لكل سياسي طريقته في إلقاء الخطاب اليومي او الأسبوعي او في المناسبات الوطنية والدينية، والعراقيون بعد العام ألفين وثلاثة، تعرفوا وفي" اجواء الديمقراطية" على شخصيات سياسية ، وزعماء احزاب ، ورؤساء كتل يلقون خطابات تكاد تكون يومية ، فهم يستثمرون عيد الشجرة واليوم الدولي لمكافحة مرض الايدز وغيرها من الأيام الممتدة على طول السنة للظهور أمام الجماهير او عبر شاشات فضائياتهم لتوجيه خطاب تاريخي لأبناء الشعب .
أساليب الخطبة تختلف بين سياسي واخر ، فمنهم من يبدأ بقراءة آية قرانية ، ويسرد روايات عن الأنبياء والأوصياء والأولياء ، ليصل الى زبدة القول اي تضافر الجهود لمحاربة الارهاب ، وسياسي آخر يفضل سرد وقائع تاريخية ، وحين يصل الى اعلى درجات الحماسة يردد اغنية أمجاد ياعرب أمجاد ، ثم يستعرض بطولات خالد بن الوليد وشرحبيل بن حسنة ، ومآثر الأجداد حين شنوا غزوات لنشر الإسلام في مشارق الارض ومغاربها ، وتشترك خطب الساسة باستذكار أحداث الماضي قبل مئات السنين ، اما المستقبل فيرد في الخطبة بتمنيات ودعوات لنبذ الطائفية ، وحرمان الدم العراقي ، وتعديل الدستور ، وتشكيل لجان تأخذ على عاتقها مهمة ضمان نجاح العملية السياسية في العراق ، والسير بخطى حثيثة نحو التقدم والازدهار، ولكن بالاتجاه المعاكس بمعنى اخر من الخلف وبالتعبير الشعبي السائد المتداول لدى الكثير من البغداديين "من وره " ولهذا القول حكاية ، تعبر عن انعدام ثقة العراقيين بالمسؤولين والسياسيين .
تقول الحكاية ان وزارة الداخلية خصصت منذ سنوات سابقة رقم الهاتف الأرضي واحد صفر أربعة لأغراض الاتصال وطلب النجدة الفورية ، وعندما تعرض منزل طبيب يسكن في حي القضاة بمنطقة المأمون لسطو مسلح في نهار يوم جمعة منتصف عقد التسعينات ، اخبر الطبيب نجله الأصغر ، بان يتصل بالرقم ، فاخبره الأخير بانه اتصل برقم أربعة صفر واحد ، فغضب الاب ، ومع التوبيخ وجه سؤاله لماذا " اتصلت بالرقم بالمكلوب " فأجاب الابن على الفور " حى تجي الشرطة وتلزم العصابة من وره ".
السياسيون أصحاب الخطب اليومية والاسبوعية ، لا يختلفون عن ابن الطبيب ،في التعامل مع المشكلة فهم اعتادوا على توجيه المواعظ والعبر ، والاعتصام بحبل الله ، والتمسك بالقيم والتقاليد والاعراف لمحاربة الافكار الهدامة ، فيما تسيطر احزابهم على مجالس المحافظات فجعلتها تعيش في زمن العصور الوسطى لا اعمار ولا بناء ، والفساد المستشري في دوائرها تناسل ووصل الى المحيط الاقليمي .
ضمن الدستور العراقي حق تشكيل اقاليم فيدرالية لمحافظة او اكثر ، وابناء البصرة ولكثرة سماع خطابات السياسيين ، نظموا حملة لتشكيل اقليمهم ، لكن جهات سياسية ، ابدت اعتراضها على هذا التوجه ، وهناك من ألقى أمام الجماهير خطبة يحذر فيها من تقسيم العراق ولوح اخر بمقاضاة اصحاب الدعوة واتهمهم بالخيانة العظمى ، وثالث يحاول الاستعانة بخدمات احفاد خالد بن الوليد لمحاربة المرتدين .
الويل للمرتدين
[post-views]
نشر في: 19 ديسمبر, 2014: 02:41 ص