تطل من شرفة الذاكرة — وعلى حين غفلة — أسماء وتواريخ وأحداث ، عفى عليها الزمن ، لتفرض حضورها على الواقع الراهن كلما إدلهم موقف ، او التبست رؤية ، او اهدر حق . او انتهكت حرمة عدالة .
لا ادل على وجود دولة ( بمفاهيم واسس ومواصفات دولة حقيقية ) إلا بوجود قوانين مرعية وسلطة قضائية مستقلة ، نافذة أحكامها ، مدججة بقضاة عدول لا تشوب احكامهم شائبة ،لا يضعفون امام مغنم ، لا يحابون ظالما على حق مظلوم ،ولا يستجيبون لشفاعة مسؤول على حساب رعية .
……
كانت قاعة درس المرحوم ( ضياء شيت خطاب ) في كلية الحقوق مكتظة دائما . لا يكاد يتغيب عنها آحد إلا لطارئ ، وكان يطرز مادة ( المرافعات ) بالطرفة البليغة ، والأمثلة الدالة .. من بين شروطه الصارمة لتبوء منصة القضاء ، إعتماد مبدأ السهل الممتنع ، كان يشترط في القاضي ، الثقافة والعلم ، الإلمام بالفقه ومبادئ الفلسفة ، مطلعا على علوم الطب العدلي ، وعلم المنطق ، وعلم الاجتماع . متمرسا في اللغة — حبذا إجادته لغة اجنبية —.شجاعا عند إصدار الأحكام. نزيها امام المغريات .مقاوما الأهواء والشهوات ، رافضا الهدايا من المتخاصمين. محظور عليه مزاولة التجارة - بنفسه او بالإنابة. محرم عليه النظر بدعوى له مصلحة مباشرة فيها : كآن يكون له مع أحد الخصوم صداقة وطيدة او خصومة مستحكمة ، عليه ان لا يحكم بعلمه الشخصي المتحصل خارج المحكمة، مفروضة عليه الحيدة التامة والقاضي الذي يقتصر علمه على كتب القانون ، فما اشد بؤسه واوضح فقره، لذا قيل :
القاضي الحقيقي هو القانون يتجسد رجلا ..
لعل وعسى . فعلان للتمني والرجاء، يرتفعان كل أذان فجر في بلد كان موئلا لأقدم الشرائع وأعرق القوانين ، للحظوة بقضاة لا يضعفون امام بهرج المغريات ، ولا يتهافتون على قصعة العسل المداف بنقيع السموم.
القانون .. اسم على غير مسمى
[post-views]
نشر في: 16 نوفمبر, 2014: 09:01 م