لا أظن أنّ الإمام الحسين أو أباه الإمام علي بن أبي طالب أو جدّه النبي محمد أو سائر الأئمة الاثني عشر، سيزعلون لو أننا توقّفنا هذه السنة -في الأقل -عن طبخ الهريسة والقيمة، ورصدنا تكاليفها وتكاليف سائر الشعائر الحسينية، كزيارة عاشوراء المنقضية وزيارة الأربعين الوشيكة، لمساعدة المليوني نازح الذين اقتلعهم داعش من ديارهم ومساكنهم بسبب سوء إدارة الدولة ومؤسساتها في السنوات الأربع الماضية.
رئيس حكومتنا ذهب منذ بضعة أيام الى بروكسل ليس فقط من أجل طلب الدعم العسكري لنا في مواجهتنا لداعش، وانما هو "استجدى" العالم ليساهم في إغاثة النازحين وإعادة إعمار مدنهم وقراهم المدمرة .. أليس من الأولى بنا نحن أهل البلاد أن نغيث أبناء وطننا قبل أن نطلب الغوث من الآخرين؟... ألم يكن أحبّ على الحسين وأبيه وجدّه وكل آل البيت وأرضى لنفوسهم أن نقدّم الأموال المُنفقة على الهريسة والقيمة والمواكب إلى النازحين لحفظ كرامتهم وحياتهم في هذا الموسم البارد؟
هذه الأسئلة موجّهة في المقام الأول إلى الهيئات الدينية، وبخاصة المرجعيات التي كان يمكنها أن توجّه الناس لتكريس الجهود والأموال من أجل إغاثة النازحين في هذه السنة وحدها في الأقل.
والأسئلة موجّهة إلى القوى السياسية، وبخاصة التي تتمسك بصفتها وهويتها الإسلامية، فهذه كان يمكنها أن تعمل في هذا الاتجاه بالتعاون مع مرجعياتها الدينية.. والأسئلة موجّهة إلى الحكومة ومجلس النواب اللذين كان عليهما أن يتحلّيا بقدر أكبر من الشعور بالمسؤولية الوطنية، فيناشدان المجتمع وهيئاته، وأولها المؤسسات الدينية، في سبيل تكريس كل القدرات لإغاثة النازحين، فالنجاح في هذه المهمة سيقصّر أمد الحرب ضد داعش ويقرّب موعد النصر عليه.
شعائر يومي عاشوراء والأربعين تكلّف مئات ملايين الدولات، وهذا لا يقتصر على ما يُنفق على المواكب، وإنما الإجراءات الأمنية تكلّف هي الأخرى مبالغ طائلة، وكان من اللازم توفير هذه النفقات ليس فقط من أجل التصدّي لداعش عسكرياً في الميدان، وإنما أيضاً في سبيل مواجهة ظروف التقشّف التي تشهدها البلاد الآن.
الشعائر الدينية مقدّرة، ولكن لا يتعيّن أن تكون على حساب أمن البلاد وحاجات السكان.
النازحون يعيشون الآن محنة حقيقية، وعلى المجتمع كما الدولة مسؤولية أخلاقية، في الأقل، في التخفيف من هذه المحنة في الوقت الراهن والعمل لإنهائها تماماً في أقصر مدّة.
الوقت لم يفُت .. في وسع الدولة والمجتمع ومؤسساتهما إطلاق برنامج حكومي - مجتمعي لنجدة النازحين يبدأ بإعلان حال التقشّف حتى في ما خصّ الشعائر الاجتماعية والدينية.. المناسبات الاجتماعية والدينية باقية تتكرر سنوياً، ولا ضير في تأجيل شعائرها أو الحدّ من الإنفاق عليها سنةً أو سنتين أو ثلاثاً، ولكن الضير كل الضير في إبقاء محنة النازحين على حالها.
محنة النازحين
[post-views]
نشر في: 5 ديسمبر, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 4
ثامر الهيمص
محنه النازحين في فك الكماشه لم يجرء متدين او متعلمن كجراة الاستاذ رئيس التحرير التنفذي على الحديث في موضوع النازحين ومراسم الزياره الحسينيه .وذلك لكونه واثق من صدقه مع نفسه اولاً وموقفه الذي يستحيل ان يعارضه شرع او مرجعيه .واذا كان كذلك لماذا لايفعل باليا
رمزي الحيدر
لو نحن قادرون على عمل ماتفضلت به ، لما حل بنا ماحصل.!
ابو اثير
الشعائر الدينية هي أكسير الشعوب على مقولة لينين ... وأذا أنتهت أو أوقفت أو أجلت عام أو أكثر فعلى أي أكسير يعمل السياسيين المفلسين ثقافيا وفكريا ونظريا هم ومعهم رجال الدين المتزلفين والوصوليين وألأحزاب الدينية السياسية ورجالاتهم الفارغين .
مسلم عباس
يعجبني هذا الاهتمام بالنازحين لكن كان حري بالاخ عدنان حسين ان يدعوا اثرياء المجتمع ان يدعموا النازحين بدل دعوة اصحاب المواكب الذين يجمعون اموال سنة كاملة من اجل اداء هذه الشعيرة مع العلم ان الاثرياء الذي ربما هو منهم يمتلكون ميزانية تعادل ميزانية مئة موكب