أقرأ في كتاب عنوانه : حضارة العراق ، الجزء السادس . عمره ثلاثون سنة ( مطبوع عام ١٩٨٤) وآعجب ! آعجب من تحقق عبارة تتردد كلما تواءم قديم بجديد حد التطابق ….
(التاريخ يعيد نفسه ) ،
حقا ، التاريخ يعيد نفسه ،سيما في العراق ، فلو صحت الأخبار المتواترة الراهنة التي تومئ لأثمان نيل الوزارة الفلانية بكلفة كذا مليار دينار ، والمنصب الفلاني يباع بكذا مليون دولار . (حسب مدرار ضرع تلك المؤسسة ) لتداعت على الخاطر بعض الظواهر التي سبقت وزامنت وأدت إلى انهيار دولة الخلافة العباسية ، بشموخها ، بحضورها الدولي ، بحنكة وإرادة مؤسسيها الأوائل ، بجوامعها ، بجامعاتها بمكتباتها ، بدور العلم فيها ، بأسواقها العامرة وتجارتها المزدهرة، بالملاحة في نهريها ، بوفودها ومراسلاتها مع دول الإفرنج ، إلى وإلى … وإلى .
كل ذاك المجد والق التاريخ صار إلى هباء و عدم ، بعد ان ضعفت همة الخلفاء ، بعد سيادة الغرباء وتقزم الأصلاء وتناحرهم ، وكيدهم لبعضهم ، وتفشي الفساد بينهم ، وغلبة نوازع (الأنا ومن بعدي الطوفان ) . وغرامهم باتخاذ الأسماء الرنانة : فذاك المقتدر ، وذاك المعتضد ، وذاك المتوكل على الله . فالمستعين بالله ، فالواثق ، فالمعتمد ، فالمستكفي …إلخ.
(( أصبح منصب الوزارة موضع مساومات ، سيما في نهاية القرن الرابع الهجري، فبعد وفاة الصاحب بن عباد كتب قائد الجيش في جرجان الى الامير البويهي فخر الدولة ، يطلب الوزارة لنفسه مقابل مبلغ من المال قدره (٨)ملايين درهم، فلما سمع الوزير احمد بن إبراهيم بذلك ،عرض مبلغ (٩)ملايين درهم ، فإهتبلها الأمير البويهي فرصة ، فأشركهما معا في الوزارة !!))
لا عجب إذن لو تدهورت شؤون البلاد والعباد ، و بيعت مناصب الدولة بمزادات سرية وعلنية ، بالجملة والمفرد ، والأولوية في الحظوة لمن يدفع أكثر .
ذاك تاريخ مضى وانقضى . فماذا عن يومنا الراهن ، وغدنا المجهول ؟
من يا ترى من المخلصين الغيارى من يوجعه انين العراق الجريح ، ويسعى لوقف الانهيار الوشيك لبلد تتداعى جدرانه كلما أهرق دم لبريئ، أو تسرب برميل نفط- قجغ - على مرآى ومسمع ، او هربت ثروات العراق بعلم من يتظاهر بالعمى والعي والصمم .؟
او يساوم على بيع منصب لوزير او خفير ؟
مــــــن ؟!
حذار.. هذي علامات انهيار وشيك
[post-views]
نشر في: 23 نوفمبر, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
كاظم الأسدي
إذا كانت الدولة العباسية قد إنهارت رغم كل ذلك الألق التأريخي المعلوم ! ورغم كل تلك القوة والجبروت المعلوم !! فما الذي عساه ينتظرنا نحن العراقيين اليوم ؟ في دولة الطوائف والقوميات والأثنيات ممثلين بمليشيات متناحرة لالنصرة المذهب ولا للدفاع عن الحقوق القومي