تثير إشكالية العلاقة المبهمة و المثيرة للجدل بين تركيا وتنظيم الدولة الإسلامية داعش) تساؤلات كثيرة لاسيما بعد تكاثر المعلومات التي تنشرها الصحف الغربية ،وحتى التركية و تتناولها قوى المعارضة التركية على منابر البرلمان عن تحول تركيا الى معبر للمس
تثير إشكالية العلاقة المبهمة و المثيرة للجدل بين تركيا وتنظيم الدولة الإسلامية داعش) تساؤلات كثيرة لاسيما بعد تكاثر المعلومات التي تنشرها الصحف الغربية ،وحتى التركية و تتناولها قوى المعارضة التركية على منابر البرلمان عن تحول تركيا الى معبر للمسلحين المتوجهين الى سوريا، اذ وفقا للتقارير الصادرة من أجهزة استخبارات متعددة فأن اكثر من 12 الف مقاتل اجنبي استخدموا الأراضي التركية للانتقال الى سوريا و العراق.
وعلى الرغم من نفي كبار مسؤولي التركية وفي مقدمتهم الرئيس أردوغان ورئيس حكومته اوغلو ،فأن جريدة (نيويورك تايمز) نشرت الشهر الماضي مقابلة مع احد مقاتلي ( داعش) روى فيها كيف سافر في فبراير شباط الماضي ضمن قافلة من سيارات تعود للتنظيم مع مجموعة من مقاتليه من معقلهم في مدينة السورية ،عبر الحدود التركية ،وعاد ثانية عبرها لمهاجمة الكرد السوريين في مدينة ( سري كانيه)في شمال سوريا. وقال" طمأننا قادة التنظيم بالا نخاف على الإطلاق ،لان هناك تعاونا كاملا مع الأتراك ،وانه لن يحدث مكروه لان هذه هي الطريقة المعتمدة للسفر بانتظام من الرقة وحلب الى المناطق الكردية في اقصى الشمال السوري". وفي هذا السياق ذكرت جريدة( ديلي ميل) في أغسطس الماضي ان الكثير من المقاتلين الأجانب انضموا الى ( داعش) في سوريا و العراق عبر تركيا من دون ان تحاول الأجهزة التركية وقفهم" ،هذا فيما اظهر تسجيل فيديو على (اليوتيوب) ل( داعش) مجموعة من مقاتليه تقيم صلاة في آمرلي احد أحياء إسطنبول.
اتهامات وحساسيات
ويثير اتهام تركيا بالتعاون و التنسيق مع ( داعش) حساسية عالية لدى كبار مسؤولي الدولة الذين يسارعون في كل مرة يواجهون فيها مثل هذه الاتهامات الى مطالبة من يتهمهم بتقديم الأدلة و الإثباتات من النوع الاستخباري ،ويرى المحلل التركي داريوس الدرويش" ان الدول الغربية تتردد في إظهار ما تمتلكه من أدلة للعلن لتجنب إحراج الحلف الأطلسي" ورأى نائب رئيس البرلمان الألماني " ان مثل هذا الإعلان قد يضطر الحلف الأطلسي الى توجيه رسالة الى تركيا بانه " لا يصح ان تنتهج تلك السياسة القذرة". وقال رئيس الهيئة القيادية في حزب العمال الكردستاني جميل باييك في تصريح لقناة ( ستيرك) الكردية " ان تركيا تقدم الدعم الأشمل ومن كل النواحي ،وداخل قيادة (داعش) يعمل خبراء وعناصر من دائرة الحرب الخاصة التركية التي توجه عمليات التنظيم وخططه "،وهو ما ورد في تقرير لوكالة ( رويترز)أشار الى " ان الوجود التركي بارز في معارك كوباني، فكثيرة هي المجموعات المرتبطة به التي تعمل تحت إمرة قادة أتراك من داعش" مبينا" ان التنصت على الاتصالات اللاسلكية الخاصة بالتنظيم أظهرت ان هناك أتراكا يقودون عملياته العسكرية ،كما تم العثور على الكثير من الهويات التركية يحملها قتلى و اسرى من التنظيم".
منظمات إغاثية
وتنشط منظمات إغاثية إسلامية عاملة في تركيا في الدعاية لـ( داعش) ،ولقد أشارت جريدة ( زمان) الصادرة باللغة الإنكليزية الى " ان احدى هذه المنظمات وهي (HISADER) تعتمد علما شبيها بعلم ( داعش) كشعار لها، وتحدثت جريدة ( حرييت) عن غضب أهالي المدن الحدودية مع سوريا من هذه المنظمة ،ورمي مكاتبهم بالحجارة". ويقول الصحافي التركي أفاضل فرات" ان الجماعات الداعمة للقتال موجودة في تركيا منذ 40 عاما، وتعمل الان بجدية وتصميم ولا تظهر في العلن، فلا تستطيع رؤية أفرادها او تمييزهم في الحياة اليومية العادية ،ولكنهم يظهرون في تسجيلات فيديو على ( اليوتيوب) او بعض المواقع الإلكترونية الخاصة بهم" وهم " ينتشرون في اسطنبول وديار بكر و اضنه ،ويمتلكون في اكثر من 25 مدينة مدارس غير رسمية حيث يقومون بتلقين المتطوعين دروسا في القتال والموت في سبيل الله والجنة ،ثلاث مرات اسبوعيا في شكل مكثف ويرسلون سنويا ما بين 50 الى 100 شاب الى افغانستان و الشيشان وسوريا". ويؤكد فرات" ان عمليات تجنيد الارهابيين في تركيا لا تبدو سرية تماما ،لان السلطات الأمنية لا تدعمهم بشكل مباشر ،ولكنها تغض النظر". وتملك هذه المجموعات عشرات دور الطبع و النشر في تركيا بخاصة في إسطنبول وديار بكر واضنة التي تعتبر مراكز رئيسية لوجودهم ،ويملكون ايضا عشرات المواقع الكترونية ويقومون بنشر الكثيرات من تسجيلات الفيديو المفبركة". ولعل اهم شخصياتهم المشهورة ورئيس هذه المجموعة وكنيته " ابو حنظلة" ولديه مكتبا في ( باجلار) في اسطنبول، واسم مدرسته " حنظلة" ومكانه و عنوانه معروفان من جانب الاستخبارات التركية ،وكانت السلطات اعتقلته لكنها اطلقت سراحه فورا". ويكشف تقرير (رويترز) عن " وجود الكثير من بيوت المسلحين بصورة علنية و يأوي كل واحد منها اكثر من 15 ارهابيا يأتون من أماكن مختلفة ،ومن ينتقلوا الى سوريا". ونشر صحافي دنماركي رافق متطوعين من بلاده تقريرا عن هذه البيوت ".ونشرت جريدة " آيدنلك" مقابلة مع احد مقاتلي (داعش) ممن تلقوا العلاج في أنقرة قدم خلالها الشكر الى تركيا لتسهيلها عبور المقاتلين الأجانب الى سوريا و العراق"، وقال " لولا التساهل التركي لما استطاعت ( داعش) ان تكون في هذا الموقع". ووصف الصحافي التركي المخضرم قدري غورسيل تركيا بأنها " اوتوستراد المسلحين".