اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ميليشيات وطوائف ولامنتمون

ميليشيات وطوائف ولامنتمون

نشر في: 22 نوفمبر, 2014: 09:01 م

لقد اثرت غضب شريحة واسعة على الدوام، بحديثي عن ضرورة فتح الحوار مع معارضي النظام السياسي، ومحاولة التصالح حتى مع الفصائل المسلحة "السنية" التي قاتلت الاميركان والجيش العراقي، وارتكبت اخطاء رهيبة احيانا. لكنها انخرطت او يمكن ان تنخرط الان، في مشاريع مراجعة سواء مع الجنرال ديفيد بترايوس او الحكومة العراقية، والحوار يستأنف معها حالياً لمحاولة حشد جبهة داخلية ضد داعش، وبناء ثقة جديدة في مناخ سياسي جديد.
ورغم انهم يعرفون انني من مذهبهم، وانني لست بعثيا، وان معظم حلفائي واصدقائي هم اهل اليسار، فان جزءا من الجمهور الشيعي يصب غضبه علي كأنني ابن عم صدام، حين اطلب حوار تصالح وتنازلات فاعلة مع الطائفة الاخرى. وهذا امر طبيعي في وقت النكبات العامة.
والمفارقة (الطبيعية في وقت النكبات العامة) تتسع، اذ ان جزءا من القراء السنة يغضبون علي بشدة، حين انتقد التطرف السني او اطلب شيئا من التسامح مع الشيعة. واخر مرة اثرت غضب هذا النوع من ابناء بلدنا كانت حين دخلت نقاشا حول الميليشيات. الرجل كان يشكرني لانني ادعو للحوار مع فصائل مسلحة سنية، وادعو للتسامح بشأن اخطاء سياسية وميدانية كثيرة وقعت فيها، كي نفتح صفحة جديدة. لكنه كان يطلب مني ان اصب جام الغضب على الميليشيات وان ادعو لطردها من مشروع الحرس الوطني، وان اطالب المرجعية بطرد الميليشيات من الحشد الشعبي. اما انا فسألته: كيف تريدني ان اتسامح مع مسلحين سنة، بينما اسد باب الغفران مع مسلحي المذهب الاخر؟ لماذا نستسيغ مفارقة كهذه؟
والحقيقة اننا نحن الذين ندعو الى التسامح، وقعنا بين معسكرين متطرفين سياسيا، من هذا المذهب وذاك، ونحن لا ننتمي لاي طرف. كل ما نبحث عنه هو حياة طبيعية تشبه حياة الانسان العادي في غواتيمالا او جزر الهونولولو. نتمنى ان نصحو صباحا فلا نجد اي سيف شيعي او سني في هذه البلاد. لكننا لا نقوى على تحقيق هذه الامنية، ولم تبق امامنا سوى ثلاثة سيناريوهات. ان يفوز مسلحو الشيعة على الطرف الاخر. وحينئذ سنصبح خاضعين لنمط متطرف رهيب. او ان يفوز المسلحون السنة، وهذا نمط رهيب ايضا. او ان نعمل جميعا لتقوية الدولة وندعم جهدا تصالحيا مع مسلحي كل الاطراف، يقوم على الصفح وبدء صفحة جديدة مدنية تضمن العدالة للجميع، لندخل موسم محاسبة لكل من يخرق القوانين من الان فصاعدا. والسيناريو الثالث هو الذي نعيش من اجله.
لن يصبح العراق افضل في الوقت الراهن، حين ندعو الى القاء هذه الجماعة في البحر، او سلخ جلود تلك الجماعة وصلب عناصرها على بوابات بغداد. لكن المطلوب هو ان ندين كل فعل مسلح خارج ضوابط الدولة، وان نسمح للمتورطين بفرصة للمراجعة، طالما كان ذلك ممكنا، وان نخوض حوارا وطنيا محكم التدبير بهذا الشأن، لا يتبادل اطرافه التخوين، بل يصممون مع بعض، شكلا لمستقبل الاستقرار.
ولكن علينا ان لا ننسى في هذا الاطار ان المسؤولية الاكبر تقع على طائفة رئيس الوزراء، لانها الاكثر سلطة ونفوذا واستقرارا ومالاً اليوم، ضمن الدولة وخارجها. وان نتذكر ان افضل دفاع عن سمعة هذه الجهة او تلك، هو السماح بالتحقق من اي اتهام يطالها، وتقديم المتعدين على الناس، الى العدالة. اذ لا يخلو طرف من خطأ. وحتى الجيوش الرسمية في ارقى الدول، تعترف بان جنودها يرتكبون اخطاء جسيمة، لانهم بشر طبعا، ولانهم يتعرضون لضغوط رهيبة ويمرون بلحظة ضعف. لكن الجيوش المحترمة تتمسك بالانضباط اكثر فاكثر، وتخضع المسيء لحساب عادل وشفاف. والعدالة هنا ليست ترفاً، بل لكسب ثقة الناس والسماح بمناخ حياة طبيعية يتيح الازدهار والتقدم. وبدون هذا سنبقى متخلفين في السياسة والاجتماع، يسخر منا خليفة داعش، وتتلاعب بنا اصغر القوى والبلدان.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. د عادل على

    بسم الله الرحمن الرحيم ادا اراد الله ان يهلك قرية ارسل فيها مترفيها فافسدوا فيها فحق عليهم العداب صدق الله العلى العظيم----انا شيعى وكوردى ايضا اوئيد افكار ومقترحات الاخ فى الاسلام وفى الانسانيه الاستاد سرمد الطائى بالرغم من اعدام اخى بالغاز فى ابى غر

  2. ابوسجاد

    نعم انا معك للمصالحة الوطنية حتى لايبقى باب المزايدات مفتوحا ونبقى نحن الشعب ندفع ثمن من يريد ان يبقى في السلطة ويتحكم بمصيرنا نعم لابد وضع حدا للاستهتار بدمائنا وكرامتنا

  3. ابو اثير

    من هذا الموقع أتحدى أي مسؤول في الحكومة من عريف شرطة الى رئيس الجمهورية ومن جندي الى رئيس الوزراء من التعرض ومسائلة الميليشيات المسلحة بسلاح الحكومة وتتنقل بسيارات الحكومة وترتدي الزي الحكومي ومن القدرة الى أيقافها والتصدي لها ... ولست أدري لماذا المرجعية

  4. علي

    ان من يعيش في التاريخ لا يحسن سوى التطرف ونحن شعب غارق في الماضي فلا احد يفهم ما تصبو اليه وزمان قالوا ما تصير جاره فهل في رأيك أكوا؟ وشكرا على مقالك

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram