اتفقت القوى الكبرى وإيران امس الاثنين في الساعات الأخيرة من مفاوضات شاقة حول "النووي الإيراني"، على التوصل إلى اتفاق يؤكد أن مفاوضات جديدة ستجري في كانون الأول حول الملف، ما يعني فشل الدول الكبرى وإيران في التوصل إلى الاتفاق ضمن المهلة المحددة
اتفقت القوى الكبرى وإيران امس الاثنين في الساعات الأخيرة من مفاوضات شاقة حول "النووي الإيراني"، على التوصل إلى اتفاق يؤكد أن مفاوضات جديدة ستجري في كانون الأول حول الملف، ما يعني فشل الدول الكبرى وإيران في التوصل إلى الاتفاق ضمن المهلة المحددة لذلك، والتي انتهت امس الاثنين.
ولم تنجح ستة أيام من المشاورات المتواصلة في تقليص التباعد في المواقف حول تخصيب اليورانيوم والعقوبات على إيران، وهما البندان الرئيسيان في اتفاق يضع حدا لاثني عشر عاما من التوتر الدبلوماسي بين ايران والدول الكبرى.
وتنتهي مهلة التفاوض منتصف ليل امس الاثنين. ويعد كل طرف باستنفادها حتى النهاية أملا ببلوغ تسوية سياسية. وقال وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند "نركز على جهد أخير، جهد كبير صباح امس (الاثنين). بالتأكيد، اذا لم ننجح في ذلك سنرى كيفية التقدم لاحقا".
وكثف الوزيران الأميركي جون كيري والإيراني محمد جواد ظريف اجتماعاتهما الثنائية وتناولا مختلف السيناريوات حول السبيل الأفضل لمواصلة المفاوضات وفق ما نقل مصدر إيراني. وأقرت الولايات المتحدة بدورها بالعمل على فرضية تمديد لا تعرف مدته، علما بان مصدرا إيرانيا تحدث لوكالة فرانس برس عن "ستة اشهر او عام". لكن خيار التمديد ينطوي على مخاطر سياسية للرئيس الإيراني المعتدل حسن روحاني ونظيره الأميركي باراك اوباما. وفي هذا السياق، أشارت المحللة كيلسي دافنبورت لفرانس برس الى ما سمته "المتشددين الذين يريدون تقويض الاتفاق سواء في واشنطن او طهران".
ويريد المجتمع الدولي ان تقلص ايران قدراتها النووية لاستبعاد اي جانب عسكري، في حين تطالب طهران بحقها في نشاط نووي مدني شامل وتدعو الى رفع العقوبات الاقتصادية عنها.
ويتفاوض الجانبان استنادا الى اتفاق مرحلي وقع في جنيف في تشرين الثاني/نوفمبر 2013 ومدد للمرة الأولى في تموز/يوليو. ويلحظ هذا الاتفاق تجميد قسم من الأنشطة النووية لإيران مقابل رفع جزئي للعقوبات الدولية.
واعتبر المصدر الإيراني ان تمديد الاتفاق "سيكون اهون الشرين"، مؤكدا ان الأسوأ سيتمثل في "مناخ من المواجهة مع تصعيد من هذه الجهة وتلك. مثلا، ان يتم الرد على عقوبات جديدة بتطوير للبرنامج النووي". ومساء الأحد، صرح وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الذي عاد الى فيينا للمشاركة في جهود اللحظة الأخيرة "نبذل اقصى جهدنا للتوصل الى اتفاق، ولكن ينبغي ان يكون اتفاقا إيجابيا يسمح بالعمل من اجل السلام".
وبعدما التقى جواد ظريف للمرة السادسة واجرى عشرات الاتصالات الهاتفية مع حلفاء الولايات المتحدة، تشاور جون كيري مساء الاحد مع نظيره الروسي سيرغي لافروف الذي وصل صباحا. ثم كان له عشاء عمل مع نظرائه الفرنسي لوران فابيوس والبريطاني فيليب هاموند والألماني فرانك فالتر شتاينماير ومفاوضة الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون. ويصل وزير الخارجية الصيني وانغ يي صباح امس الاثنين الى فيينا.
وفي ضغط جديد على ايران، اكد الرئيس الأميركي باراك اوباما ان "كل المجتمع الدولي يقف الى جانبه"، وذلك في مقابلة مسجلة مع تلفزيون ايه بي سي بثت الاحد. واعتبرت الخبيرة كيلسي دافنبورت ردا على سؤال لوكالة فرانس برس ان تمديدا للمفاوضات لأشهر عدة "لن يكون له اي فرصة" للنجاح. وفي المقابل، رأت هذه الخبيرة في شؤون حظر الانتشار النووي ان "تمديدا قصيرا لوضع اللمسات الأخيرة على تفاصيل اتفاق" في حال إحراز تقدم كاف بحلول مساء الاثنين، هو امر واقعي.
وسيؤدي التوصل الى اتفاق الى انعاش الاقتصاد الإيراني، خصوصا لدى رفع الحظر الغربي على النفط. وسيمهد ايضا لتطبيع العلاقات بين ايران والغرب وحتى للتعاون حول العراق وسوريا. لكن تمديد المفاوضات قد يرفع اسهم من يعارضون تجاوز الأزمة سواء في الغرب او ايران. ويؤيد نواب أميركيون فرض مجموعة جديدة من العقوبات على طهران. وابتداء من كانون الثاني/يناير، سيسيطر المعارضون الجمهوريون لباراك اوباما على الكونغرس، ما يسمح لهم بتضييف هامش المناورة لدى الرئيس الديموقراطي. والفشل في فيينا سيضعف ايضا الرئيس الإيراني حسن روحاني الذي يرهن قسما كبيرا من مصداقيته على نجاح هذا الانفتاح على القوى الكبرى.
إلى ذلك بدأ وزراء خارجية دول مجموعة 5+1 وايران الاثنين في فيينا اجتماعًا سعيًا إلى تقريب وجهات نظرهم في اليوم الأخير المقرر للمفاوضات حول الملف النووي الايراني، وفق ما افاد مصدر غربي.
يضم هذا الاجتماع وهو الاول على هذا المستوى في هذه الجولة من المفاوضات، التي بدأت في الاسبوع الماضي، وزراء خارجية الدول الست (الصين الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والمانيا) وايران قبل ساعات من انتهاء المهلة التي كان حددها الطرفان في منتصف الليل للتوصل الى اتفاق.
اعلن دبلوماسي غربي امس الاثنين لوكالة فرانس برس ان المفاوضات بين ايران والدول الكبرى بهدف التوصل الى اتفاق كامل حول البرنامج النووي الإيراني ستمدد على الأرجح حتى 1 تموز/يوليو 2015.
وقال هذا الدبلوماسي ان القوى الكبرى في مجموعة 5+1 وايران تعتزم التفاوض على "اتفاق سياسي على الارجح بحلول 1 اذار/مارس 2015" ثم "الملحقات" لتسوية كاملة "بحلول 1 تموز/يوليو" المقبل.
وكان الدبلوماسي الغربي الموجود في العاصمة النمساوية قال في وقت سابق "نظرا إلى التقدم الذي احرز في نهاية الأسبوع، تتجه المفاوضات نحو تمديد مرجح، حيث سيلتقي خبراء ومفاوضون في كانون الاول/ديسمبر في مكان لم يحدد بعد".
ويأتي هذا الاعلان في وقت بدأت مجموعة خمسة زائد واحد (الصين، الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، روسيا والمانيا) مع ايران اول اجتماع لهما على المستوى الوزاري في اطار هذه الجولة من المفاوضات التي بدأت في 18 تشرين الثاني/نوفمبر. ويبدو ان الدول الكبرى الست وايران تتجه نحو تمديد المفاوضات في حال لم يتم التوصل الى اتفاق كامل حول البرنامج النووي الإيراني قبل مساء الاثنين، المهلة المحددة للتوصل الى اتفاق.
وأعلن وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند انه "من غير الممكن التوصل الى اتفاق ضمن المهلة" التي تنتهي الاثنين حول الملف النووي الايراني خلال مفاوضات فيينا، وان هذه المهلة مددت حتى 30 حزيران/يونيو 2015. واوضح هاموند ان المفاوضات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والقوى الكبرى ستتواصل بموجب بنود الاتفاق الأولي الذي ابرم في جنيف في تشرين الثاني/نوفمبر 2013.
وقال وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند الاثنين في فيينا ان ايران ستحصل كل شهر على 700 مليون دولار (564,2 مليون يورو) من أرصدتها المجمدة أثناء مواصلة التفاوض مع الدول الكبرى للتوصل الى اتفاق بشأن برنامجها النووي. والمفاوضات بشأن هذا الاتفاق لم تفض الاثنين الى نتيجة ضمن المهلة المحددة والتي ستمدد بحسب المصادر حتى 30 حزيران/يونيو او الاول من تموز/يوليو 2015.