لا أظن أن هناك شارعا في أي بلد مثل شارع أبو نؤاس. إنه الشارع الوحيد الذي يكشف غاية زائره بوضوح وبساطة حتى لو غلّها بجدار سمنتي من السرية والتكتم. فلو اخبرني أي صديق انه ذاهب إلى هناك فلا يخطر ببالي غير انه ينشد المسرّة (الونسة). وعندما أقدم صدام على تغيير اسم الشارع ومن ثم تشويه معالمه ومحو حاناته ومقاهيه ودرابينه، حدست أنها أول خطوة لحفر مقبرة الحياة ليحل محلها الموت والبؤس والظلام. وجاءت الأيام لتثبت صحة حدسي.
نادرة هي الأماكن التي يرتبط اسمها بالمسرة والمتعة حصرا. لم اجد من يشارك أبو نؤاس الشارع غير بيروت المدينة. إنهما عالمان وحدهما تجمعهما روح واحدة. ما زرت بيروت يوما إلا وشممت في شوارعها رائحة أبو نؤاس العذبة فتدمع العين ويحترق القلب حنينا ولوعة.
عندما أقرأ عن اختيار شاعرنا الرصافي بيروت مقرا لمنفاه أعرف السبب. وكذلك أعرف سبب اختيارها من قبل مظفر النواب وأبو سرحان وغيرهم من الشعراء الذين تركوا العراق مع تصاعد المد الفاشي في العام 1979. فمن تسكنه بغداد ثم يفارقها لا تواسيه مدينة مثل بيروت. وقد أعرف، أيضا،سر ذهاب المطيرجي إلى سوق الغزل. لكني مثلما كنت أحتار حد الرعب في تفسير ذهاب جلاد إلى شارع أبو نؤاس، بتّ محتارا، لثلاثة أيام، في إيجاد سبب مقنع واحد لذهاب "الحجي" إلى بيروت فلم أجد. شعنده هناك؟
أبو نؤاس وبيروت والحجي
[post-views]
نشر في: 3 ديسمبر, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
ابو سجاد
تعرف شعنده لسببين الاول اللقاء مع اسياده الايرانيين ليحوكو المؤامرات لانه يتصور ان يعود ثانيتا الى حكم العراق ثانيا ليطمان على الاموال التي هربها هو ورهطه الى بيروت بحماية من بعض المسؤولين اللبنانيين والايرانيين للاستفادة منها في مستقبل المؤامرات التي