طريقها الصحيح.. وأنّ الخلاف لا يعدو أن يكون بين كلمة"خيانة"و"تقصير"وسينتهي هذا الخلاف اللغوي قريبا.
كيف لنا أن نشكركم أيها السادة النواب على هذه الالتفاتة الجميلة، أيها النواب أن العراقي كان ينتظر انتهاء الناطق من تلاوة هذا البيان التاريخي حتى يذهب ويعانقكم واحداً بعد الاخر.
ماذا تشاهد وتسمع في البرلمان؟
[post-views]
نشر في: 15 نوفمبر, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 2
د عادل على
فى سنه 1958 كنا شعبا نفتخربانفسنا لانه خكنا طييبين انسانيين دو غيرة كنا غير طائفيين لايؤدى احدنا الاخرنحب طننا ونفتخر بقائدنا الدى كان وطننيا 100%كا شجاعا واصد قانون 80 بخصوص استثمار النفط وكان يعيش كالفقراء ويتعب للفقراء----------كان لعبدالكريم عدوان وهم
وسام
بالتالي لن يصح الا الصحيح وسوف يلعن التاريخ كل من حطم ولوث وأهان بلده وناسه وسوف يكونون أمثلة تدرس عن الخسة والطمع وانعدام الظمير. أستاذ علي أكثرهم يتكلم سني شيعي ومكون معرف شنو. اتجتني من الشوك عنبا ام من العليق تينا (يقول السيد المسيح) من ثمارهم تعرفونه