بعد سبعة أشهر من إعادة انتخابه رئيساً للجزائر لولاية رابعة، صنفته كأطول رؤساء الجزائر حكماً، كان الجزائريون يسألون خلالها أين الرئيس؟، ظهر بوتفليقة في صور جامدة جالساً على كرسيه ودون أي حركة، بثتها وكالة الأنباء الرسمية وهو يستقبل سفيرين قدما أوراق اعتمادهما، وكان هذا الحدث بعد رحلة علاج غامضة إلى فرنسا، صمتت عنها الجزائر صمت القبور وكشفتها الصحافة الفرنسية، فهو منذ انتخابه لم يظهر للعلن كما ينبغي، حيث غاب عن المواعيد الوطنية والدولية الهامة، مكتفياً بتكليف رئيس الوزراء بالنيابة عنه، ما أثار قلق أحزاب المعارضة التي دعت من جديد إلى تفعيل المادة 88 من الدستور، والتي تقر بفراغ في السلطة، يستوجب تعيين رئيس انتقالي ثم تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة.
يتناقل الجزائريون مقولات مفادها أن بوتفليقة لم يعد الحاكم الحقيقي، وأن السلطة الحقيقية بيد المقربين منه، كأخيه الأصغر سعيد ووزير الدفاع قايد صالح، ويرد أنصاره بالقول إن هذا نقاش عقيم، بما أن مؤسسات الدولة تسير بشكل عادي وهذا هو الأهم، ويؤكدون أنه يعمل ليلاً ونهاراً!، وأن انتقادات المعارضة لا أساس لها من الصحة، ورغم هذه الأنباء عن نشاطه المستمر ليلاً ونهاراً فقد ألغيت الاحتفالات التي كانت مقررة خلال عيد الاستقلال بسبب صحته، بينما اكتفى هو فقط بوضع باقة من الزهور على صرح الشهيد، وهو طبعاً وصل موقع الاحتفال بنشاط ملحوظ، يسمح له برفع إحدى يديه ليرد التحية بتثاقل، ولكن على كرسي متحرك.
ما تسرب عن زيارة بوتفليقة العلاجية الأخيرة لباريس، أنه عولج على يد طبيب فرنسي من أصل جزائري، جرّاء معاناته من ضعف حاد في وظيفة الكلام، عقب الجلطة الدموية التي أصابته العام الماضي، وطبيبه الذي يشغل منصب رئيس مركز جراحة الأعصاب بمستشفى جامعة غرينوبل، ومدير وحدة العلوم العصبية ما قبل السريرية، يعمل على موضوع التنبيه الكهربائي للمخ والجراحة العصبية، فاذا اكتشفنا اليوم ان الرئيس يعاني عجزاً في الكلام، إضافة لعجزه عن المشي واستعانته بكرسي متحرك، فما الذي بقي صالحاً عنده لممارسة صلاحياته، في بلد يحتاج رئيساً أكثر صحة ولو بقليل
كان ممكناً التغاضي عن "اختفاء الرئيس"، وعن مرضه الذي يمنعه من ممارسة سلطاته بشكل طبيعي أو أقرب إلى الطبيعي، لو لم يعتبر النظام السياسي في الجزائر أن منصب رئيس الجمهورية أقوى وأهم المناصب، وبمعنى أنه فعلياً نظام رئاسي يتغول على البرلمان، ويمنح السلطة التنفيذية سلطة المراجعة الدستورية، كونها صاحبة خبرة يفتقر لها البرلمان ، نحن هنا إذن إزاء نظام رئاسي بصلاحيات مطلقة للرئيس، تقود حتما في نهاية الأمر إلى دكتاتورية شمولية، إن لم يمارسها بوتفليقة فسيمارسها من يخلفه معتمداً على الدستور، في بلد لا تمارس مؤسساته صلاحياتها الموكلة لها، فيما تمارس المؤسسة العسكرية أدواراً ليست لها ، وبديهي أن تسفر حالة الغموض حول الصلاحيات، إلى بروز صراعات داخل نظام الحكم، كلما تعرض الرئيس لما يمنعه من ممارسة صلاحياته، أو يحد من قدرته على ممارستها كما في حال بوتفليقة.
لم يكن صحيحاً أن يتنطح بو تفليقه لولاية رابعة يعرف أنه لم يعد أهلاً لها، لكن شهوة السلطة دفعته للتمسك بمنصبه حتى الرمق الأخير، ما يوحي بأنه يتمنى لو يحمله معه إلى مثواه الأخير، أما أبرز انجازاته في ولايته الرابعة فهي تقبل أوراق اعتماد سفيرين وهو جالس صامت بدون حراك، ألا يستحق هذا الإنجاز ولاية رابعة تستمر لخمس سنوات؟.
أبرز إنجازات الرئيس
[post-views]
نشر في: 19 نوفمبر, 2014: 09:01 م