رغم أن التنظيم الإرهابي هو نفسه في سوريا والعراق ، وأن قيادته واحدة تنحصر بين يدي الخليفة البغدادي، وأن القتال ضده يتم اليوم في بلاد الشام والرافدين معاً، فإن من الصعب اعتبار أن النجاح ضده في واحدة من الساحتين الميدانيتين، يمكن تجييره للساحة الثانية، ويكمن السبب في طبيعة النظامين، وطبيعة تركيبة أعداء الدواعش والظروف المحيطة بالمعركة، حيث تدل المقدمات على أن الهزيمة الأولى ستلحق بالدواعش على الأرض العراقية، وهي تبدو قريبة نسبياً، بينما سيقوّي ذلك التنظيم على الأرض السورية، إن "هاجر" مقاتلوه من العراق إلى بلاد الشام.
ما تم حتى اليوم، أن داعش تلقت ضربات ساحقة من طيران التحالف الدولي، تزامنت أو أدت إلى تقدم قوات الجيش العراقي والبيشمركة والحشد الشعبي، في المناطق التي سقطت تحت سطوة التنظيم، إضافة إلى فقدانه الكثير من التعاطف الشعبي نتيجة تجبره و ولوغه في الدم، واكتشاف حاضنته الشعبية أنها خرجت من تحت الدلف إلى تحت المزراب، ما يؤكد أن هدف تحرير المناطق التي بسط سيطرته عليها لم يعد بعيد المنال، وأن نتيجة ذلك ستكون عودة التنظيم سيرته الأولى كميلشيا، ليس بيدها غير شن حرب عصابات تعتمد التفجيرات العمياء، التي تستهدف الأبرياء لإرهاب الآخرين، غير أن ذلك كله لن يمنع الحكومة العراقية، إن اعتمدت مساراً سياسياً مغايراً لما ساد خلال السنوات الثماني الماضية، وبحيث تنتهج سبل العدالة الاجتماعية والتنمية الشاملة، ومحاربة الفساد وضمان المشاركة السياسية لكل مكونات الشعب العراقي، من تحقيق النصر الناجز.
تختلف المعطيات والظروف في سوريا عن ما هو سائد في العراق، حيث تفتقر حالة بلاد الشام لخطة شاملة، كما تختلف طبيعة العلاقات بين أعداء داعش، حيث الكثير منهم يعادي الحكومة التي يفترض عداوتها الاستراتيجية لدولة الخرافة، كما أن طبيعة العمليات العسكرية تكاد تقتصر على الغارات الجوية، والاشتباكات على الأرض في كوباني، وعلى حدود دولة البغدادي هناك تركيا، بموقفها الغامض الرافض لتقديم أي دعم لمناوئي داعش، بينما تقدم إيران كل دعم ممكن لدحره في العراق، والمنتظر قريباً انسحاب الدواعش من العراق، إن استمرت وتيرة هزائمهم إلى سوريا، لتعضيد إخوتهم هناك، وهم لا يعتبرون أنهم هُزموا، لأنهم يقاتلون في أرض الخلافة العابرة للحدود الوطنية.
الحرب على الإرهاب عنوان مشترك في سوريا والعراق، لكن نتائجها متباينة، في العراق ثمة خطوات وإن كانت وئيدة، للتوصل إلى حلول سياسية ترضي الأطراف كافة، أما في سوريا فثمة غياب لأي تفكير عملي بحل سياسي، نتيجة تعنت أطراف الصراع، وسعيها لإلغاء الآخر بدل التعايش معه، وكل ذلك في ظل غياب قرار دولي وإقليمي، بمنع تدفق المقاتلين والمال والسلاح لداعش ومن هم على شاكلتها، ما يتيح الفرصة لفرض واقع جديد على الجميع لمحاربة الإرهاب، باعتبار ذلك المهمة الأولى للنظام ومعارضيه في آن معاً، ويستدعي ذلك بالطبع تضافر جهود القوى الإقليمية بدل تنافرها، لأن الواقع يقول إن خطر داعش يستهدف الجميع، وخطاب البغدادي الأخير خير دليل.
الاستنتاج المؤسف لهذا الواقع أن الحرب في سوريا ستطول، لأن أعداء داعش يكنون عداءً لبعضهم أكثر من الذي يحملونه ضد هذا التنظيم الإرهابي، ولأن رعاة أمراء الحرب الذين يتكاثرون كما الفطر، بمسميات معظمها إسلاموي وبفكر متطرف منغلق، لم يتفقوا بعد على إنقاذ سوريا من المصير المؤلم الذي تمضي إليه، وتجر معها المنطقة بأسرها.
داعش في العراق غيرها في سوريا
[post-views]
نشر في: 16 نوفمبر, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
د عادل على
هناك اسئله صعب ان نجيبها-------قبل دخول الداعش الى العراق تركيا وامريكا كانايساندان داعش وكل انواع المقاومه ضد اسد---تركيا اعطت لداعش قواعد تدريب واسلحه ثقيله بتشجيع من امريكا--الداعش دخل العراق وتركيا رفضت ان تكون جزءا من القوات الدوليه واصرت على اسقاط