هل هناك أسوأ من صور الفساد والمفسدين الذين نهبوا البلاد خلال السنوات الماضية ؟ سنقول : نعم ، إنه تصريح رئيس مجلس القضاء الأعلى مدحت المحمود عن إغلاق التحقيق بقضية الأسلحة الروسية لعدم كفاية الأدلة ! وقد تقولون: إنه موقف قضائي ، فلنترك هذه المسألة الآن ونتقدم إلى الامام .. وهاكم الخبر الجديد : القضاء العراقي اصدر احكاما تصل الى خمس سنوات ضد عدد من المتهمين بقضية جهاز كشف المتفجرات.. هذا هو الأمام.. ولأنني اجهل فلسفة القضاء فقد حاولت ان أعود الى الخبر الذي نشرته صحيفة الغارديان البريطانية في 5 ايار عام 2013 والذي يخبرنا ان القضاء البريطاني حكم على رجل الاعمال جيمس ماكورماك بائع أجهزة كشف المتفجرات إلى العراق بالسجن لمدة عشر سنوات.. قد تقول إنه الغرب الذي يجعل من " الحبة قبة "، ولكن اسمح لي أن أقول لك عن الجريمة التي لا تصدَّق: لقد كرم التاجر العراقي الذي استورد هذا الجهاز بان اصبح عضوا في مجلس النواب ، ومنح عقودا جديدة بعد ان اعلن تأييده المطلق " لفخامة " رئيس الوزراء السابق ، والاهم والمهم ، انه التقط صورة " سيلفي " مع فخامته وهما يبتسمان .
اذن فلنتقدم مادامت القضية تتعلق باستقلال القضاء الذي لا يريد ان يعترف بالتقارير التي نشرها الاعلام الغربي عن العمولات التي تم الحصول عليها وعن تورط مجموعة من كبار المسؤولين بتلك الصفقة كما جاء في تقرير هيئة النزاهة البرلمانية السابقة والتي اكدت ان مبالغ الرشى وصلت الى 200 مليون دولار عدا ونقدا.
هذه هي الحقيقة التي يصر القضاء على لفلفتها ، بجملة ملت الناس من سماعها "لعدم كفاية الأدلة".. تسليم الموصل الى داعش .. الأدلة غير كافية ، قتل الابرياء بدم بارد والادلة تظل غير كافية، المئات يختطفون في وضح النهار والادلة لم تكتف بعد، تسرق اموال الحصة التموينية والسيد " دليل " يعيش منعما مرفها في لندن، يصرف على الكهرباء مبالغ بحجم ميزانيات دول الجوار .. والدليل التيار غير كاف بعد.
منذ أحد عشر عاماً ومسؤولونا "الأشاوس" يبهرون العالم برواياتهم العظيمة، لكن رواية الوكيل الاقدم لوزارة الداخلية عدنان الاسدي ستظل تفوق ما قبلها وما بعدها، فهي ذات حبكة وأسلوب جديد، فقد اخبرنا المتحدث الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء عن اعفاء الوكيل الاقدم لوزارة الداخلية عدنان الأسدي.. الى هنا والخبر طبيعي جدا في بلاد يفترض انها تمارس مراجعة شديدة وقاسية للأخطاء التي ارتكبت في الماضي ، لكن السيد المتحدث لم يتركنا نهنأ بهذه المراجعة ، فقد اخبرنا ايضا ان السيد الاسدي هو لا غيره تم تعيينه مستشارا لرئيس الوزراء للشؤون الامنية".
يا سيدي هذا ضحك على ذقوننا ، وتزييف لارادة العراقيين بالتغيير نحو الافضل والاكفأ.. ما معنى ان نعزل مسؤولا له سجل "ابيض" في الملف الأمني، بل إنه كان جزءا من منظومة أطلق عليها "جماعة كل شيء تحت السيطرة" فيما العبوات الناسفة وكواتم الصوت والمفخخات تطارد العراقيين في المدن والقرى والأقضية .
عَلامَ التغيير اذن ، إذا لم يكن في الإمكان الحصول على نتائج افضل ومحاسبة الفاشل ؟ ما الذي سيتغير اليوم ما لم نغير قوانين الأمس ، على ماذا سيستشار السيد عدنان الأسدي؟ على المأساة التي عشناها في ظل سيطرته على وزارة الداخلية ثماني سنوات عجاف ، لم يعرف لها العالم مثيلا في جميع حروبه وكل سلامه؟ من يعوض الاف القتلى ومئات الالاف من النازحين وعشرات آلاف من المشردين والمهانين وآلاف أطنان الخطب الكاذبة والبيانات المزورة للحقائق .
حكاية المستشار الامني ستضاف حتما إلى قائمة "خزعبلات" السياسة العراقية ، التي لم تنته بقصص عبعوب وفوزه الساحق على دبي، القرار التاريخي باستقبال مشعان الجبوري بالأحضان في مجلس النواب ، ومليارات الدنانير التي منحها سعدون الدليمي لأقاربه.
السيد رئيس الوزراء عليك ان تحسن اختيار مستشاريك .. لا أعتقد أن هناك قولاً أثمن من هذا اقدمه لك .
لهذا يحتاجون الى عدنان الاسدي
[post-views]
نشر في: 24 نوفمبر, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 7
بغداد
الم يكن حيدر العبادي مستشارا لنوري الهالكي ؟!!!!! اذن لا غريب ولا عجيب من حثالات مرتزقة اطلقوا عليهم حكومة في زمن ساحق أغبر احمر صبغوه بلون الدم منذ غزوة ابوهم ابو البلاوي جورج دبليو بوش العراق غزوة ام الديمظراطية الامريكية سنة ٢٠٠٣ ولازالت غزوة نهب وسلب
ام رشا
أستاذ علي لا شك ان ما يحصل هو بسبب المحاصصة الطائفية هل من الممكن أن نكون اكثر شجاعه ونطالب بإلغاء الأحزاب الدينيه جميعها ؟
محمد توفيق
وهكذا تدحرج رأس آخر من رؤوس حقبة دولة الخراف السود، في خطوة مدروسة، بدون ضجيج إعلامي.وكان متوقعاً جداً أن يقيل العبادي الأسدي أحد أساطين دولة مختار العصر من منصبه.الإقالة لم تأتِ وفق سياسة كسر عظم بل جاء في سياق تعويضي لدرء زعل بين رفاق طريق حين عرض العبا
ابو سجاد
يااستاذ علي العراق معروف عنه بلد الثورات ولذلك العراق لاتنتهي ماساته الا بثورة تساوي حجم الدمار الذي خلفه لنا حزب الدعوة خاصتا والتحالف الشيعي ثانيا وهذا الكلام في الجرئد لايجدي نفعا البلد انتهى فيه كل شي ونحن نكتب ونقرا نحن نحتاج الى قادة ثورة يحملون على
مواطن عراقي
نعم استاذ علي، انه الضحك على الذقون، فلقد كنت ممن استبشروا خيرا بوزارة الدكتور العبادي والتي بدأت بأداء يبدو جيدا ولكن مالبثت تقلد سابقتها وزارة المالكي واغشي باننا سنترحم على وزارة المالكي يوما مثلما نترحم الان على ايام حكم صدام حسين بكل مآسيها.
ابو اثير
ألم نقول ونكتب وكتب بأن التغيير لا يمكن أن يحدث في عراقنا ما دام رئيس الحكومة يأتي من بين أعضاء حزب الدعوةألأسلامي ومن تحت عباءة التحالف الوطني المتسيد على الوضع السياسي العراقي منذ ألأحتلال ولحد ألآن .. وأكبر تجربة وبرهان هي ألأحدى عشر سنوات الماضية بمآس
داخل السومري
لما تضيع الهوية الوطنية يضيع معها كل شئ ويصبح البلد فريسة بيد اقذر ابناءه وبيد الدول التي تحرك هذه الدمى المنحطه.ارجو من السيدات والسادة الكرام الكف عن رمي مشاكلنا على القوى الخارجيه لان العيب كل العيب فينا.نحن شعب مثقل بالتخلف الذي ورثناه على طول القرون