TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > لماذا لسنا ضد العبادي؟

لماذا لسنا ضد العبادي؟

نشر في: 1 ديسمبر, 2014: 09:01 م

بصيغة أقرب إلى الاستفهام منها إلى الاستنكار، أبدى أمس صديق لم ألتقه منذ عدة أشهر، ملاحظة مفادها إنني أبدو الآن في كتاباتي داعماً لرئيس الحكومة الحالية حيدر العبادي، ملمحاً إلى الكتابات الناقدة لسياسات ومواقف رئيس الحكومة السابق نوري المالكي.
لم أتردد في إجابة الصديق بصحة ملاحظته، مبرراً موقفي (المتبدّل) أولاً بان معظم القرارات والإجراءات التي اتخذها السيد العبادي حتى الآن تبدو صحيحة وصائبة ومن النوع الذي كنّا نلحّ بطلبه على الحكومة السابقة، وثانياً بان من الواجب منح السيد العبادي وحكومته الفرصة الكافية قبل أن نسائله وننتقده ونحاكمه عن أخطاء أو مواقف وسياسات غير صحيحة يمكن أن يتخذها، ولكن أيضاً بعد تقديم النصح مرةً واثنتين وثلاثاً.
شخصياً لم أتعرف من قبل على السيد العبادي مع أننا عملنا طويلاً في صفوف المعارضة لنظام صدام وعشنا سنوات عدة في منفى واحد هو بريطانيا. والسيد المالكي لم تكن لي سوى معرفة طفيفة به منذ أيام المنفى السوري. والمعنى هنا إنني لم يكن لدي موقف مُسبق مناهض للمالكي ومتوافق مع العبادي، وليس هناك من تضارب في المصالح بيني وبين المالكي في مقابل توافق مصالح مع العبادي.
موقف المعارضة للمالكي لم ينشأ عندي إلا بعد أن ذهب الرجل بعيداً في السياسات والمواقف الخطأ. وكانت البداية يوم استخدم المالكي القسوة المفرطة ضد متظاهري 25 شباط 2011 وما بعده.. كنت عائداً للتو الى البلاد، وقد هالني للغاية موقف المالكي الذي رمى المتظاهرين بتهمة غير حقيقية تشبه تماماً التهم التي كان نظام صدام يوجهها الينا.. المالكي قال ان وراء المتظاهرين يقف تنظيما القاعدة والبعث، فيما كنتُ أعرف ان معظم نشطاء المظاهرات وقادتها من خيرة الوطنيين، وبينهم مثقفون مرموقون أصدقاء لي، وقد رأيت بأم عيني كيف يتعمد الضباط وعناصرهم إساءة معاملة ليس المتظاهرين فقط وانما الزملاء من مصورين ومراسلين أيضاً، ورأيت كيف تتجاوز قوات حفظ النظام على أبسط حقوق الإنسان التي كفلها الدستور وألزم مؤسسات الدولة بضمانها. وكان الضباط عندما نسألهم باستنكار عن معنى ما يفعلون، يؤكدون انهم مأمورون من القيادة العامة للقوات المسلحة وقيادة عمليات بغداد وقيادة قوات "سوات" بانتهاج السلوك الفظ.
ولاحقاً أظهر السيد المالكي عناداً لا نظير له في التمسك بالمواقف والسياسات الخاطئة التي أفضت الى سقوط ثلث مساحة البلاد بين أيدي أعتى تنظيم إرهابي وموت الآلاف من الشباب وخواء خزينة الدولة.. اختار السيد المالكي أن يحيط نفسه بثلة من مساعدين ومستشارين كان كل همهم السعي للطعن في دوافع النقد الذي نوجهه في كتاباتنا، أنا وسائر الزميلات والزملاء من كتّاب "المدى" وسواها من الصحف ووسائل الإعلام الوطنية.
كنا نقول دائماً اننا إذ نوجّه النقد فإنما نسعى الى تقويم السياسات الخاطئة وتعديل المسارات العوجاء. لكن السيد المالكي ومساعديه ومستشاريه كانوا في المقابل يتصرفون بموجب المعادلة نفسها التي التزم بها من قبل صدام حسين وسواه من الحكام الديكتاتوريين: من ليس معنا فهو ضدنا.. كانوا يريدوننا ليس فقط أن نسكت على الأخطاء والخطايا المرتكبة، بل أن نكذب أيضاً ونقول إنها سياسات صحيحة ومواقف صائبة.
الآن يتبدى للجميع أننا كنا على حق في ما كتبنا وقلنا، فها هو السيد حيدر العبادي، القيادي في حزب الدعوة ودولة القانون والتحالف الوطني، كما السيد المالكي، منصرف لإصلاح ما أفسدته الحكومة السابقة في السياسة والأمن والاقتصاد وسواها.. وعلى هذا بحد ذاته يستحق السيد العبادي أن نكون في موقف المؤيد والداعم والمناصر له، من أجل أن تبلغ السفينة العراقية برّ الأمان بعد رحلتها المطوّلة الحافلة بالمخاطر والأهوال.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. د عادل على

    تمسك المالكى بالكرسى ولو بسعر تهديم الاكثريه الشيعيه المسحوقه مند اهداء البريطانيين للحكم الى الاقليه العربيه السنيه الساحقه برهان قوى للانانيه المالكيه-------المالكى لم يكن رجل عقيده -انه استفاد من المد الشيعى ليصعد فقط--انه فى واد ومولى المتقين فى وادى

  2. ام رشا

    أستاذ عدنان لا تتعجل الأمور فالسيد العبادي لم يحقق ما وعد به لحد الآن فالمدن لإزالت تقصف والأمن مفقود والقتل والخطف زاد وما قل..و مكافحة الفساد الذي يقوم به كان من الممكن ان يقوم به سابقا أيام رفيقه المالكي الم يكن جزءا من الحكومه والحزب الحاكم أتمنى ان

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram