الألوان مخادعة في الغالب ، وهي تضمر الكثير من الغموض والتفاصيل وتعكس إيحاءات رمزية وإشارات من نوع خاص . كذلك هي تثير عند الناس انطباعات مختلفة تحددها طبيعة الأشخاص أنفسهم وثقافتهم البصرية وخبرتهم الجمالية وكذلك الخيال الذي يطبع تفكيرهم والفانتازايا التي تغلف رؤيتهم لتلك الألوان .
هنا كيف ستكون ردة فعلك حين يقول لك أحدهم " التقيت هذا الصباح باللون الأصفر، وقد تحدثت اليه طويلاً وكان في مزاج سيئ " أو أن يخبرك صديق آخر هكذا عن سهرة البارحة " تعشيتُ البارحة مع أزرق الكوبالت وكانت سهرة مدهشة رغم النقود القليلة والبرد " . ربما نقرر مع أنفسنا بأن الشخص الذي يتحدث بهذه الطريقة ماهو سوى انسان مجنون أو على الأقل غريب الأطوار . لكني لا أخفي عليكم بأني أفكر هكذا في أحيان كثيرة وأنظر الى الألوان كشخصيات حقيقية موجودة ، هذه الألوان التي تستقر على أصابعي طوال اليوم ، كل لون له كاراكتر أو سمات شخصية خاصة به . لهذا أحببت أن أشارككم وأخبركم هنا عن هذه الفانتازيا أو هذه الشخصيات التي أراها تتلبس الألوان وتحل محلها.
الوردي : امرأة تحب الملابس الضيقة البراقة ، تسير بخطوات غنجة وهي تدخن سيجارتها غير مبالية بآثار أحمر الشفاه على فلتر السيجارة .
الأخضر : عاشق تتبعه غيمة وهو يحمل مظلته ويجوب شوارع المدينة متأملاً التماثيل البرونزية المتأكسدة .
الأوكر : بقايا جمال آفل على وجه امرأة مسنَّة تلون شعرها بالحناء . مرآتها الصغيرة دليل على بصمات الزمن الذي يغلف ملامحها وهي بانتظار عاشق جديد.
الأحمر : مهرج يسير فوق أشعة الشمس متوازناً بعود ثقاب ، يمكنه بسهولة أن يشعل سيجارة أو غابة . قليل منه يكفي لتحريك عشرين شخصاً في لوحة . لكن لا تكثر من الدواء كي لاتصاب اللوحة بالتسمم .
التركواز : رجل جميل جداً ، لكنه يتشبَّه كثيراً بالنساء ، ومع ذلك فهو يحمل شارة الكابتن اذا ما تعرض الأحمر للإصابة .
البنفسجي :امرأة متقلبة مثل الحرباء ، يمكنها أن تخدعك بسهولة حيث تتكلم الأحمر بلكنة زرقاء .
أزرق الكوبالت : مرآة الماء ، حيث يمشط البحر جدائله الزرقاء كل مساء وهو يتطلع مبتسماً نحو الغيوم .
الأصفر : شاب في العشرين من العمر ، نحيف ، عابر ، يحمل في ملامحه بعض الغياب . يدخن كثيراً ولا يدفع فاتورة الحساب عند مغادرة الحانة .
البني : وسخ يجب أن يزول . طفل مُتبنى في عائلة الألوان ولا يستحم كثيراً .
الأسود : هو في الحقيقة لون أزرق ، لكنه يتسكع ليلاً في ظلام المدينة .
الأبيض : امرأة تلملم ألوان ثيابها السبعة من على حبل الغسيل .
البرتقالي : رجل عارٍ يجلس على غيمة زرقاء . تبدو آثار التدخين واضحة على شاربيه الأبيضين ومنسجمة مع لون الغيمة .
الرمادي : صديق في الستين من العمر . جيوب سترته مليئة بالصور القديمة . يُحب الذين يجلسون على طاولته ولا يحتاج للانسجام معهم سوى الى تبديل ربطة عنقه بواحدة من لون آخر.
حين تكون الألوان كائنات حية
[post-views]
نشر في: 28 نوفمبر, 2014: 09:01 م