ليس سراً أن العلاقات الأردنية القطرية ليست سمناً على عسل، للعديد من الأسباب السياسية، المتعلقة أولاً بدعم الدوحة لجماعة الإخوان المسلمين، المرفوضة والمدانة من حلفاء للأردن، أهم كثيراً من مشيخة قطر بسياساتها المتقلبة، وجزيرتها التي اعتادت التهجم على السياسات الأردنية بمناسبة وبغير مناسبه، وإذا كان الشيخ تميم استدار اليوم لتصفية الحساب مع عمان، لاتخاذها موقفا مؤيدا للسعودية والإمارات في خلافهما مع قطر، بعد استقرار المصالحة الخليجية الداخلية، وانتظار انعقاد القمة الخليجية في الدوحة، عقب التزامها بتنفيذ بنود اتفاق الرياض، فإن تصريحاته حمّالة الأوجه وإن غلفها بمعسول الكلام، تسعى لدق إسفين بين العاهل الأردني وأخيه حمزه، الذي اعتبره صديقه الشخصي لكنه رفض استقباله عندما زار الدوحة، حتى لا يساء تفسير الموقف القطري، وحتى لا تتدخل الدوحة في شؤون داخلية أردنية، وهذه محاولة بائسة للإيحاء بخلافات بين الملك وأخيه، ربما تكون موجودة، لكنها لن تصل حد استقواء حمزة بقطر وشيخها.
يستذكر الشيخ تميم في رسائل مشفرة عبر وسطاء عرب وبرلمانيين أردنيين، العلاقات الطيبة جداً التي ربطت طوال سنوات عديدة عائلته بالعائلة الهاشمية الأردنية، ويكشف أن الملك الراحل الحسين "كان يطلب التحدث معه كلما إتصل هاتفياً بولده حمزة، وهما يتلقيان علومهما العسكرية، وأنه كان يشعر دوما بأنه بمثابة والده تماما، كما يعيد إلى الذاكرة وبطريقة "تحميل الجميل" أن والده كان الزعيم العربي الوحيد الذي حرص على التواجد في عمان بين الشعب الأردني وهو يستقبل الملك حسين رحمه الله عند عودته من رحلته العلاجية الشهيرة بأمريكا، لكنه يتغاضى، ربما لعدم معرفته أن الملك الراحل كان أول من أيد انقلاب والده على جده، وأنه أحبط محاولة قام بها الجد للعودة إلى عاصمته بعد إطاحته، وبديهي أن السياسة الأردنية لا تجاهر بهكذا قضايا، لكن المؤكد أن الدوحة تعرف تفاصيلها تماما وإن كانت تتجاهلها.
نتفهم أن تنزعج الدوحة من الموقف الأردني كطرف في النزاع الأخير بين قطر وبعض دول الخليج لكننا بالمقابل نطالبها بمعرفة حجمها إذ يستحيل وضعها في كفة مساوية لمصر والسعودية والإمارات لمجرد أن لها استثمارات في الأردن مؤكد أنها تعود عليها بالفائدة ومع ذلك تمن على الأردنيين بها ونتفهم أن تكون هناك خلافات ولو غير معلنة بين البلدين لم تستثمرها الجزيرة في تغطية الخبر الأردني لا سلباً ولا إيجاباً لكننا نقف مندهشين من أسلوب الشيخ تميم المراوغ والذي يدس السم في الدسم بإشاراته إلى خلافات بين أفراد العائلة الهاشمية أدت إلى الاستعانة بآل حمد لحسمها لصالح فريق ضد الآخر، وإذا كان سموه يصر على تذكيرنا بأن الخلافات الخليجية وهي بين دول تُحل داخل البيت الخليجي فإننا نلفت نظره إلى أن الخلافات بين أفراد الأسرة المالكة في الأردن إن وجدت تُحل داخل جدران قصورهم، وأن عقد القمة الخليجية في الدوحة لن يترك عمان بدون حلفائها التاريخيين وأن استمرار الجزيرة في التحريض ضد النظام المصري لن يُسقط ذلك النظام وإن جندت له إخوانها بعملياتهم التخريبية ضد جيش مصر وشعبها.
وبعد، فإن الأردن سيظل ضد الإرهاب المتستر بالإسلام، أياً تكن تسميته وأياً تكن الدول الداعمة له، هذا موقف لا مساومة فيه، لأنه يصب في مصلحة الدولة الأردنية أولاً، ومصلحة المنطقة وشعوبها وبضمنهم الشعب القطري، ولن تُجدي كل محاولات ثنيه عن ذلك وإن أتت بما يشبه التهديد بإثارة المشاكل لحكامه وحكومته.
الشيخ تميم وعتب في غير محله
نشر في: 3 ديسمبر, 2014: 09:01 م
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/almada-ad.jpeg)
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/almada-ad.jpeg)
![](https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2024/01/Almada-logo.png)