اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > " المدى " تسأل: ماذا لو كنت مسؤولاً فـي النزاهة؟

" المدى " تسأل: ماذا لو كنت مسؤولاً فـي النزاهة؟

نشر في: 7 ديسمبر, 2014: 09:01 م

حكايات وقصص يومية تروى عند الحلاق ، الأغلب منها عن المشهد السياسي وهموم المواطنين  والقضايا الأخرى والكثير من القصص والحكايات . أمس الأول ، وأثناء تواجدي في محل الحلاق (أبو شهد) ، وهو المعروف في المنطقة ، جرى حوار بين الحلاق ومواطن وصل إلى حد ال

حكايات وقصص يومية تروى عند الحلاق ، الأغلب منها عن المشهد السياسي وهموم المواطنين  والقضايا الأخرى والكثير من القصص والحكايات . أمس الأول ، وأثناء تواجدي في محل الحلاق (أبو شهد) ، وهو المعروف في المنطقة ، جرى حوار بين الحلاق ومواطن وصل إلى حد الشجار بسبب  الاختلاف بالرأي حول جدوى تشكيل هيئة تعنى بمكافحة الفساد ومحاربة المفسدين في عموم مؤسسات الدولة والتي تعرف بـ( هيئة النزاهة ) ، وهي غير قادرة على تنفيذ القرارات القضائية. والمعلوم ،وحسب قول الحلاق، أن أكثـر الفاسدين هم خارج البلاد . الزبون  يحاول أن يقنع الحلاق أن الهيئة واجباتها محددة ومعروفة ، فيما يراهن الحلاق : "لو كنت مسؤولا في النزاهة لسويت العجايب" .  هذا الخلاف في الرأي ، وبعد اطلاعي على التقرير نصف السنوي الصادر عن الهيئة للعام الحالي ، وجدت أن العديد ممن صدرت بحقهم قرارات قضائية إما ان عنوانه غير معروف أو انه خارج البلاد أو التعذر في عملية تنفيذ الأمر القضائي . وبمراجعة بسيطة كيف يمكن لمن تولى منصبا رفيعا في الحكومة أو في وزارة ان لا تمتلك الأجهزة الأمنية أية معلومات عن سكنه أو المعلومات الأخرى  . ( المدى ) أجرت هذا الاستطلاع مع عدد من المعنيين لتسليط الضوء على هذه القضية.

 
رد الدين لمن أوصله للمنصب
المواطن (ياس الخفاجي) أعرب عن رأيه بالنسبة لبعض من يتسنمون مواقع المسؤولية في الدولة العراقية معطيا انطباعه عن طبيعة تعاطي بعض المسؤولين في وزارات ودوائر الدولة مع مناصبهم ومسؤولياتهم قائلا : "أكاد أجزم وأقول ان بعض المسؤولين سواء وزراء أو مدراء عامين أو موظفين لا يعملون من أجل المصلحة العامة ، ففي العراق لن تصبح مسؤولا كبيرا في العراق لأنك تملك مؤهلات ذلك ، لسنا في سويسرا ، لذا تحتاج أولا إلى دعم حزب وهذا ما لابد منه وحتى لو كنت نزيها لكنك ستكون مضطرا لرد الدين لمن أوصلوك وإذا كنت غير قادر على سداد ديونك المعنوية فعليك ان ترجع غنيمة المنصب لأهلها وهنا أريد أن اسأل ، هل يوجد في هذه الدولة الواقفة على رأسها لا على قدميها وزير او وكيل وزير او حتى مدير عام غير محمي من حزب او منتم له ؟"
لاجدوى في قضية الكشف المالي
ياس أوضح انه لا يوجد ، وبما انه لا يوجد فعليه رد الدين ،كما قلت مسبقا، وأيضا فهو لن يحاسب ما دام الحزب (( الشركة الراعية للمنصب )) راضيا ، كما أن القانون لن يمس المسؤول بسوء وان اخطأ إذا ما كان الحزب راضيا ، وان ألف قانون لن ينقذه وان أصاب ، إذا سخط عليه الحزب الراعي . المشكلة إن المصلحة العامة لا تقدم على كل شيء حين يكون صاحب المنصب قادما من منظومة أوصلته إلى هذا المكان ، لا أريد القول إن الجميع لصوص ، لكن سأتفاءل وأقول ان 99 ، 99 % إما لص أو خاضع لإرادة لصوص الأحزاب ، لذا فان الحل يكمن في حكومة يشكلها الحزب الفائز لوحده، وهنا لن تنتهي السرقات ولكن ستقنن . أضف إلى ذلك إن الأحزاب الأخرى في هذه الحالة ستتحول إلى مراقب ، لا حبا بجمهورها ، وإنما حسرة على غنيمة فاتتها ، فالمراقبون من الأحزاب غير الموجودة في الحكومة المفترضة سيراقبون ويفضحون الأخطاء ليحدّوا من السرقات . أما إذا استمرت حكومات الوحدة الوطنية فسيستمر النهب ، ولا لص يجرؤ على ثقب سفينة له فيها مكان رفيع يعتبره مغنما . وعلية فان هيئة النزاهة ملزمة بتوفير قاعدة بيانات حقيقية لكل من يتولى منصبا حكوميا ولا جدوى في قضية الكشف المالي كونها لم تنجح في مجتمعنا والأسباب معروفة .
الوقت كفيل بكشف المنتفعين لحسابهم الشخصي
الدكتور (جليل الشمري) يشغل منصب مدير عام في وزارة الصحة منذ أواخر عام 2005 ولحد الآن وهو مدير عام دائرة مدينة الطب في الوقت الحاضر . يشير لـ( المدى ) : "أنا طبيب واعتقد اني من خلال ممارستي للمهنة وفي مجال اختصاصي ، ليست لي مشكلة في مجال الراتب أو القضايا المادية، لكن بعد عام 2003 وفي ظرف خاص عاشته البلاد كان الاحتياج للعديد من الكوادر الطبية لتولي مسؤولية مناصب مهمة في وزارة الصحة من اجل رسم الخطط الكفيلة والمباشرة في تقديم الخدمات الطبية والعلاجية للمواطنين في ظروف كانت جميع دوائر الدولة متوقفة ولأن الخدمات الصحية لايمكن أن تتوقف في حال من الأحوال وفي أي ظرف من الظروف بسبب الوضع الإنساني المهم" .الشمري أوضح : "على هذا الأساس تم التفرغ للعمل القيادي الإداري في مهامي ، ونجحنا في تقديم ماهر ممكن في ظروف استثنائية عاشتها البلاد ." موضحاً أن "تولي المنصب يجب أن يصب في خدمة المواطن من أجل التفكير الجدى في تطوير العمل . لكن من يفكر في تحمل المسؤولية على حساب الناس ومن اجل المنفعة الشخصية ستكون النتائج عكسية وسلبية ، والوقت كفيل بكشف جميع المنتفعين لحسابهم الشخصي وبالفعل فشل العديد ممن فكر في هذا الأمر ."
لانحتاج إلى ملفات فساد تخزن في أروقة الهيئة 
المواطن حسن هادى( 38 عاماً) يبين لـ( المدى) انه "في حال توليت منصبا في النزاهة ويقع بين يدي ملف فساد بالأدلة الثابتة لكشفته للعالم أجمع ، إننا نمر بمرحلة واضحة المعالم فمعظم من يتولى المسؤولية ستتحسن أحواله المادية بشكل ملفت للنظر نتيجة الحصول على الامتيازات والأمور المعلومة للجميع . وعلية فمن الصعب جداً إن نقول ان تولي المسؤولية أو المنصب في الوقت الحاضر هو لغرض خدمة المواطن وان وجدت هذه الحالة فهناك الكثير من الصعوبات والمعوقات التي تواجه من تنسم المسؤولية نتيجة هيمنة العديد من الأحزاب والمنتفعين على القرارات . وهذه القضية أضرت بالبلد منذ سنين ، ولكنني على يقين بأن هناك العديد ممن يتولون مناصب بدرجة مدير عام لهم القدرة على التغيير وتقديم الأفضل في حال تحررهم من الخوف ." حسن أشار إلى ضرورة إعادة النظر في الإجراءات المتخذة من قبل هيئة النزاهة في تسليم المفسدين إلى القضاء وليس إن تجمع ملفات بأعداد كبيرة وتخزن وتعتبر إنجازا ويجب أن تكون هناك آلية واضحة ومدعومة من الجميع وفى هذه المرحلة تحديداً بسب الفساد المستشرى.
فساد السياسات والمقاصد
الدكتور (احمد الرديني) قال : للفساد وجوه كثيرة وأكثرها خطورة هو فساد كبار المسؤولين وموت الضمير وقلة الحياء . والفساد الحقيقي هو فساد السياسات الكلية وفساد المقاصد واستغلال النفوذ وجعل المنصب العام وسيلة للكسب غير المشروع . فساد السياسات هو الذي يعبد الطريق لنمو المحسوبية وتفريخ الظلم وإسناد الأمر لغير أهله بإقصاء المؤهلين وتقريب الفاشلين، وهو السُّلَّمْ لتسلق الانتهازيين والمفسدين. 
الرديني دعا إلى دور أكثر وتنفيذ بالتنسيق مع مجلس القضاء والأجهزة الأمنية لتنفيذ الأوامر القضائية . الرديني أشار إلى أن فساد السياسات هو أيضًا الجسر الذي يعبر عليه ضعاف النفوس للوصول إلى أهدافهم غير المشروعة ، ومن تحته تتم العطاءات المالية لتجعل منهم إمبراطوريات استثمارية محمية بالنفوذ والصلاحيات الاستثنائية، وهي أيضًا الطاولة التي (يتم تحتها) توقيع العقود المشبوهة، واستلام الكوميشنات أي إساءة الأداء للواجبات الحكومية) على مستوى رفيع يعرف الفساد على أنه اخذ المال ظلما أو الإسراف فيه أو هو إساءة استعمال السلطة العامة أو الوظيفة العامة للكسب الخاص. وهناك عدة أنواع للفساد هي المالي والإداري والسياسي الفساد المالي والإداري هما النوعان الأكثر انتشارا في العراق.
إصدار القوانين وتطبيقها على ارض الواقع لتحديد الفساد ومعالجته وفق القانون
فيما يشاركه في الرأي الدكتور (فاضل عباس علي) موضحاً أن هناك ظاهرة برزت في المجتمع العراقي هو تولي المسؤولية من أشخاص يفكرون بالمنفعة المالية أولاً . وهم أشخاص غير مؤهلين في بعض وزرات الدولة وعلية يجب المطالبة بإعادة تقييم عمل وأداء أصحاب المناصب حتي بدرجة معاون مدير عام . فاضل أوضح أن الذين يفكرون في الفساد الإداري والمالي جاءوا نتيجة الاخفاقات التي عاشها المجتمع العراقي ، فهو لذلك ينتشر في البني التحتية في الدولة والمجتمع والجهاز الوظيفي ونمط العلاقات المجتمعية فيبطئ من حركة تطور المجتمع والتقدم الاقتصادي في الحصول على النتائج ، لذا يجب أن تعزز الحكومة من قدراتها من خلال إصدار القوانين وتطبيقها على ارض الواقع حتى تتمكن من تحديد الفساد ومعالجته وفق القانون وبناء مجتمع سليم معافى خالٍ من الأمراض الاجتماعية وإعادة الأمور إلى وضعها الصحيح ومواكبة عجلة تقدم الدول بكافة النواحي. تعتبر ظاهرة الفساد الإداري والمالي آفة مجتمعية فتاكة فان ظهورها واستمرارها مرتبط برغبة الإنسان في الحصول على مكاسب مادية أو معنوية وبطرق غير مشروعة، وهي سبب مشكلاتنا الاقتصادية وتخلفنا عن مسيرة التقدم.
التجارة في الوظيفة أو الابتزاز 
الدكتور فاضل أشار إلى ان المجتمعات الحديثة في العديد من مجتمعات دول العالم جاهدت كثيرا للتخلص من هذه الآفة المجتمعية لأنها تقف عقبة في سبيل التطور السليم والصحيح لتلك المجتمعات، وان تفشيها في مؤسسات الدولة يعتبر من اشد العقبات خطورة في وجه الانتعاش الاقتصادي حيث انه يظهر في استغلال السلطة لأغراض خاصة سواء في تجارة الوظيفة أو الابتزاز أو المحاباة أو إهدار المال العام أو التلاعب فيه وسواء كان ذلك مباشراً أم غير مباشر، تنتج عنه اثار سيئة وهي تحويل الموارد والإمكانيات الحقيقية من مصلحة الجميع إلى مصلحــــة أشخاص أي يتم تركيز المصلحة والثروة في يد فئة قليلة من المجتمع.
البقاء في دائرته مقترن ‏بكسب العيش
إما أستاذ الاقتصاد في الجامعة المستنصرية ( مرتضى مجيد) فيوضح لـ( المدى ) : إن أسباب ظاهرة الفساد المالي والإداري هنا هي ضعف ‏العلاجات العلمية حيث تحولت الوزارات ومؤسسات الدولة كافة إلى ساحة صراع ما بين الأحزاب وهيمنة كل منها على عدد من موظفي ومسؤولي الدوائر، وبشكل يصعب معه ‏إخضاعهم للحساب. والفساد الإداري يعرّف على انه السلوك القائم على الانحراف عن الواجبات الرسمية المرتبطة بالمنصب العام من اجل تحقيق منفعة خاصة، بينما يعرّف الفساد المالي على انه مخالفة للتعليمات والقواعد المالية التي تنظم سير العمل ما يتسبب في سرقة الأموال أو تبديدها. ومن الظواهر السلبية التي يعاني منها التنظيم الإداري في العراق و التي تنعكس على سلوك و طبيعة ‏توجه العاملين فيها هو عدم انتماء الموظف إلى المؤسسة التي يعمل فيها إي أن بقاءه في دائرته مقترن ‏بكسب العيش و ليس باقتران شخصه بكيان المؤسسة.
لايمكن تنفيذ الأحكام القضائية بسبب ازدواج الجنسية 
رئيس هيئة النزاهة القاضي (علاء جواد حميد) قال إن المسؤول العراقي عندما يكون مزوج الجنسية فان من الصعب تنفيذ الأحكام القضائية بحقه ، كونه تحت حماية البلد التي منحه جنسيته. مشيراً إلى ان الهيئة نجحت بالتوصل إلى اتفاق مع لبنان لاستعادة خمسة مليارات دينار سبق تهريبها من قبل نائب الأمين العام الأسبق في وزارة الدفاع بالإضافة إلى اعادة ملكية مجموعة عقارات وشقق سكنية إلى الحكومة العراقية وان هناك إحكاما صدرت حيلَ دون تنفيذها ازدواج الجنسية .
استرجاع أكثـر من ملياري دينار 
( المدى ) حصلت على نسخة من التقرير نصف السنوي والذى كشف ان مجموع الدعاوى الإخبارية والجزائية التي عملت عليها الهيئة خلال النصف الأول من العام الحالي (١٥٨٩٧) دعوى فيما بلغت نسبة الإنجاز في تنفيذ أوامر القبض (٥٢%) فيما بينت الهيئة إن تنفيذ أوامر القبض القضائية هو خارج اختصاص الهيئة لكون الجهة المعنية قانوناً بالتنفيذ هي الأجهزة الأمنية (الشرطة) أو احد أعضاء الضبط القضائي استناداً لأحكام المادة (١٠٣) من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (٢٣) لسنة ١٩٧١ المعدل. إن أهم الأسباب التي تؤدي إلى عدم تنفيذ وأمر القبض القضائية هي عدم توفر عنوان للمتهم أو عدم تواجد المتهم في محل سكناه. أو هروب المتهم خارج العراق . فيما كشف عن ان مجموع المبالغ التي تم استردادها من قبل الهيئة هو (٢.٧٨٦.١٩٠.١٤٠) ملياران وسبعمئة وستة وثمانين ومائة وتسعون ألفا ومئة وأربعون ديناراً عراقيا من بعض القضايا التي عملت الهيئة على متابعاتها بالإضافة إلى العديد من القضايا الأخرى .
صدور مذكرة استقدام بحق 282 من منصب وزير ودرجة مدير عام 
التقرير كشف عن صدور مذكرة استقدام بحق 282 ممن هم بدرجة وزير والدرجات الخاصة ومدير عام . وأوضح التقرير أن هناك العديد من القضايا لاتزال قيد التحقيق فيما صدرت قرارات بحق الآخرين. الهيئة تعتقد انه لايمكن استبعاد أي من القيم في المجتمع سواء أكانت دينية أو اجتماعية أوأخلاقية أوتربوية أو قانونية، أو نفسية والعمل على الاستثمار لخلق بيئة طاردة للفساد ومشجعة للنزاهة، وان التعاون بيننا وبين الجهات المعنية بترسيخ هذه القيم وبتعاضد مع المؤسسات الأخرى يخلق أفضل الظروف لتحقيق الأهداف المشتركة في خلق بلد خال من الفساد ويحترم فيها الموظف والمواطن وتقدم فيها لحكومة أفضل الخدمات له. والتأكيد على الاختصاصات الحصرية للأجهزة الرقابية بموجب التشريعات النافذة التي تضمنت عملها وبما يخلق الوضوح في الأهداف والآليات و سياقات العمل لكل جهاز رقابي وبما يمنع التداخل في الاختصاصات و تنسيق العمل الرقابي بين الأجهزة الرقابية وبما يحقق الانسجام وسهولة تبادل المعلومات بينها واختصار الإجراءات الإدارية لخلق رد فعل سريع وايجابي في محاصرة الفساد ومكافحته.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram