"غير قابل للتجديد" هي العبارة الأكثر شيوعاً التي اختتم بها المدرب البرازيلي المخضرم سبستياو لازاروني ذو الرابعة والستين عاماً تعاقداته مع الاندية والمنتخبات التي تورطت بخدماته منذ ان استعان به نادي الهلال السعودي عام 1992 حتى يومنا هذا والتي بلغت 14 مهمة متنوعة مع اندية ومنتخبات برازيلية وايطالية ومكسيكية وصينية وتركية ويابانية وسعودية وقطرية ليس لسوء النتائج وتدني مستوى اللاعبين فحسب، بل لمزاجية الرجل في تعاملاته مع ادارات الاندية والاتحادات ولجوئه الى انهاء مهمته تحت شتى الذرائع بما يضمن كسب الشرط الجزائي!
لازاروني وجه مألوف في القارة الآسيوية لسنين عدة لكن الأندية التي تولى تدريبها لم تشهد أي تطور ملموس يشجعها على تجديد التعاقد معه بدليل انه حصل على ثلاثة القاب فقط خلال 22 عاماً وهي : درع الدوري الياباني مع يوكوهاما مارينوس عام1992 ، وكأس ولي العهد السعودي لنادي الهلال عام 1995 وكأس ولي عهد دولة قطر لنادي قطـر عام2009 ، أي أنه لم يترك بصمة مؤثرة أو انجازات باهرة تدلل على انه مكسب ثمين لأسود الرافدين.
البطاقة الفنية لأي مدرب مالم تتضمن علامات التميّز خلال مسيرته الكروية وشهادات عالية تفضله على مدربين آخرين لا يمكن أن نتفاءل بها ، أما حمله الجنسية البرازيلية التي تمثل موطن الكرة في العالم فذلك ليس مبرراً يدعو اعضاء اتحادنا لعصب عيونهم عن ملفات المدربين الاجانب الآخرين ومنهم المحليون والتمسك بخيار لازاروني، فتجارب أوروبا وأميركا اللاتينية وكذلك الآسيوية "العربية خاصة" فضحت فشل أكثر من مدرب برازيلي في اثبات قدرته برغم ان بعضهم تعلّم أو زامل اساطير المدراء الفنيين أمثال تيلي سانتانا وزاغالو وريفالينو وفالكاو وزيكو وغيرهم!
المعلومات المتوفرة من خلال اتصالنا بشخصيات رياضية لها تاريخها العريق مع منتخباتنا وكرتنا تواصل العمل في قطر تؤكد أن التعاقد مع لازاروني أمر مخيب للآمال وتغيب عنه الحكمة. فرئيس الاتحاد عبدالخالق مسعود تلقى عشية طلب جواز لازاروني تحذيراً صادقاً من احد المدربين القريبين جداً من أجواء التنافس في الدوري القطري بحكم عمله الاستشاري لأحد الاندية هناك وأفهم مسعود باتصال علني أن مصلحة العراق وسمعته وارتباك موقف المنتخب الوطني اليوم بعد انتكاسته في دورة كأس الخليج تملي عليه أن يكون صادقاً في مشورته للاتحاد قبل ان يتورّط في اختيار لازاروني المرهق نفسياً والمثقل بتقادم العمر في منتصف العقد السادس وهي مسألة تسترعي الانتباه لها من ناحية عدم قدرته على تحمل النقد سواء من الاتحاد أو الاعلام أو الجمهور وخصامه حتى مع نفسه واظهار انفعاله للحكام ما حدا بهم الى طرده نحو المدرجات أربع مرات في موسميه مع قطر 2011 و2012 !
إن قرار اتحاد الكرة بالسباحة ضد التيار في موضوعة التعاقد مع (الزائر الخاطف) سيغرقه في مشكلة جديدة إذا ما اراد التخلص منه في حال تحقيق نتائج سيئة كما هو متوقع لعدم توفر الوقت الكافي للعمل مع منتخبنا الوطني من ناحية وصعوبة معالجة الانكسار النفسي للاعبين من ناحية أخرى بعدما تسببت فوضى الاتحاد في تأخر التعاقد مع المدرب السابق حكيم شاكر الى وقت محرج قبل انطلاق دورة الخليج 22 وتعرضه الى حملة شعبية مطالبة برحيله أثناء وجوده مع الأسود في الرياض ما أثر هذا الضغط على الدافع المعنوي للاعبينا وتشتت تركيزهم وفقدان الانسجام مع اقرانهم المحترفين، كل ذلك لن يُعالج بين ليلة وضحاها، وها هو الاتحاد يزيد من فوضاه بقرار استدعاء 50 لاعباً لاجراء الوحدات التدريبية في لقاءات دولية ودية مع الكويت واوزبكستان قبل ان يحسم المدرب الجديد تسمية التشكيلة الرسمية التي تمثل منتخبنا في أمم آسيا.
لم نزل نؤكد على الخيار المحلي لتحمّل المسؤولية الوطنية في البطولة الآسيوية استناداً الى عاملين مهمين اولهما عملاً بالقول " ماحك جلدك مثل ظفرك" وهو أبن البلد سواء كان عاملاً في الدوري أم مستشاراً خارجه، يعرف كيف يُخرح الأسود من مأزق خجلهم امام الشعب ويعيد اليهم معنوياتهم المتردية وهم ايضاً يتلاحمون معه لانجاحه باعتباره يتعايش مع موقفهم الصعب ولا يبالي سوى لرفرفة العلم في استراليا عقب كل مباراة، وثانيهما أن المدرب المواطن يعي متطلبات المرحلة الحرجة لبلدنا ولا يثقل على ميزانية الدولة التي تمر بظروف استثنائية ، ما يتطلب من اتحاد اللعبة التماهي مع موجباتها لانجاح مهمة المنتخب بأقل الخسائر!
لازاروني.. الزائر الخاطف
[post-views]
نشر في: 6 ديسمبر, 2014: 09:01 م