حذّرت أجهزة مراقبة الطاقة في الدول المتقدمة من ان الصراع في العراق يشكّل تهديدا لمستقبل إنتاج النفط ما قد يتسبب بارتفاع الأسعار. وقال فاتح بيرول، كبير الاقتصاديين في وكالة الطاقة الدولية ومقرها في باريس، ان ظهور تنظيم داعش جعل الوكالة تراجع توقعاتها

حذّرت أجهزة مراقبة الطاقة في الدول المتقدمة من ان الصراع في العراق يشكّل تهديدا لمستقبل إنتاج النفط ما قد يتسبب بارتفاع الأسعار. وقال فاتح بيرول، كبير الاقتصاديين في وكالة الطاقة الدولية ومقرها في باريس، ان ظهور تنظيم داعش جعل الوكالة تراجع توقعاتها عن إمدادات النفط الخام لأن هذا التنظيم يعيق الاستثمار في الإنتاج.

ويقول بيرول، متحدثا للفاينانشيال تايمز في نيويورك، ان "عدم الاستقرار في الشرق الأوسط وخاصة في العراق كان له تأثيرات كبيرة على أسواق النفط، حيث حصل فيها عامل متغيّر مفاجئ. في الماضي كنا نتحدث عن الأسعار والإمدادات والتنمية الاقتصادية، اما اليوم فهناك عامل متغيّر جديد هو داعش".
وخلال الشهر الحالي تنبأت وكالة الطاقة الدولية ان الإمدادات من الشرق الأوسط ستكون لها حصة الأسد من الزيادة المتوقعة في الطلب العالمي على مدى الخمسة وعشرين عاما القادمة، وكان من المتوقع ان يوفّر العراق ما يقرب من نصف هذه الزيادة في المنطقة مع ارتفاع إنتاجه الى 2.6 مليون برميل في اليوم الواحد بحلول عام 2025، و5 ملايين برميل يوميا في عام 2040. ومع ذلك، فان هذه الزيادات ستحتاج الى استثمار ما يقرب من 15 مليار دولار في العام الواحد في صناعة النفط العراقية. لكن المخاوف الأمنية تعني ان هناك استثمارا غير كاف، حسب السيد بيرول. نتيجةً لذلك فقد اضطر المتنبئون الى النظر في تقليص توقعاتهم بشأن الإمدادات.
ويمتلك العراق ثالث أكبر احتياطي في العالم من النفط التقليدي – فئة تستبعد فيها موارد الكلفة العالية مثل الرمال النفطية والصخور الطينية – اذ يبلغ احتياطية المؤكد 150 مليار برميل، بينما تأتي السعودية وبعدها إيران كأول وثاني احتياطي في العالم.
ولم تكن الأنباء سيئة هذا العام فيما يتعلق بالصناعة النفطية في العراق، حيث اتفقت حكومتا بغداد وكردستان مؤخرا على صفقة مؤقتة بخصوص تصدير النفط الخام ومشاركة العائدات.
والحقول الستة الرئيسية في البلاد تقع في جنوب البلاد الهادئ نسبيا والبعيد عن مناطق الصراع التي يسيطر عليها داعش، وان إنتاج النفط العراقي لم يهبط خلال العام الحالي أكثر من 10%. ويقول لؤي الخطيب، مدير معهد الطاقة العراقي، ان الشركات الدولية لم تلمّح الى خفض إنتاجها في العراق، حيث تواصل شركات بي بي، واكسون موبيل، و شل، و سي ان بي سي، وسينوبيك، ولوك أويل، عملها في الحقول الجنوبية والشمالية.
ومع هذا فان الظهور السريع لداعش يثير تساؤلات حول الوضع الأمني في البلاد، مضيفا الى مخاوف الشركات العالمية فيما يتعلق بالمشاكل التنظيمية والبيئية والمتعلقة بالميزانية.
ويقول باتريك أوزغود، المحلل في "تقرير النفط العراقي" في أربيل، ان الشركات العالمية تجري تأهيلا سطحيا لمواقع الحقول في البلاد بسبب الترتيبات التي تجعل من الصعب على المستثمرين إسترداد أموالهم، حيث يقول "ما لدينا اليوم هو زيادة كبيرة في متطلبات النفقات المالية في بيئة عقود غير سليمة، وهذا مناقض لحقيقة كون العراق بلدا مفلسا".
كما ان البنية التحتية للطرق ووسائط النقل سيئة، ما يضيف الى المخاوف الأمنية ويرفع نطاق التكاليف.
وعندما تبحث الشركات عن مستثمرين من المؤسسات فانها تكون حذرة من البيئة الأمنية وتطلب التسديد بنسب عالية. والنفط العراقي بمجمله يتدفق عبر مناطق مختنقة وضيقة جدا وان تهديد داعش يتسبّب في ضخ الكثير من الأموال لحمايته".
وهبطت أسعار النفط بنسبة 30 % منذ شهر حزيران، ما ألقى ضغوطا مالية على عدة أعضاء في أوبك وجعل البعض منهم يدعو الى تخفيض الإنتاج في الإجماع الوزاري الأخير في فيينا.
وأشار تحليل لوكالة الطاقة الدولية الى ان أسعار النفط من المحتمل ان تتعافى بمرور الوقت مع زيادة الطلب في الاقتصادات الناشئة، ما يدعم منتجي النفط ويساعد في دعم تطوير الصخور الطينية الأميركية والرمال النفطية لكندا وغيرها من الاحتياطيات عالية الكلفة. وخلال حديثه في مركز سياسة الطاقة العالمية في جامعة كولومبيا، قال بيرول ان إنتاج النفط الخام الأميركي من غير المحتمل أبداً ان يلبّي الزيادة المتوقعة في الطلب العالمي حتى لو فاق إنتاج النفط من الصخور الطينية التوقعات كما حصل في السنوات الأخيرة.
وأضاف ان مناطق تطوير النفط الصخري الأخرى في بلدان مثل الأرجنتين وروسيا من غير المحتمل ان تزيد الإنتاج بشكل كبير كالولايات المتحدة.