TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الكهرباء وهيبة الدولة

الكهرباء وهيبة الدولة

نشر في: 19 ديسمبر, 2014: 02:53 ص

وزارة الكهرباء زعلانة، ومعها هذه المرة حق في زعلها. وهذه المرة هي زعلانة على جمهور المستهلكين، أي كل الناس تقريباً في هذه البلاد. لكن هل ستنتهي أوجاعنا وآلامنا بإزالة أسباب زعل وزارة الكهرباء؟
الوزارة تقول ان إنتاجها من سلعتها الحيوية ارتفع الى 11 ألف ميغاوات، بيد ان التجهيز اليومي تراجعت ساعاته مع ذلك، والسبب يكمن في "سوء الاستخدام" و"التشغيل المفرط" من جانب المستهلكين لأجهزة التدفئة مع بدء فصل البرد، بحسب ما أبلغنا به المتحدث باسم الوزارة السيد مصعب المدرس (المدى برس).
وزارة الكهرباء معها حق في لوم المستهلكين، فنحن جميعاً تقريباً لا نعرف معنى للاقتصاد والتقشف في أي شيء .. مدننا كلها على سبيل المثال مكبّات نفايات مفتوحة ليلاً نهاراً، وتكفي نظرة عجلى الى تلول النفايات وشمّة سريعة للروائح الكريهة المنبعثة منها لإقامة الدليل على ان كل الذين فوق خط الفقر منّا يسرفون في الطبخ زيادة عن الحاجة، بينما تتكلف الدولة والمجتمع المليارات للإنفاق على مواد الحصة التموينية التي لا تصلح عادة للاستهلاك البشري، ويعاني نحو مليوني نازح من مناطق سيطرة داعش من شحّ في الحاجات الأساس وفي مقدمها الغذاء.
المال السائب يعلّم السرقة.. والكهرباء التي تنتجها وزارة الكهرباء مال سائب، فالوزارة لا تجبي ديونها المترتبة على المستهلكين، وهي لا تتبع نظاماً تصاعدياً في تسعيرتها، كما تفعل نظيراتها في الدول الأخرى، لضمان الاقتصاد في الاستهلاك، فكيف تريد الوزارة من مستهلكي كهربائها أن يرتدعوا فلا يسيئوا الاستخدام ولا يفرطوا في التشغيل لأجهزتهم الكهربائية؟
لا أحد يذهب الى الدولة ليقدّم لها ما تستحقه من مال لقاء سلعة الكهرباء.. دولتنا غير مُهابة، وهذا يشمل سائر القطاعات والميادين. في وضح النهار تتعرض الدولة الى الإهانة في الشارع. نظام المرور، مثلاً، لا وجود له في الشارع.. الكل يخرق ويتجاوز ويتعدى .. وشرطة المرور لا تفعل شيئاً، ومئات آلاف الباعة في مدننا يتجاوزون على الأرصفة والشوارع فيما الشرطة العامة وأجهزة البلديات لا تكترث كما لو ان الأمر لا يعنيها البتة.
انعدام مهابة الدولة يغري بانتهاك القانون، ومن أبرز مظاهر انتهاك القانون ومعه الأخلاق في دولتنا، هذا النهب السافر للمال العام، وهو نهب يتم برعاية وحماية من أعلى الكراسي في دولتنا.
الآن هو الوقت الأنسب للدولة كيما تفرض حضورها وهيبتها وسلطانها .. نحن في أزمة مالية خانقة، فالخزينة خاوية تماماً، ومن المفترض أن تبدأ وزارة الكهرباء بجباية أجور الكهرباء، وأن تتشدد وزارة المالية في جباية الضرائب على الدخل وعلى السلع المستوردة، وبخاصة الاستهلاكية، وعلى الزوار والسياح الداخلين الى البلد، مثلما تفعل كل الدول في العالم... حتى السلع الغذائية المستوردة يتعيّن فرض ضرائب عليها، فهذا مما يشجع على تنمية الزراعة والصناعة الوطنيتين.. وقبل هذا كله وبعده يجب وضع حدّ لسيبان المال العام ولرعايته وحمايته من "الكراسي العليا"، فما من دولة وما من هيبة لها وسلطان مع الفساد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram