يؤشر البعض أن المبادرة الروسية لعقد مباحثات بين النظام السوري ومعارضيه، قد امتلكت آليات انطلاقها بدعم من طهران، كما يبدو أن كثرة الحلول المقترحة ستقود إلى شيئ ما لم تتضح ملامحه حتى اللحظة، وإن كانت حيثياته تبحث في طهران وأنقره وموسكو وبيروت، ودمشق طبعاً التي أعلنت صراحة عن اتفاق مع الروس على حوار بين السوريين، تشارك فيه كافة مكونات المعارضة، التي وافقت ولكن على أساس أنّ جنيف 1 هو الإطار المقبول للمفاوضات المأمولة.
روسيا تسعى للتدرج في مبادرتها، فتدعو أولاً الى حوار بين أطراف المعارضة، على أن يكون مفتوحاً وغير رسمي ولا مشروط، كمرحلة أولى قبل البحث في أي عملية تفاوضية مع النظام، وذلك ما اعتبره الائتلاف مراوحة غير مجدية، لكن ذلك لايعني أن المعضلة السورية دخلت مرحلة الجمود، فهناك التحرك الروسي المتزامن مع وساطة مصرية بين طرفي الأزمة، إضافة لمقترحات المبعوث الدولي، هذه التحركات ليست متناقضة، بقدر ما يكمل بعضها البعض، سواء أتت من موسكو أو القاهرة أو المبعوث الدولي.
واشنطن تعتبر أن الأولوية لمحاربة التنظيمات المتطرفة، لكنها لا تستبعد الانخراط في هذا الحراك، على أن يفضي الى حل سياسي، يرضي جميع الأطراف الداخلية والخارجية في آن معاً، ويمكن اعتبار السياسية الأميركية في هذه المرحلة مناورة، بانتظار تحقيق إنجازات على الأرض، تعيد الأمور إلى النقطة الأولى المتمثلة بالمطالبة بإسقاط النظام كأولوية لأي حل، وهو ما يظهر من خلال السعي الحثيث، لتدريب المعارضة المسلحة في دول الجوار، بينما تسعى "مؤسسة الحوار الإنساني" العاملة في مجال حل النزاعات، لترتيب وقف إطلاق نار محلي بدأت نشاطها لتحقيقه العام الماضي، ما يعني ضرورة وحتمية التعامل مع الأسد كضامن لبقاء الدولة وتماسكها، مع تشكيل إدارات محلية تكون بمثابة سلطة انتقالية لا ترتبط بالنظام، ويعني ذلك في آخر الأمر منح الشرعية لأمراء الحرب، ويترك مصير الأسد للشعب السوري، بعد عملية إصلاح شامل للدستور، وانتخابات تحت إشراف دولي.
بديهي أن التحرك الروسي لن يتمكن من أي إنجاز على الأرض دون التنسيق المسبق مع طهران، ولذلك تحاول موسكو إقناع دمشق باستغلال ظروف "الانتصارات" الحالية، للتوصل إلى حل مع قوى وتيارات معارضة، قد تقبل الانخراط في مشروع كهذا، مع تقديم تنازلات مقبولة لها، لا تنسف في ذات الوقت بنية النظام والدولة، ومع إبقاء الجيش والقوى الأمنية بيد رئيس الجمهورية، وتتشكل حكومة انتقالية بصلاحيات واسعة، تمهيداً لوضع دستور توافقي جديد، وإجراء انتخابات نيابية على أساسه، ومن ثم انتخابات رئاسية يحق فيها للأسد منافسة مرشجين آخرين.
تعمل موسكو على استقطاب رموز من ائتلاف قوى المعارضة، باتوا مقتنعين باستحالة الحل العسكري، الذي سيؤدي إلى مزيد من التدمير والخراب والدماء، والواضح أن التحرك الروسي يستهدف قطع الطريق على المساعي الأميركية، الهادفة إلى تغيير النظام في النهاية، ما يعني توجيه ضربة قوية لمصالح موسكو وطهران في الشرق الأوسط، والمهم أن المبادرة الروسية تتمطى في حقل الغام، فلا الائتلاف يريد دوراً فاعلا لموسكو خشية أن يكون لمصلحة النظام، ولا النظام مؤمن بتأثير للمعارضة الخارجية في الوضع الداخلي، ولا أميركا تريد لروسيا ان تنجح حيث فشلت هي، ولذلك فإن أقصى الطموح هو ان تنجح روسيا بجمع المعارضة أولاً في موسكو، للاتفاق على وفد معارض، ثم أن تجمعها مع السلطة، وإذا صدف ونجحت في الخطوة الأولى، فهي دون أدنى شك ستجد شبه استحالة في إنجاح الخطوات التالية.
جميع التعليقات 1
ابو سجاد
اين اصبحت ارواح الالاف من القتلى الابرياء على يد هذاالنظام القمعي واين اصبحت المدن المدمرة وملايين المهجرين هل تريد موسكو الكسيحة وطهران ان تجعلها مكرمة لهذا النظام وبناء دكتاتوريات جديدة في هذا الشرق اللعين