اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > مسرح > المسرح بلا حيل والأستوديو لقنص الأخطاء!

المسرح بلا حيل والأستوديو لقنص الأخطاء!

نشر في: 1 ديسمبر, 2014: 09:01 م

لا يستطيع الأستوديو أن يكون بديلا للمسرح ولا يمكن أن يحل محله لا الآن ولا في المستقبل، لأنه نسخة مزيفة من المسرح . لا يعني هذا أن لا أهمية للأستوديو فهو نتاج الحياة المعاصرة لكنه لن يكون بديلا للمسرح ووظيفته تختلف بين وقت واخر . هناك فرق كبير وشاسع ب

لا يستطيع الأستوديو أن يكون بديلا للمسرح ولا يمكن أن يحل محله لا الآن ولا في المستقبل، لأنه نسخة مزيفة من المسرح . لا يعني هذا أن لا أهمية للأستوديو فهو نتاج الحياة المعاصرة لكنه لن يكون بديلا للمسرح ووظيفته تختلف بين وقت واخر . هناك فرق كبير وشاسع بين الطقس وبين التقنية . يمكن أن يصلح أي مكان ليكون مسرحا على خلاف الأستوديو المقيد بتقنياته ومباشرته . نستطيع أن نجعل من المسجد أو الكنيسة مسرحا كما هو حال الشارع والمقهى ، لكننا نستطيع أيضا أن نجعل من الباخرة والطائرة مسرحا وهذا ما لا يستطيعه الأستوديو .
عندما نقول مثل هذا الكلام فإننا لا نقصد بذلك مفهوم المكان وحده ، بل الشكل والوظيفة والرؤية والسياق وحتى اللغة المستخدمة في كلا المكانين ، فالحكاية التي تقدم على المسرح لن تكون الحكاية نفسها لو قدمت في الأستوديو . المشاهد نفسه الذي سيحضر الحكاية في المسرح والأستوديو سيرى شيئين مختلفين تماما في الشكل والرؤية والسياق الذي تتم فيه طريقة تقديم الحكاية حتى لو كان الماكياج والملابس والإكسسوار نفسه .
إذا اخترنا موضوعا غير الحكاية أو القصة الدرامية مثل الحوار مع شخص معروف مثلا ونقوم بعرض هذا الحوار نفسه بطريقتين ، الأولى من على المسرح والثانية في داخل الأستوديو ، فما هي الفوارق التي قد نحصل عليها من جراء ذلك ؟ سيقول البعض منا انه لن تكون هناك فوارق سوى إن الأستوديو جعل هذا الشخص المعروف اقرب لنا نحن الحاضرين لمشاهدته . هذه هي فضيلة الأستوديو على المسرح لأنه قرّب المسافة بين الناس وجعلهم يجلسون على طاولة واحدة وعلى مستوى واحد من الأهمية كبشر دون أن يلغي أهمية الأشخاص ومنجزاتهم .
لكن ذلك يعيدنا مرة أخرى إلى المقارنة بين المسرح بوصفه طقسا والى الأستوديو بوصفه تقنية وما يترتب على هذه المقارنة من اختلافات وتماثلات بين المسرح والأستوديو ، بين العمل الفني " الطقس "والعمل الإعلامي " التقنية " . يأخذ الأستوديو من المسرح كل شيء تقريبا ولكنه لا يستطيع أن يأخذ طقوسيته ، على هذا الأساس لا يستطيع الأستوديو أن يكون في الطائرة أو الباخرة على خلاف المسرح ، لأنه ليس بحاجة إلى أي شيء سوى جسد الممثل . يقدم المسرح بوصفه طقسا خيارات كثيرة لكي نصنع من أي شيء مسرحا وفي أي مكان ، لكن الأستوديو يحتاج إلى أشياء كثيرة جدا لكي يكون أستوديو .
لا نريد أن نقلل من قيمة الأستوديو حينما نتحدث عن علاقته بالمسرح لان الوظيفة التي يؤديها الأستوديو إخبارية وتفتقد إلى المتعة الجمالية التي يوفرها المسرح . التأثير الذي يتركه الأستوديو على المشاهد آني وسريع وهذا هو الهدف من وجوده ، في حين إن التأثير الذي يخلفه المسرح يبقى طويلا في الذاكرة ، وعودة سريعة إلى مسرحيات شكسبير على سبيل المثال تعيدنا إلى العصر الإليزابيثي برمشة عين . الأستوديو بلا ذاكرة ، المسرح هو الذاكرة .
كيف يجلس الناس في الأستوديو وكيف يجلسون في المسرح ؟ لا يتيح الأستوديو أية لقطة تفوته فهو بمثابة عين تراقب وتسجل كل شيء ومن هنا يتحول إلى منطقة خطرة لرصد الأخطاء وتدوينها بل وتحويلها إلى وثيقة لا تقبل النقض . في المقابل يستطيع العاملون في الأستوديو إعادة تسجيل أية مادة وتشكيلها بالطريقة التي يردونها لتظهر خالية من الأخطاء تساعدهم في ذلك التقنية التي يقوم عليها الأستوديو . في المسرح يجلس الناس بالوضعية التي يريدونها لأنهم غير مراقبين ، إنهم هم المراقبون لأنهم يتابعون أناسا يكادون أن يكونوا عراة أمامهم "الممثلين." وهنا تكمن مفارقة أخرى ، إذ إن الممثل على المسرح يبذل أقصى ما يستطيع لكي يكون مقنعا وصادقا ومؤثرا ، على العكس في الأستوديو الذي يظهر فيه بعض الناس الذين يبذلون أقصى ما يستطيعون لكي لا تظهر أكاذيبهم وحيلهم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مسرحية رائحة حرب.. كايوسية التضاد بين الحرب ورائحته
مسرح

مسرحية رائحة حرب.. كايوسية التضاد بين الحرب ورائحته

فاتن حسين ناجي بين المسرح الوطني العراقي ومهرجان الهيئة العربية للمسرح في تونس ومسرح القاهرة التجريبي يجوب معاً مثال غازي مؤلفاً وعماد محمد مخرجاً ليقدموا صورة للحروب وماتضمره من تضادات وكايوسية تخلق أنساق الفوضوية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram