في الآونة الاخيرة عادت موجة (المسرح التجاري) الى الظهور بعد ان اختفت طيلة السنوات التسع الماضية في العراق، ولكنها ظهرت ضعيفة في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها شعبنا المسكين، وكنا نهاجم مروجي تلك الموجة والذين يتعاملون معها ونحذر من مخاطرها خصوصاً بعد ان طغت على الساحة المسرحية وقلبت الموازين وازاحت البعض من اصحاب المسرح الاصيل وسحبت اليها عناصر غريبة او طارئة اساءت الى سمعة المسرح وخلفياته واهدافه النبيلة، وكان الرد يأتينا من اصحاب الموجة بأننا نغار او نحسد او نعيق الحركة المسرحية في البلاد وانهم يرفهون عن ابناء الشعب ايام المحنة ويمتعون الجماهير الواسعة المتكدرة ويضحكون المتفرجين ويزيلون كربتهم اضافة الى مساهمتهم في منح العاملين لمكافآت مجزية تعيل عوائلهم وتبعدهم عن الشر والرذيلة.
كل ما قالوا صحيح وكل ما يقولون لا يمنع من الوقوف ضد توجهات المسرح التجاري ونقصد الوصف، فليس المسرح كله تجارياً كما يعلن البعض من السذج لكون المسرح بكل انواعه يبيع التذاكر التي يشتريها المتفرجون وحيث أن هناك بيعا وشراء لذلك هناك تجارة، لا ياسادة ياكرام اعلانكم باطل فالمسرح التجاري الموجود في معظم الدول في العالم لم يأخذ صفته تلك بسبب بيع التذاكر وانما بسبب اهداف أصحابه التي تضحي بالمستوى الفني للانتاج من اجل الربح الوافر وغالباً ما يكونون من المستثمرين الذين يضعون نصب اعينهم رصيد الشباك وزيادته باسرع وقت ممكن وباعلى النسب ويفكرون بالمبدأ الاقتصادي القائل: (العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة) والمبدأ التجاري القائل: (عندما يزيد الطلب على البضاعة لا تفكر في جودتها بل في زيادة انتاجها).
نقف ضد المسرح التجاري الرخيص في مستواه الفني لكونه يشوه ذائقة الجمهور ويرسخ معتقده ان المسرح هو هذا النوع وليس غيره لذلك نجد كثرة من المتفرجين يذهبون لمشاهدة مسرحية تجارية وقلة منهم يذهبون لمشاهدة مسرحية اصيلة، مسرحية لا تتخذ من التسلية وسيلة وهدفاً بل وسيلة فقط لتحقيق اهداف سامية، اهداف تبصر المتفرجين تجاه واقع مرير وتحثهم للتطلع الى واقع افضل، مسرحية تهذب الأخلاق ولا تسيء الى الذوق العام، مسرحية ترفع من انسانية الانسان ولا تضحك الناس على تشويه خلقي (بفتح الخاء) ولا ذنب للفرد في ذلك التشويه، وتضحك الناس على التشويه الاجتماعي على ما هو معوج في المجتمع وما ينبغي اصلاحه.
نحن نفرح عندما نرى جماهير واسعة تتقاطر لمشاهدة مسرحية ذلك دليل على رقي المجتمع وتقدم البلد ولكننا نحزن عندما يسيء البعض الى الفن المسرحي ويجعلوا منه سلعة رخيصة يتداولها من هب ودب.
ثق ايها القارئ الكريم بانني ما قرأت كتاباً متخصصاً في فن المسرح مما يأتينا من الدول المتقدمة مسرحياً الا وفيه ادانة واضحة ومتكررة للمسرح التجاري، ويكفي ان نورد ما قاله المخرج الانكليزي المشهور (بيتر بروك) عن هذا النوع من المسرح وفي بداية الفصل الاول من كتابه (المكان الخالي): "ويبدو اننا نضيع الوقت اذا ما انتقدنا ذلك النوع من المسرح الذي نراه دائماً (يقصد المسرح الميت) والذي يرتبط كثيراً بالمسرح التجاري الذي نحتقره ونذمه".
لماذا نقف ضد المسرح التجاري؟
[post-views]
نشر في: 8 ديسمبر, 2014: 09:01 م
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...