اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > العراقي يحتاج 45 عاماً لشراء بيت مساحته 100 متر مربع

العراقي يحتاج 45 عاماً لشراء بيت مساحته 100 متر مربع

نشر في: 30 نوفمبر, 2014: 09:01 م

اني المواطن محمد عبد الكريم , اعمل مدرساَ لمادة الرياضيات في ثانوية (...), راتبي الإجمالي يبلغ –بعد الاستقطاعات- (664 الف دينار عراقي لا غير ), قررت ان أوفر مبلغا استقطعه من راتبي المذكور لأتمكن من شراء منزل يليق بي وبعائلتي المستقبلية . ونظرا

اني المواطن محمد عبد الكريم , اعمل مدرساَ لمادة الرياضيات في ثانوية (...), راتبي الإجمالي يبلغ –بعد الاستقطاعات- (664 الف دينار عراقي لا غير ), قررت ان أوفر مبلغا استقطعه من راتبي المذكور لأتمكن من شراء منزل يليق بي وبعائلتي المستقبلية . ونظرا للظرف الاقتصادي فإنني لن أطالب بمنزل واسع ,وسأكتفي بشراء منزل صغير بمساحة 100 م فقط, ولكي أتمكن من الوصول الى عملي بسهولة فقد قررت ان يكون هذا المنزل قريبا من منطقتي السكنية حيث إنني اسكن منطقة البنوك
 
وقد توجهت لأحد مكاتب الدلالية بالأمس للسؤال عن الأسعار لكي أكون على دراية واطلاع بمقدار المبلغ الذي يفترض بي توفيره شهرياَ, وبما ان "الدلاّل" اخبرني بأن داراَ بالمواصفات أعلاه لن يقل ثمنها عن - 220 مليون دينار-, لذا فقد قررت البدء بتوفير مبلغ من راتبي وقدره 400 الف دينار عراقي والاكتفاء بتناول وجبة واحدة في اليوم , وقطع خط المولدة "السحب" , والاستعانة بقدمي للوصول الى مقر عملي او غيره بدلا عن أية واسطة نقل ترهق ميزانيتي على امل ان أتمكن من توفير أربعة ملايين وثمانمئة الف دينار خلال سنة, لكي أتمكن في النهاية وبعد 45 سنة من الآن من تسديد ثمن المنزل, لكن سيتبقى في ذمتي أربعة ملايين دينار من المبلغ الإجمالي , ربما ستكون مكافأة نهاية الخدمة كفيلة بتسديده , ربما !
أزمة
أزمة السكن هي واحدة من مئات المشاكل التي تواجه المجتمع العراقي الذي انتعش اقتصاديا بعد العام 2003, حيث بات المواطن يعاني من الارتفاع الجنوني في أسعار الإيجارات على اعتبار أنها البديل الأمثل عن حل الاستملاك الذي بات حلماَ صعب المنال.
ارتبطت الأزمة بالكثير من العوامل , منها ارتفاع أسعار الأراضي السكنية, وارتفاع أسعار مواد البناء وشحة الأيدي العاملة.
سهاد سلمان (38 سنة) , ربة منزل , متزوجة منذ 15 عاماَ , لازالت تسكن في منزل عائلة زوجها رغم الزيادة في عدد أفراد العائلة وعدم كفاية مساحة المنزل لهذا العدد, لكنها لاتملك خيارا اخر بسبب ضيق ذات اليد والامكانات المحدودة , حيث تصف الإيجار بانه " يكسر الظهر " وتستدرك " اذا كنت سأدفع مبلغ 700 الف دينار شهريا كإيجار, فكيف سيتمكن زوجي من دفع باقي مصاريف المنزل ومتطلبات العائلة ؟ " 
بينما فلاح عبد الرحمن( 28 سنة) موظف من سكنة محافظة البصرة, يمتلك قطعة ارض منذ ثلاث سنوات لكنه عاجز عن بنائها بسبب ظروفه الاقتصادية الصعبة , وعن ذلك يقول" لدي قطعة ارض تمكنت من شرائها بصعوبة, وهي تمثل بالنسبة لي الضمانة الحقيقية لأطفالي في هذا الزمن الصعب, لكنني لا امتلك الإمكانات الكافية لبنائها, بسبب محدودية راتبي وتراكم ديوني. "
الظرف الأمني 
مواد البناء ساهمت كثيرا في تفاقم الأزمة وكان لها الدور الأبرز تقريباَ, حيث ارتفاع أسعارها وتذبذبها بحسب المتغيرات في الوضع الأمني والذي لم يشهد استقرارا منذ سقوط النظام, اضافة لمعطيات اخرى من ضمنها غياب دور الدولة وضعف دعمها لشريحة واسعة من المواطنين عانت من التهميش لسنوات طوال, وظلت تحت خط الفقر رغم الانفتاح الاقتصادي وتغير الأنظمة, وهذا ما أكده محمود البهادلي (صاحب مكتب عقار ودلالية), حيث قال ان " أسعار مواد البناء ارتفعت بشكل كبير- الى الضعف - بعد أحداث الموصل بسبب انقطاع الطرق حيث تسبب ذلك وعلى سبيل المثال في توقف وصول "جص الفلوجة" المعروف بجودته , ما دعا المستهلك الى التوجه لاستخدام " جص كربلاء " الأغلى ثمناَ رغم ضعف جودته مقارنة بجص الفلوجة."
وأضاف " انقطاع الطرق تسبب في صعوبة وصول المواد , حيث ان 30% الى 40% من المواد تصل الى كافة مناطق العراق عن طريق كردستان التي تعتبر الطريق الأمثل لمرورها , وبحسب المنشأ والذي غالبا ما يتنوع بين ( تركي , إيراني ). " 
أما عن المواد الأخرى التي تعد أساسية في البناء وتأثير تذبذب أسعارها , فقد أشار ابراهيم الى ان " طن "الشيش" على سبيل المثال قفزت قيمته الشرائية بعد أحداث الموصل من 800 الف دينار الى مليون ومائتي الف دينار , وعاد بعدها ليستقر تقريبا على سعر 950 الف دينار. "
الجدير بالذكر ان العراق ، وفي الفترة التي تلت سقوط النظام ، كان بحاجة لمليون ونصف الى مليوني وحدة سكنية للتخفيف والتقليل من أزمة السكن , أما في الوقت الحالي فهو بحاجة لمليونين ونصف الى ثلاثة ملايين وحدة سكنية في عموم العراق بحسب اخر احصاءات وزارة الإعمار والاسكان وهو ما أكده عبد الواحد الشمري مدير إعلام وزارة الإعمار والإسكان حيث قال في تصريح خاص بالمدى ان "مايقارب المليونين ونصف المليون مواطن يسكنون العشوائيات وهو رقم كبير حيث يمثل مايقرب من 8% من مجموع سكان العراق ."
واضاف : "هناك لجنة مشكلة حالياَ برئاسة الوكيل الأقدم في وزارة الإعمار تقوم بدراسة الآليات الكفيلة بمعالجة مسألة العشوائيات بحسب ما موجود من معطيات على الارض , فاذا كانت الأراضي او البنايات المشغولة بالعوائل – بطرق غير قانونية - لا تؤثرمن حيث الرقعة الجغرافية اوالسكنية على المناطق المحيطة بها , فإننا في الوزارة ومن ضمن الخطط المعدة للنقاش نعمل على ان يتم القيام بتطويرها , اما اذا كانت معالجتها او تطويرها تتعارض مع المصلحة العامة فهنالك الكثير من الحلول البديلة التي لا زالت قيد الدراسة ." 
واكد على ان "علاج أزمة السكن ومشكلة العشوائيات لا يمكن ان يكون بالسرعة المتوقعة مالم تتظافر كل الجهود من اجل إنجاح ذلك , وكخطوة أولية ، فقد باشرت الوزارة بعدة لقاءات الأسبوع الماضي مع العديد من الشركات العالمية لتفعيل دور الاستثمار والذي سيساهم بدور كبير في دفع هذه العجلة التي شهدت تلكؤاً واضحاَ بسبب اعتمادها على الموازنة والتخصيصات , كذلك الدور السلبي للتوقف الذي شهدته اغلب المشاريع الخدمية في المحافظات الساخنة والمضطربة امنياَ ." 
وعن عدد الوحدات السكنية التي تم إنجاز العمل فيها بالفعل في العام 2014 ، ذكر الشمري ان "عدد المجمعات السكنية التي تم تنفيذها في العام المنصرم قد بلغ 27 مجمعاً سكنياً في عموم العراق وعلى المستفيدين بحسب قانون الإسكان الوطني , ولا زال هنالك 48 مجمعاَ قيد الإنجاز. "
رأي
في العام 2011 ، تم اقتراح ستراتيجية للسكن وعلى المستوى الوطني , لكنها لم تنل الكثير من الاهتمام على مستوى التطبيق , وهذا ما أكده الخبير المالي والاقتصادي ماجد الصوري في تصريح له ذكر فيه (للمدى) انه "لا يوجد تطبيق لستراتيجية السكن او سياسة الإسكان التي تم اقتراحها قبل اكثر من ثلاثة أعوام , بل كانت هنالك اجراءات غير جذرية وحلول ترقيعية في هذا الموضوع رغم أهميته وأولويته." 
واردف : "هنالك الكثير من البرامج المقترحة من قبل منظمات المجتمع المدني المختصة بهذا الشأن, او تلك التي تقدم بها العديد من الخبراء المختصون في مجال الإسكان, وهي مقترحات يطول شرح آلياتها الآن لكنها تقدم خطوات صحيحة ومدروسة من اجل حل هذه المشكلة بشكل تدريجي."
وقد حدد "الصوري" الحلول لمشكلة السكن في عدة محاورتتضمن بحسب قوله " تفعيل دور القطاعين الخاص والعام , حيث يهتم القطاع العام بحل مشكلة طبقة الفقراء والمعدمين, بينما يهتم القطاع الخاص بالطبقة المتوسطة من المواطنين وذوي الدخل المرتفع. أما المحور الآخر فهو يتضمن حل مشكلة تخصيص الأراضي لغرض بنائها , حيث تشهد الدوائر الحكومية صراعات عنيفة فيما بينها فيما يتعلق بمسألة تخصيص الأراضي السكنية, اضافة لاستثمار الإمكانيات المالية الكبيرة جداَ والتي تتمتع بها المصارف الحكومية والأهلية على حد سواء."
المصارف العراقية ودورها
في القانون العراقي هنالك تشريع تحت عنوان ( قانون المصرف العراقي) بالرقم (161) لسنة 1977 , والذي تنص الفقرة الأولى من المادة الثالثة منه على ان المصرف يسعى لتحقيق أهدافه عبر"إقراض العراقيين لغرض البناء وشراء الدور الجاهزة مبالغ موثقة بعقارات او بحقوق مستقرة عليها".
وبحسب اخر التعديلات فان صندوق الإسكان بوصفه احد المنافذ الثلاثة التي يلجأ اليها المواطن العراقي من اجل الاقتراض ( اضافة الى المصرف العقاري وقرض الإسكان الذي يقدمه مصرفا الرشيد والرافدين بفائدة تصل الى 6% ) يقدم قروضاَ تصل الى 30مليون دينار لبناء قطعة ارض بمساحة 100 م في ضواحي بغداد, و35 مليون دينار للبناء داخل مدينة بغداد , وبحسب مختصين وخبراء في مجال البناء فان هذه المبالغ تكفي لبناء منزل بمواصفات متوسطة او ما دون ذلك , لكنها في النهاية تفي بالغرض , إلا أن العائق الوحيد الذي يحول دون تحقيق غاية الإقراض هي الاجراءات الروتينية المطولة والتي تستهلك الكثير من وقت وجهد المواطن بدلاَ من ان تعود عليه بالنفع والفائدة .
وعليه فأن مشكلة محمد وسهاد وفلاح وغيرهم الآلاف من المواطنين ستظل قائمة مالم يتم إيجاد بدائل حقيقية للآليات التي تتعامل بها دوائر الدولة عموماَ مع مشكلات المواطنين , وتتخلى وبشكل نهائي عن هويتها الكلاسيكية في التعاطي مع قضايا حساسة تتسم بارتباطها المباشر مع حياة المواطن العراقي والارتقاء بمستوى رفاهيته.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram