TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > توارث الرئاسة ومزاعم الديمقراطية

توارث الرئاسة ومزاعم الديمقراطية

نشر في: 19 ديسمبر, 2014: 09:01 م

يبدو أن المعركة الرئاسية القادمة في الولايات المتحدة، ستنحصر بين عائلتين وليس بين حزبين كما جرت العادة، وهي ستكون بين مرشحة الديمقراطيين هيلاري كلينتون، زوجة الرئيس الأميركي الأسبق، والجمهوري جيب بوش، شقيق الرئيس السابق ونجل الرئيس الأسبق، وبما يعني أن المتنافسين ينتميان إلى عائلتين تطمحان إلى تبادل حكم الولايات المتحدة، لتعود إلى الحكم الأسري، كما كانت أيام البريطانيين، ذلك أنه قبل 240 عاماً انفصلت القارة الأميركية عن بريطانيا، متحررة من التبعية للندن، واليوم تقف أميركا على مفترق طرق قد تقودها إلى عودة حكم الأسرة، بانحصار المنافسة بين عائلتي بوش وكلنتون للوصول إلى البيت الأبيض.
هناك من سيقول إن من المبكر طرح الموضوع بهذا الشكل، غير أن استطلاعات الرأي تخبرنا أن كلينتون تحظى بتأييد 62% من الديمقراطيين، متقدمة بفارق 51 نقطة عن منافسيها المحتملين، بمن فيهم نائب الرئيس جوزيف بايدن، وهذه النتائج تضعها في موقع متقدم على أي مرشح للرئاسة في تاريخ أميركا الحديث، وأن جيب بوش يتقدم على الجمهوريين المحتمل ترشحهما للرئاسة، إنما بفارق أقل فهو ينال بحسب الاستطلاعات تأييد16%، في مقابل12% لمايك هاكابي و10% لحاكم نيوجيرسي كريس كريستي. أما في مواجهة بين الحزبين، فتتفوق كلينتون على بوش بنسبة 13 نقطة وعلى كريستي بنسبة 12 نقطة.
معروف أن عائلتي بوش وكلينتون، هما الأبرز والأكثر حضوراً في السياسة الأميركية، مع أفول نجم آل كينيدي، وانعدام وجود عائلات رئاسية منافسة، كلينتون تتحرك بنشاط في أوساط الأقليات، وبوش الثالث يسعى للظهور بمظهر مغاير لشقيقه وأقرب إلى والده، ويُقصى من دائرته الضيقة المحافظين الجدد، الذين هيمنوا خلال فترة الولاية الأولى لشقيقه جورج، والمهم أن الاثنين يحاولان توظيف رأسمالهما العائلي، في محاولة للعودة الى البيت الأبيض، بالبناء على الرصيد العائلي، وما يعنينا أكثر هو السياسة الخارجية لكليهما، وهي تبدو متقاربة حيال منطقتنا، وهما يطالبان بمواقف أقوى في سوريا، ودعم غير محدود لإسرائيل، وتمتين العلاقة مع الحلفاء التقليديين لواشنطن، والتشدد في الملف النووي الإيراني.
بوش الثالث لم يتوان عن تذكير الناخبين، حتى قبل أن يترشح رسمياً بنسبه الرئاسي العريق، إضافة إلى قدراته القيادية والثراء المادي، وبالطبع حب الوطن، وكلينتون التي تعرضت لمحنة خيانة زوجها الرئيس إبان حكمه، تستذكر تلك الفترة اليوم بالفخر ما حققته من إنجازات، وفي الأثناء فإن معارضي حكم الأسر يأملون بفشل الإثنين، ويراهنون على تكرار سيناريو عام 2008، حين قوض باراك أوباما آمال هيلاري بالوصول لموقع الرئيس، قبل أن يعود لتوظيفها وزيرة لخارجيته، وفي الأثناء فإن طامحين للجلوس في المكتب البيضاوي من الحزبين، يتحركون في كل الاتجاهات، فهناك من الجمهوريين كريس كريستي، حاكم ولاية نيو جرسي وراند بول، الذي يحظى بتأييد واسع بين الناخبين الشباب، الذين يأملون أن يقود حزبه المأزوم باتجاه جديد، ومن الديمقراطيين اليزابيث وارن التي تقف على يسار الحزب، ونائب الرئيس جو بايدن، المشهور بزلات اللسان، على أن لايغيب عن البال جون كيري، الذي خسر انتخابات 2004 أمام جورج بوش.
انحصار المنافسة على رئاسة أميركا بين العائلتين، دليل على إفلاس الحزبين اللذين تناوبا على حكم الدولة الأعظم، وهو يذكرنا بولاية بوتين الرئاسية الراهنة، التي كان قطعها عن ما سبقها، بتولي موقع رئيس الوزراء ناقلاً إليه صلاحيات الرئاسة، قبل أن يعيدها إلى موقعها مجدداً، وهو يتوج قيصراً في الكرملين، فعن أي ديمقراطية يتحدثون؟.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram