اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > مسرح > ثائر هادي جبارة.. البياض خيانة أم كشف؟

ثائر هادي جبارة.. البياض خيانة أم كشف؟

نشر في: 17 نوفمبر, 2014: 09:01 م

لأن في البدء كانت الكلمة ولأن الفعل تال لها، وبعد التصوف كلمة/ فعل كان لـ(ثائر) أن يفعل/ يحور/ يشفر الكلمات المؤداة.وإذا ما كان الدين/ شريعة/ ناموساً فإن التصوف طريقة وخيال ابتداء دونما خواتم، وهكذا كان الاختزال/ الاختراق، شأن (ثائر) ذاتاً إنسانية وذ

لأن في البدء كانت الكلمة ولأن الفعل تال لها، وبعد التصوف كلمة/ فعل كان لـ(ثائر) أن يفعل/ يحور/ يشفر الكلمات المؤداة.
وإذا ما كان الدين/ شريعة/ ناموساً فإن التصوف طريقة وخيال ابتداء دونما خواتم، وهكذا كان الاختزال/ الاختراق، شأن (ثائر) ذاتاً إنسانية وذاتاً مسرحية/ ممسرحة تقرن الفكر/ بالفعل وذلك شأن لا يتخطى التصوف أو غيره من سبل التعبير.
ولأن المسرح قواعد وتقعيد أو ما يضاهي الشريعة/ الدين في الخطاب الفقهي فإن التصوف اجتراح للتعبير بقواعدها المتجادلة دون استقرار و(ثائر) حاملاً ومحمولاً لـ(لطائف) التصوف المسرحي جمالياً وذاتاً متعالية على كل دنيويات المسرح متقشفاً في واجهاته الاجتماعية فكان أن رزم قواعد المسرح (المشعرنة) ونمذجته الشكلية لـ(يخون) المسرح بتراسله مع أخطر أعدائنا وتعاهده مع أبخس كائناتها في أقاصي هوامش الهوامش وذلك المنعوت بـ(إنسان)!!!
و(ثائر) ثائر وهاتف مع (خونة) التاريخ الرسمي المدون بريش وأقلام عقود الاستبداد والقهر (هاتف) مع (الذات) (الذوات) (ثيبس) في عربته الجوالة و(سقراط) في حوارته واسألته. و(سرفانتس) في هزءة و(غاليلو) في إصراره و(ارتو) في طاعونه، و(الهاتف) في معاجم التصوف والعرفان نظير الـ(سكوت):
[ذلك المحب إذا سكت هلك والأمثل أن ينطق].
ولأن التصوف تصريح/ أداء/ بعده اللغة يصار المسرح لدى (ثائر) تؤم تلك الأفعال الحياتية الواثبة على مفاهيم التقليد والاعتياد والطمأنة، والمسرح بذلك نظير التجريب الصوفي في هجر الاستقرارات والمكرسات، المسرح لدى (ثائر) أداء لحظة تاريخية بكل سبلها السيميائية والزمكانية مثلها ولحظة الكشف الصوفي الوامضة دون تكرارات.
والمسرح عنده لعب وعزل للجواب وكسر للإيهام فهو في جزع و(الغرفة) المسرحية بجدرانها الثلاثة أو الأربع أيضاً، كونها لا تتسع لرؤياه بل تضيق بفعله/ انفعاله الوجودي السوسيو ـ ثقافي .
والأهم لديه فعل/ الكلمة وحجاجها بحضور الـ(آخر) الإنسان!! المأتلف أو المختلف في زمكانية الأداء/ الطقس.
في جسد مشروعه المسرحي تزدحم ثيمات الذات بكل موضوعاتها وانحناءاتها في فضاء مفترض وآخر حتمي يمثله دال (العراق) فكانت هناك الحرمانات/ الحروب/ القسوة/ الخذلان/ الصبر، ويجسد (ثائر) في مواجهة تلك الأفكار شبكة من النصوص المعارة من الأدب والسرد والأغنية والأنشودة والسيرة الشعبوية ولتكون معززة بالارتجال وأشارك المتلقي مع جوقة المؤدين في الجسد والصوت داخل صدفة الطقس المسرحي.
ويظل (الإنسان) لدى (ثائر) في أفضل (تقويم) فهل امتلك (ثائر) خطابه الديني ؟ والإنسان في متونه أي (ثائر) الحياتية والمسرحية المفترضة (رأس مال) ثمين، فهل عد (ثائر) مادياً؟ والإنسان موقد للمعرفة ونارها، فهل حمل (ثائر) موروث (برموثيوس)؟ وهل استدعى أفكار الوثنية الأولى ؟ و(ثائر) و(إنسان)ـه في توق إلى الحرية فأين لـ(سارتر) أن يحضر في مقولاته؟
أحسب أن قلب (ثائر) مرعى/ رياض لكل تلك الأفكار المنحلة في ذات واحدة موحدة تقترن بـ(دين الحب) الصوفي.
و(يوم) (ثائر) بساعاته (مران) لفعل آت في ميدان/ العمل/ المدرسة/ البيت/ المسرح/ فالمعرفة في ملازمة وقماشته الجسدية، مستذكراً إشارات (النفري):
[ وقال لي: قل لقلوب العارفين من أكل في المعرفة ونام في المعرفة ثبت في ما عرف ] .
وبعد كل ذلك كان لثائر أن يجمع ألوان القيم في لون (البياض)؟
و(ثائر) محكوم بالبياض، جسداً/ ذاتاً/ أفكاراً/ سلوكاً.
ومحكوم بـ(الكشف) عن (بياض) الأشياء والدهشة الأولى.
وهو (نصاً) و(خطاباً) (ابيض) بأبعاد أربع فضاء/ الروح/ الحياة/ المسرح/ الأداء ليحيط بالأشياء وتدوريها.
و(ثائر) متهم بـ(الخيانة) الـ(ما بعد) العظمى للأسباب الوجيهة التالية:
- لأنه يخون القوانين المسرحية توصلاً مع الإنسان.
- لأنه يخون الرفقة بالصبابة.
- لأنه يخون الصداقة بالإخوة.
- لأنه يخون المسرح بـ(الإنسان).
- ولأنه يخون الإنسان بالفطرة.
وهو في مساره ذاك، يثور/ ينفعل/ يهف/ يتأسى.
ليقف أمام مرآة الذات متسائلاً من أنت؟
ولنردد/ نهتف معه:
أيها البياض من أنت؟.
*شهادة مسرحية ألقيت بمناسبة تكريم نادي المسرح في الحلة، للفنان المسرحي (ثائر هادي جبارة) آذار /2014.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مسرحية رائحة حرب.. كايوسية التضاد بين الحرب ورائحته
مسرح

مسرحية رائحة حرب.. كايوسية التضاد بين الحرب ورائحته

فاتن حسين ناجي بين المسرح الوطني العراقي ومهرجان الهيئة العربية للمسرح في تونس ومسرح القاهرة التجريبي يجوب معاً مثال غازي مؤلفاً وعماد محمد مخرجاً ليقدموا صورة للحروب وماتضمره من تضادات وكايوسية تخلق أنساق الفوضوية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram