TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > اخطر من اجتثاث: مسؤولية الكرد والشيعة

اخطر من اجتثاث: مسؤولية الكرد والشيعة

نشر في: 26 نوفمبر, 2014: 09:01 م

يحصل هذه الايام شيء يمكن ان يتحول الى ما هو اخطر من اجتثاث البعث وما رافقه من اخطاء. واذا لم يجر تداركه من العقلاء فان ويلات الحرب ستتسع بنحو يصعب علاجه. واعني بذلك، الوضع في المدن المحررة.
وقد اعتاد ساسة كرد ومعتدلون شيعة، على الاعتراف بان تسييس قرارات كثيرة مثل اجتثاث البعث والتعامل مع الاجهزة المنحلة، راكم غضبا واحتجاجا اصبحا في النهاية وقودا لنشاط داعش، تشعل به التمرد على الدولة. والجميع اليوم يتفقون مبدئيا على تصحيح العلاقة بين الاهالي والدولة، كجزء من متطلبات دحر داعش.
ان كل مجانين التاريخ، استغلوا ظلم السلطة وجورها، في تحفيز الناس على حمل السلاح، ثم صعدوا على اكتاف المحتجين، وسرقوا المطالب المشروعة، وحولوها الى مجد شخصي مصنوع من دماء الضحايا، وخليفة داعش مجنون كبير ادرك الحكاية بذكاء وتهور.
ان الافا من الشبان العرب والاكراد، السنة والشيعة، يقاتلون بشجاعة اليوم لطرد داعش، ولتحرير الاهالي من سطوة هذا التنظيم الغاشم. وكما نتمنى من كل قلوبنا، ان تكون خططهم الميدانية متقنة، لتحد من خسارتنا للشباب الابطال، وللمدنيين في مناطق النزاع، فاننا نتمنى ان يدرك الضباط والقادة، ان المعركة التي تتطلب الحذر لن تنتهي برفع العلم الوطني على المباني المحررة، بل ستبدأ اختبارات اكبر حين يلتقي جيش التحرير بالاهالي، ويبدأ الشك المتبادل فالجيش غاضب ويسأل الناس: من منكم تعاون مع داعش؟ والاهالي يسألون: هل سيعاملنا هؤلاء برحمة، ام انهم سيقتلوننا ويعتقلوننا بالشك والتهمة، بعد ان قتلتنا داعش واستباحت حرماتنا؟
ان الاهالي يشتكون، وحتى الان فانهم حذرون من تعميم اتهاماتهم، ويقولون ان بعض"المندسين"من القوة المحررة، يعتدون ويحرقون ويقتلون احيانا. والاهالي يطلقون نداء استغاثة. وبالمناسبة وكما كتبت قبل ايام، فحتى الجيوش الرسمية في ارقى الدول، تعترف بان جنودها يرتكبون اخطاء جسيمة، لانهم بشر يتعرضون لضغوط رهيبة وغضب استثنائي وانفعال، ويمرون بلحظة ضعف. لكن الجيوش المحترمة تتمسك بالانضباط اكثر فاكثر، وتخضع المسيء لحساب عادل وشفاف.
بيد ان ما يحصل اليوم ليس انفعالا مجردا عند جندي، بل هو ارتياب عميق بين كتل سكانية، واحزاب، وزعامات. واذا استسلمنا لانفعالاتنا فسنسمح للجنود بان يظهروا اشد القسوة، وهذا بالضبط ما تحلم به داعش. انها تريد تحويل جيش الحكومة الى"داعش رسمي"يناظرها في الاخلاق وقواعد العقاب والحساب. لكي لا تبقى حركة متشددة شاذة، بل مجرد جماعة غاضبة تتصرف مثل جيش الحكومة ومسانديه، فتنعكس الاية، ونصبح نحن النموذج، لان مسؤوليتنا التاريخية اكبر ولاشك.
ولا اسمح لنفسي وانا اكتب في مكتبي الدافئ، ان اتمنى بترف، ان يضبط الناس اعصابهم، ويصبحوا ملائكة، ويتجردوا عن انفعالاتهم، لكن على القيادات ان تفكر الف مرة بالعواقب التاريخية السيئة لاي انفلات غير مسيطر عليه، لا لانه يوسع الشرخ القومي والطائفي المتحقق فعليا وحسب، بل لانه سلوك ترصده اجهزة العالم من حولنا، وتقوم بدراسته وتوثيقه، ليؤثر على تصنيفنا وتعريفنا في هذا العالم المعقد، وهو ما سيحدد: هل نحن قوة مسؤولة تستحق الدعم والاسناد من العالم المتحضر، ام اننا مجموعة بدائية لا تتعلم السياسة، وتتبادل حرق الجثث وهدم المنازل والقتل خارج القانون، لتصبح المواجهة حينها، حرباً بين"داعشين"لا سمح الله.
ان اهالي المناطق المحررة من داعش، يمثلون اختبارا سياسيا رهيبا، سواء للقيادة الكردية او الشيعية. وننتظر ان تتحول خبرة المشاكل التي تراكمت، الى قواعد عمل دقيقة، تقلص شعور الناس بالخوف، وتمنحهم املا بحلول عهد جديد، يحترم الانسان بشكل اكبر.
ان العدالة والحذر والاحتياط في دماء الناس وممتلكاتهم، ليس ترفاً ولا مثالية حالمة. بل تشكل دليلا على وجود فرق بيننا وبين داعش، وهي التي تمنحنا مشروعية امام انفسنا، وامام العالم. واذا فشلنا في هذا، ففي وسعي اخباركم بان داعش هو المنتصر، حتى لو علقتم رأس"الخليفة"على بوابات الرصافة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 8

  1. ابو سجاد

    يااستاذ سرمد اذا كنت تخاطب جيش حكومي جائز هذا الجيش يتجاوب معك ولكن كيف تستطيع مخاطبة مسلحين ليسوا تحت لواء الجيش او الدولة ويعترف انه فوق الجيش والدولة هذه هي المشكلة العظمى لدينا جيوش اكبر واقوى من الجيش النظامي وهي التي تضع الشروط وتامر وتطاع والمقاب

  2. Mohd

    صح اللسانك استاذ سرمد

  3. د عادل على

    ان الطائفيه كانت نائمه فى العد الملكى و الربيع الكريمى بالرغم من امتيازات العرب السنه لان الشيعه كانوا سعيدين فى الحرف الحرة كتاجر او حداد او صاحب مطعم-----واحد اسباب قناعتهم كانت فتاوى المرجعيه الشيعيه التى اعتبرت شغل الحكومه مكروهه------واخوتنا السنه

  4. محمد الفيلي

    نعم اهم شي مراعاة مشاعر اخواننا المهمشين فهم يشعرون بمرارة الحياه بعدما فقدوا حصتهم في الوطن فكيف يرضون بان يشاركهم في حكمه الشيعه والكرد وهم كان الحاكم الناهي وهم من يوزعون العطايا على من يرضون عنهم وينفون من لايرضون عنهم ..احسنت سرمد يجب مراعاة مشاعر ال

  5. فادي أنس

    نحن شعب لا يزال مصرا أن يعيش في الماضي ولا ينظر أبدا للمستقبل. ألم تروا كيف يبرر د. عادل علي قتل الناس. أليس معنى ماكتبه هو أن مايحصل من قتل وحرق وتشريد وتجريف للسنه سببه أن الحكم كان بيد السنه وأن الأمتيازات كانت للسنه دون غيرهم. هذه كلمات حق يراد بها با

  6. حسن السماوي

    كل ماقيل وما يقال أن المناطق المحررة كما يعرف الجميع من كلمة محررة يجب أن تكون هذة المتاطق يسودها جو الحرية والامان والتعامل مع الناس بروح الاسلام وأن نتبع الرسول الاكرم (ص) بسيرته العطرة عندما قال لأهل مكة أذهبوا أنتم الطلقاء فلا نتعامل مع الناس بالحق

  7. احمد العراقي

    السيد عادل علي المحترم اذا كنت تفكر بهذه الطريقة فأقرأ على العراق السلام من الان اقلك ان من حكم العراق سابقا ليسوا السنة وان من يحكمه الان ليسوا الشيعة الذين يحكمون هم يمثلون انفسهم ولاتربطهم بمذهب معين والا لماذا كان الشيعة يحبون عبد الكريم قاسم وهو سني

  8. د عادل على

    هناك تاريخ عالمى مكتوب-----ليس للعراق وحده-----مشكله المدهبين الكاثوليكى والافانكيليكى وحربوهما غلى مدى القرون وحرب المائه سنه دمرت اوروبا وحافظت على جهل اوروبا-------فى العراق استلم السنه الحكم من البريطانيين ليس لان السنه اقرب ايد يولوجيه للامام حن

يحدث الآن

عمليات بغداد تغلق 208 كور صهر و118 معمل طابوق وإسفلت

أسعار الصرف اليوم: 143 ألف دينار لكل 100 دولار

ترامب: أوقفتُ 8 حروب وأعدتُ "السلام" للشرق الأوسط

الأنواء الجوية: انتهاء حالة عدم الاستقرار وطقس صحو مع ارتفاع طفيف بالحرارة

حصار فنزويلا ينعش النفط… برنت وغرب تكساس يقفزان في آسيا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram