اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بمناسبة مطر البصرة الغزير

بمناسبة مطر البصرة الغزير

نشر في: 29 نوفمبر, 2014: 09:01 م

قد يكون التهكم لغة صعبة الفهم على سياسيي مدننا، ذلك لأنهم على درجة عالية من (التطنيش)، لكن ما فعله بعض الشباب في البصرة، بعد هطول الأمطار الغزيرة الأسبوع الماضي جدير بالملاحظة، بعد أن أدار المسؤولون ظهورهم لكل ما هو جاد وجوهري في معالجة الأزمات التي ظلت تنتج أزمات أخر منذ العام 2003 إلى اليوم، فما قضية المجاري والخدمات البلدية وليدة الحدث، ولا قضية الفساد وانعدام الأمن ومتوالية خراب التعليم والصحة والأسواق وووو بحوادث الأمس أو العام الماضي، إنما هي نتائج للسياسات الخاطئة، أو لنقل هي نتيجة حتمية لوجود من لا يملك فن القيادة وحكمة الزعيم والرؤية المنفتحة التي تصغي وتستمع لذوي الرأي والمشورة.
لم يبخل علينا سكان المناطق المنكوبة بالمطر بالصور الفاضحة واللقطات المثيرة الصادمة احيانا، ومن يتصفح الفيس بوك يجد أن المدينة غرقت بأكملها، وما يقوله المسؤولون عن وجود شبكة مجاري ومثلها لتصريف مياه الأمطار كذبة كبيرة، إذ من السخف والعار أن مدينة مثل البصرة أحاطها الله بشبكة انهار وترع وشطوط غير قادرة على استيعاب مطر، وإن بدا غزيرا لكنه لم يستمر هطوله سوى دقائق، وما في الأمر حكمة أو إعجاز فتصريف مياه الأمطار قضية لا تحتاج إلى عبقرية كبيرة، وما حجة بعض موظفي البلدية بأن البصرة مدينة لا ترتفع كثيرا عن البحر بقادرة على إيقاف تهكم الشباب، فهولندا دولة تنخفض عن مستوى سطح البحر ومدن غيرها محاطة بالمياه من كل جانب، لكن إعمال العقل هناك ذلل المصاعب ووفر الجهد والمال. أو لنقل بان وجود المسؤول المناسب والشعور بالمسؤولية هناك خلق مدننا عامرة جميلة فيما يخرب الفاشلون مدننا نحن.
لا يبعد نهر العشار عن المبنى الحكومي سوى بضعة امتار، ومثل ذلك لا تبعد المستشفى الجمهوري وكذلك الكثير من المدارس والبيوت. والبصرة التي بين المعقل والخورة مدينة تتخللها أربعة انهر(شط الترك، والخندق والعشار والخورة) وكلها تشرب من شط العرب، وهي ضامنة لتصريف ملايين الأطنان من مياه الأمطار، لكن حكومتنا الرشيدة، وعبقرية مسؤوليها لم تعمل بما يجب. لذا وعوضا عن قيامهم بإنشاء شبكة لتصريف مياه المجاري، ونتيجة للفشل المستمر والفساد العام جعلت من الانهار الأربعة شبكات للصرف الصحي، بمعنى طمرتها، أو بنقل تعطلت حركة المد والجزر فيها، وبذلك أجهزت، وبغباء مطبق على قنوات طبيعية كان شقها العارفون بشان المدينة، من أهلها المخلصين قبل عدة قرون.
لم يكتف هؤلاء بتخريب مركز المدينة والضواحي المحيطة بها بل أمتد الخراب إلى القرى والبساتين في قضائي شط العرب وأبي الخصيب حيث تطمر الأنهار وتتحول إلى مكبات للنفايات ومجاري للمياه الثقيلة جراء السياسة الفاشلة في إدارة المدينة، وما إجراؤهم بإدخال بساتين أبي الخصيب ضمن التخطيط (العمراني) للمدينة إلا القبح بعينه، فهم، وبدلا من تشجيع أصحاب الأراضي الزراعية والبساتين وحماية الأراضي الخضراء ومعالجة البيئة راحوا يسهلون كل عمليات التجريف والقطع والردم، في عملية شبه منظمة، لا يعلم الحكمة منها إلا كل من لا يملك روحا وطنية، ومن لم يجلس بفيء نخلة يوما، ومن لم يتأمل منظر الماء وهو يجري ويغمر الأنهار بماء حلو، عذب تتهادى على صفحة الطير وينعم ببرودته الساكن إلى جواره في الصيف الحار.
معلوم، أن أسبابا بسيطة، مثل تظاهرة احتجاج على باخرة تلقي بنفايات عرض البحر، قبالة سواحل دولة، ما كفيلة بإسقاط حكومة هناك، وهناك ما هو أقل شانا من ذلك. لكن الغريب في العراق أن وزيرا واحدا لم يستقل جراء حادث يؤدي بمقتل المئات، وان محافظا أو عضوا في حكومة محلية لم يعلن عن مسؤوليته أو إخفاقه في معالجة مفصل حيوي كقضية التنمية او الاستثمار ...وهكذا نجد ان برلماننا صامت، ووزرائنا صامتين، لا بل وصل الأمر إلى صمت شعبي كامل عن كل ما نتعرض له من فواجع. ترى كيف أطفأ هؤلاء جذوة الرفض في نفوسنا ؟ ما الذي يحث في العراق ترى؟ هل يرضى السياسي بأن يكون التهكم لغة مشتركة بينه وبين مواطنيه، لا تعني الرفض؟ ام ماذا؟!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram